الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 23rd May,2005 العدد : 107

الأثنين 15 ,ربيع الثاني 1426

أعراف
ولازلنا نقول..
محمد جبر الحربي
كنا نقطع الفيافي بالصبر والقوافي، ونعبر البيد التي دونها بيد، ونهتدي في التيه، ونردُ الماء من الصخر الذي يتفجر أمام أحلامنا.
كنا نشبه أحلامنا.
وكانت أحلامنا كأيامنا دافئة، مشرقة، مكتنزة، جميلة كهند، وخولة، وبثينة، ودعد. كنا نركض سباق المسافات الطويلة، رافعين راياتنا الجليلة، نجتاز الحدود، قاصدين قمم الجبال السود، لا تكل دواخلنا، ولا تمل أقدامنا من الصعود.
ولما ضاقت المسافات، وفات ما فات، وطلب منا المخطوفون بألوان غيرهم أن نغير جلودنا، وعقولنا، مشيتنا وترابنا رفضنا. لأننا وببساطة نحب ترابنا ومشيتنا. ونحب لغتنا المبينة، وصباحاتنا السمراء، وشعرنا، وقهوتنا.
ونجل أوطاننا ولا نقبل أن تصبح (ملطشة) للغريب، والقريب الغريب.
قلنا لا يموت الحلم، ولا تموت الأرض، ولا يموت الحق، ولا يموت الخير، ولا يموت الجمال.
وقلنا لا يعيش الإنسان إلا واقفا عزيزاً كالشجر الحر.
وقلنا مع ناجي العلي لا لتكميم الأفواه، ولا لكاتم الصوت، فاغتاله الظلام ولكن صوته بقي عالياً مضيئاً؛ لأنه كان صوت الناس، والحق، والعدل؛ ولأنه كان صوت الأرض، فلم يفرط في ترابه من أجل خاطر العيون الزرقاء، أو لخاطر بريق الدولار الأخضر.. وياليته يراهم اليوم وهم يفرطون في كل شيء راكضين خلف سراب التيه.
وقلنا لا لتتفيه القضايا، ولا لتتفيه الثقافة، ولا لتتفيه الإعلام.
وقلنا لا لإلغاء الهوية، ولا للتنازل عن الهوية، ولا لتزوير الهوية. وقلنا لا للظلمة والعتمة فافتحوا النوافذ للشمس شمسكم قبل أن تحرقكم شموس الآخرين ونيرانهم..
وقلنا عليكم بالتعليم والإعلام قبل أن تجتاحكم الأمم بغسيلها.
وقلنا يا أمتنا اتركي مجالاً لأبنائك وبناتك أن يبدعوا، واتركي لهم مجالاً، أو في الأقل هامشاً، للتعبير والتجريب والتحليق واكتشاف الفضاءات لكي لا ينتكسوا أو ينحرفوا أو ينضووا تحت لواءات ومغريات الغير.
وقلنا اجتثوا الكراهية والحقد وعلل الأنفس المريضة والقبيحة التي تؤذي، وتتعمد الأذى، وإن لم تستطع إلى ذلك سبيلاً فإنها تستعدي، وتشيع الضرر..
تلك التي لا تنفك تتقلب وتتلون كل حين، ولكنها تظل على أذاها الأول، واستعدائها القديم.
وقلنا إن الحل في الحب.. فعلموا أولادكم الحب، وأشيعوه، وعالجوا به، وهذبوا به، واغسلوا به بيوتكم وطرقاتكم، أصحابكم وأعداءكم.
قلنا وقلنا، ومازلنا نقول الجمال ونكتبه منذ ربع قرن. لا تمل خيلنا، ولا يذوي صهيلنا، ولم تستطع العداوات ولا الاستعداءات أن تقودنا إلى الكراهية، أو أن تنزع منا برماحها أغصان الحب. هكذا كنا ومازلنا:
في العمق منا أنهر ما مسها بشرٌ
ولا اغتسل الحمام على جدائلها
في كل مرتفعٍ
زمن ومتسعٌ
ولكم نحار على
أي الصخور بنا
ترتاح غيمتنا
نزاوج بين عصفورين في حلمين
أو حلمين في وطنين
أو وطنين مشتعلينْ
نرفع إصبعاً في واجهات الريح
نصرخ عالياً في الريح
نطلقها
هي الكلمات أسراباً سنطلقها
فلا تُردى بقائلها
ولا تُردى بقاتلها
تطير.. تطيرُ
ما انفكت عن الطيرانِ
في صحراء لا تبدو
وإن تبدو لنا في آخر المشوار غيمتنا
ونجمتنا
وما كنا له يوماً
وما جئنا له من داخل التاريخِ
أطفالاً لنا الأسماءُ
ما اخترنا لها وطنا
ولا اختارت لنا زمنا
نطيرُ.. نُطيِّر التاريخَ
واكبدي على التاريخِ
واكبدي من التاريخ واكبدي.


mjharbi@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved