الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 23rd May,2005 العدد : 107

الأثنين 15 ,ربيع الثاني 1426

العولمة وتحولات العالم
إشكالية التنمية في زمن العولمة وصراع الثقافات

المؤلف: محمد محفوظ
الناشر: المركز الثقافي العربي الدار البيضاء المغرب الطبعة الأولى 2003م
عدد الصفحات: 144 صفحة، القياس: 17X24
المحتويات: مقدمة ومدخل وفصلان وخاتمة.
عرض: عبد المجيد محمد الجلال
*****
احتوى الكتاب على (عشر مقالات) هي محاولة كما قال الكاتب لرصد بعض التحولات التي تجري في سياق العولمة، وسبل صناعة القوة الذاتية في المجالين العربي والإسلامي للتعامل الإيجابي مع تحولات العولمة وتحدياتها وآفاقها، ومع نظام دولي جديد يستند إلى ثورات معرفية وتقنية وصناعية هائلة، وتحولات سياسية وثقافية واقتصادية عميقة. ففي قراءته (للعولمة الثقافية) يربط الكاتب بين النجاح في مسار العولمة على المستوى الاقتصادي والسياسي والحضاري، وتوفير (شروطها الثقافية والمجتمعية) وتحديداً الاعتراف بالتمايز الحضاري والتعدد الثقافي (الخصوصية الثقافية) بمرجعياته العقدية والفكرية والتاريخية.. وبدون ذلك سيبقى مشروع العولمة في جوهره محاولة غربية (لغربنة العالم) وتكريس هيمنته الحضارية والسياسية والاقتصادية (نمط الإقصاء والنفي للحضارات الأخرى).
وعن الاستفادة من كل الفرص التي توفرها العولمة في المجالين العربي والإسلامي، ومواجهة الاختراقات المعرفية والثقافية (الغربية) يقترح الكاتب بلورة استراتيجية متكاملة قادرة على استيعاب المتغيرات وإحداث التحولات النوعية اللازمة، وعلى إعادة بناء الفضاء التعليمي والتربوي بما ينسجم ومتطلبات التنمية، والانخراط الفعال في مشروع العولمة، وتستند هذه الاستراتيجية إلى الهوية الذاتية والوطنية (عناصر الثقافة الوطنية) كناظم لحراكنا الاجتماعي والثقافي، بإطلاق الحرية لها لتمارس دورها الثقافي والمعرفي، وللتواصل كذلك مع الثقافات الأخرى، إذ إن إغلاق النوافذ، ومنع التفاعل مع هذه الثقافات إفقار للوجود الذاتي.
وعن قراءته لدور (رجال الأعمال) في المجالين العربي والإسلامي في عصر العولمة والسوق الحرة يدعو الكاتب إلى تحويل الشركات والمؤسسات الاقتصادية الشخصية أو العائلية إلى (شركات مساهمة) لتوسيع قاعدتها الاجتماعية، وتوظيف مدخرات المواطنين في مشروعات ومؤسسات إنتاجية تخدم حاضر الوطن ومستقبله، وإلى الدخول كذلك في اندماجات وتكتلات، فالشركات والمؤسسات العملاقة ذات التأثير الدولي في عالم اليوم عالم التكتلات والتجمعات الاقتصادية والتجارية لم تتشكل من جهد فردي فحسب، وإنما عن طريق اندماج الكثير من الجهود الفردية والمؤسسات الصغيرة، ولعل هذا التوجه يحتاج إلى إرادة سياسية مستديمة، فضلاً عن وعي وإدراك لجوهر التحولات في الاقتصاد العالمي.
وفي مقال آخر، وقراءة أكثر توسعاً من سابقتها، يقدم الكاتب (رؤية أولية) لسبل صناعة القوة العربية الكفيلة لاكتساب موقع متميز ومؤثر في النظام الدولي الجديد تتمحور حول (إعادة النظر) في (الرؤية العربية) لمفهوم النظام الدولي وتأثيراته الإقليمية واعتماد (مشروع حضاري) يتم العمل من خلاله على تطوير أدوات العمل العربي الدولي وأساليبها ومؤسساتها، وتوفير قواعد اقتصادية وسياسية وطنية لاستيعاب آليات فعله، والتكيف مع متطلباته، وتوفير كل الشروط الضرورية لاستيعاب تطورات هذا العصر وتقنياته، واتخاذ خطوات عملية ونوعية تعمق من خيار التعاون والتضامن وتشابك المصالح الاقتصادية والتجارية، وبما يسمح بخلق المزيد من (الاندماج والتكامل) بين الاقتصاديات الوطنية والقومية والشركات الكبرى، وفتح العديد من الآفاق الجديدة على مستوى العمل والإنتاج، وحركة الاقتصاد والتجارة.
وفي رؤيته هذه، يدعو الكاتب كذلك إلى صياغة ثقافة سياسية جديدة، وإعادة إحياء (للمسألة المدنية) لإرساء (الديمقراطية وحقوق الإنسان) وتثبيت قيم الحوار والتلاقي والتفاهم والتعاون والتضامن داخل المجالين العربي والإسلامي، ونبذ (الإقصاء والتكفير) الذي يهدد كياننا بالوهن، ويضعف قدرتنا على التواصل الداخلي الذي هو قوام أي تواصل مع الآخر من خارج حضارتنا. فتوظيف التحولات الكبرى بما يخدم قضايانا الحضارية والإنسانية يتطلب وجود الإنسان الحر والمجتمع الحر الذي يتمكن من إدارة تنوعه بعقلية حضارية (عقلية الحوار والاستيعاب لا بعقلية الصمت والإلغاء) تعلي من شأن الإنسان وحقوقه، وتصون كرامته ومكتسباته، وتجذر خيارات الحوار والتعددية والتسامح، بدل العنف والإقصاء والأحادية، في أطر ومؤسسات تتجاوز (الأنا الضيقة) وتنقح على رحاب الجماعة والفعل المؤسسي بكل آفاقه ومتطلباته. ويعول الكاتب، هنا، على مادة (الثقافة العربية) بما تمتلك من إمكانيات وطاقات وتأثير في الحياة الاجتماعية، للنهوض بالواقع العربي، لترسيخ قيم ثقافية جديدة، تتواصل مع الواقع بعناصره المتعددة، وتضفي عليه علاقة معرفية عليا، تستوعب تطلعات الأمة واختياراتها الكبرى، في عصر العولمة وتقنيات المعلومات والإعلام والاتصال.
وجماع القول كما يقول الكاتب ضرورة العمل على إعادة ترتيب أحوالنا، وتحديث هياكلنا، ومؤسساتنا، وتجديد ثقافتنا، وأفكارنا، للتعامل مع العولمة وتحولاتها وتحدياتها، والتسلح في ذلك بأدوات ومفردات تحليلية جديدة، وبعقلية غير (عقلية المؤامرة) كالنظر إليها باعتبارها مشروع لإقالة الدولة من وظائفها الأساسية، لصالح الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى وبما يسمح بالتالي من الاستفادة من المكاسب الحضارية وتهذيبها، وفق روح الإسلام وقيمه الكبرى، بتجاوز سلبيات الحداثة الغربية، واستيعاب عناصر الإيجاب في مسارها لتحقيق عملية التراكم المطلوبة في عملية التقدم الإنساني، وبعبارة أدق الانفتاح على الحضارة الحديثة دون تقليدها والذوبان فيها، ولقد كانت قوة الإسلام في الماضي نابعة من قدرته على أن يتأقلم مع الظروف المتغيرة، وأن يتماشى مع التاريخ، وينفتح بالمرونة المطلوبة مع كل أنواع التبادل والتواصل الإنساني الفكري والروحي.
وعليه، فإن تجديد رؤيتنا وفهمنا للإسلام هو سبيلنا لتجاوز حالة الشعور بالعجز وانعدام القدرة أمام التحولات الهائلة التي تجري في العالم على مختلف الصعد والمستويات.
ويخلص الكاتب إلى أن الانحسار الحضاري الذي نعاني منه يرجع بالأساس إلى (أزمة فكر أولاً: وقبل كل شيء).
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved