الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 23rd May,2005 العدد : 107

الأثنين 15 ,ربيع الثاني 1426

من الحقيبة التشكيلية
من أجل الأيتام التشكيليون يُساهمون بكامل أسعار لوحاتهم
محمد المنيف

يُقام حالياً في قاعة المعارض بمتحف الملك عبد العزيز التاريخي معرض تشكيلي أعدَّته الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام (إنسان) اشتمل على أكثر من مئة عمل تشكيلي تعدَّدت مضامينها وتقنيات أدائها. يأتي هذا المعرض دعماً خيرياً للأيتام يسجِّله التشكيليون كعادتهم موقفاً يتكرر في كل وقت أو في كل مناسبة مماثلة يُدعون إليها، ومنها ما تم سابقاً من دعم للبوسنة والهرسك ولأطفال الانتفاضة الفلسطينية، أو ما أُقيم من معارض لدعم جمعية أصدقاء المرضى. كما كان أيضاً للفنانين موقف رائع مع زميلهم الرائد التشكيلي الراحل محمد السليم، مع ما يُقام من معارض فردية تبرَّع أصحابها بجزء من ريعها لعدد من المؤسسات الخيرية. الجميل في الأمر أن غالبية الفنانين في هذا المعرض تقدَّموا بوضع نسب كبيرة للأيتام من عائدات مبيعات لوحاتهم، ابتداءً من أربعين في المائة فما فوق، إضافة إلى أن بعض الفنانين تبرعوا بالثمن كاملاً، وهذا في حد ذاته موقف رائع ورائد لكل المبدعين.
***
حتى لا يكون استجداءً
كثيراً ما تحدثنا وطرحنا مواضيع سابقة حول هذه المواقف والمبادرات الإنسانية التي لا يتخلف عنها الفنانون التشكيليون أو يتغيبون بقدر ما نجدهم أكثر حماساً واستجابة للدعوة، لهذا تأتي مطالبتنا لهم بألا يؤخذ عليهم أي قصور أو تقصير أو أن تكون مشاركاتهم مصدر اتهام بأنهم يستغلون مثل هذه الفرص لتسويق أعمالهم على حساب مثل هذه الفئات المحتاجة، وأكَّدنا على أن نجاح المساهمة والمبادرة والاعتزاز بها يكمن في أن يقدم الفنان اللوحة أو اللوحات أياً كان عددها كاملة للمعرض معلناً تنازله الكامل عن المردود المالي الذي يأتي منها، وخصوصاً أن غالبية الفنانين في بلادنا غير متفرغين كلياً للفن، بمعنى أنهم لا يعتمدون عليه في معيشتهم، فهم موظفون في مختلف قطاعات الحكومة، ولهذا أصبح التبرع بالمبلغ فرصة لكسب الخير وتقديم ما يجدونه في الآخرة من مثوبة لا يعادلها أي رقم مادي في الدنيا.
ورش عمل على هامش المعرض
من الأنشطة والفعاليات المقامة على هامش المعرض يقوم الفنان سعد العبيد بتقديم خبرات وتجارب في مجال الفن التشكيلي لعدد من الأطفال الأيتام تشتمل على كيفية الرسم والتلوين. وهذه خطوة رائعة وغير مستغربة من الزميل أبي عبد الله، كما أنها خطوة جريئة من منظِّمي المعرض نتمنى تكرارها في المعارض الأخرى.
أسماء وأعمال على مستوى المملكة
الجدير بالذكر أن المعرض أُعلن عنه في الصحف المحلية منذ فترة طويلة، وتلقت اللجنة المنظمة للمعرض المكونة من عدد من التشكيليين، منهم الفنان سعد العبيد والفنان أمد السلامة والأستاذ عبد الرحمن العليان مدير قاعة شدا للفنون، مشاركات من مختلف الفنانين والفنانات، منهم أسماء معروفة على مستوى الفن التشكيلي المحلي، ومنهم أسماء جديدة شُكِّلت لاختيار أعمالهم لجنة مكونة من فنانين تشكيليين لهم من الخبرات والتجارب ما يُعينهم على تحديد العمل المناسب للعرض دون غيره، منهم الفنان عبد الجبار اليحيا والفنان محمد عبد المجيد فضل وغيرهما.
معرض تشكيلي مصري
أقيم ضمن مهرجان السياحة والتراث المصري خلال الأيام الماضية في بهو الخزامى بالرياض معرض تشكيلي، تنوعت فيه الخامات والأساليب بين ألوان زيتية وأعمال خزف ورسوم بالأقلام الرصاص وضم نخبة من الفنانين التشكيليين من مصر الشقيقة المتواجدين بالمملكة قدموا فيه عددا من الأعمال التي أكدت تمسك الفنانين هناك بموروثهم الفكري بكل أشكاله مع ما استلهم من مظاهر البيئة شكلاً ومضامين واقع طبيعي وحياة اجتماعية لا يجد أي زائر للمعرض صعوبة في معرفة لمن ينتمي أولئك لمبدعون وهذا أمر يشمل مختلف التشكيليين في مصر مهما تنوعت وتعددت أساليب تنفيذ أعمالهم التي وصلوا بها إلى العالمية ومنهم على سبيل المثال الفنان بهجوري والفنان أحمد نوار ووزير الثقافة فاروق حسني وغيرهم كثير من رواد هذا الابداع على المستوى العربي، شارك في هذا المعرض ستة من الفنانين منهم فنانتان توزعت أعمالهم في مساحتين الاولى تصدرت مدخل البهو والأخرى في صالة جانبية متوسطة المساحة إلا أنها ازدانت بما عرض فيها من أعمال.
معرضان ضمن المعرض العام
مع أن المعرض يظهر بشكل جماعي لستة فنانين إلا أن بينهم معرضين منفصلين من حيث العدد فهناك معرض للفنان الدكتور محمد عجاج ومعرض للفنان الأستاذ يحيى سعيد حيث قدم من جانبه مجموعة من أعماله القديمة بأقلام الرصاص والحبر الصيني يمكن إدراجها ضمن أعمال الجرافيك ظهر اثنان منها بشكل بانوراما رائعة أعتقد أنها كانت ضمن مشاريع تخرجه من الكلية ففيها الكثير من الجهد الشبابي الذي لم يعد يمتلكه الزميل يحيى خصوصاً بعد أن أخذته ظروف العمل بالمملكة وساهم فيها بمنح الكثير من طلبته شيئا من تلك التجربة مع بعض من الأعمال التي شاهدناها له سابقاً برزت كأغلفة قصص وروايات نشر شبيهاتها في صفحات جريدة الجزيرة كرسوم تعبيرية ويأتي عتبنا على الأستاذ يحيى لعدم تواجد أعماله في وقت سابق ففيها من العمل الاحترافي ما يجعل له تابعين وأرى أن تواجده في هذا المعرض مع أنه جاء متأخراً ما يعيد له وهجه المعروف حيث قدم الفنان محمد عجاج مجموعة تصل إلى 25 عملا تساوى فيها العد برقم المعرض.
أما الفنان د.محمد عجاج حيث يأتي معرضه هذا حاملاً الرقم ذاته الذي يقوم فيه بمعالجة القطع الخزفية بأعلى درجات التقنية في هذا المجال فقد برز فيها أنماط متعددة من تشكيل الطين الخزفي بأسلوب يجمع بين المعاصرة والانتماء للمحيط بملامح جذابة وتشكيل احترافي تميز به الفنان عجاج على مدى تعامله مع هذه الخامة وبدت أعماله جامعة بين الكتلة الفراغية المتعارف عليها في الخزف وبين اللوحة الزيتية والجرافيك من خلال ما أضفاه عليها من ملامح التصوير والرسم والحفر بالغائر والبارز وهي تجبر المشاهد على أن يمعن النظر في كل جوانب العمل وثناياه.
مشاركات أخرى
كما أن هناك من الفنانين المشاركين الفنان أحمد عبدالكريم والفنان راضي جودة، هما من استطعنا التعرف على أسميهما من خلال اللوحات بينما صعب علينا أن نحدد بقية الأسماء خصوصاً السيدات لعدم وجود كتيب أو بروشور شامل للمشاركين يمكن لأي زائر التعرف على الجميع من خلاله.
لقد قدم الفنان أحمد عبدالكريم عملين من أعماله التي عرضها سابقاً في قاعة شدا بأسلوبه المتميز الذي يحمل أبعادا فلسفية تحتاج إلى إعادة النظر كثيراً قبل الكتابة عنها مع أنني أعددت بعضا من الدراسة والقراءة الانطباعية أتوقع أنها تلامس تلك التجربة من منطلق اعتزازي بها وإعجاب الكثيرين أما الفنان راضي جودة فقد كشف الوجه الآخر الجميل المغيّب في معارض سابقة خصوصاً التي قدر لي مشاهدتها ومنها أعماله بورق ومخلفات الكرتون ففي أعماله في هذا المعرض ما يدفعنا للإعجاب فقد أزاح الكثير وقرب المسافة بين ما نعرفه وبين ما كان يجب أن نتعرف عليه في تقنياته واختزاله الفكرة وإخراجها بهذه الصورة عودا إلى مرجعية بصرية وثقافة واعية لا تحتاج منا لأن نتحدث عنها فقد قالت ما تريده وأوصلت رسالتها البصرية بكل جدارة.
المصريون تسكنهم
الأرض والجمال
مع أن المعرض يعتبر حدثا جميلا وهاما في ساحتنا التشكيلية مع تواضع الجانب العددي أمام ما نعرفه عن مصر من أسماء كثيرة وكبيرة إلا أنه يبقى جميلا ورائعا بما نجده من فرصة للحديث عن الانتماء والاستلهام والخصوصية في الفن وأهمية هذا الانتماء وكيفية الاستلهام وتوظيف المفردة حيث نجد في الفن التشكيلي المصري ابتداء من رواده مروراً بأجياله المتلاحقة وصولا إلى أجياله الشابة وقد حقق الفنانون المصريون تميزاً كبيراً في هذا الجانب وأكملوا مسيرة من قبلهم من كبار الفنانين على مر التاريخ حيث نجد ملامح الصورة المصرية المستلهمة من التراث البصري والتاريخ لمختلف حقباته التي مرت بها أرض الكنانة العظيمة يتردد في كل جزء من لوحاتهم، هذا الاحتواء والاخلاص يشاركهم فيه أيضا الفنانون في العراق وفي السودان وهذه قمة الخصوصية وقمة الاعتزاز بها.
إذاً السؤال يطرح نفسه ونطرحه للفنانين المحليين، متى نجد خصوصيتنا من بين هذا الزخم من أنماط الابداع لكل وطن؟ وماذا أعددنا للعولمة القادمة التي تسعى لالتهام الأخضر واليابس؟ وهل نعي ما نقدمه من أعمال لا رائحة أو طعم فيها للموروث؟ وماذا عن اهتمام الآخر بما قدم من أعمال خارجة عن الإطار أو الهدف المطلوب منها فمنحت الجوائز العالمية؟ وهل هناك بارقة أمل في أن تخرج لنا الساحة أعمالا تلبي الرغبة وتؤكد الانتماء؟


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved