الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 23rd June,2003 العدد : 17

الأثنين 23 ,ربيع الثاني 1424

"الحزام"
لأحمد أبو دهمان
صالح أحمد القرني*

من الأسماء التي سطعت مؤخراً في الرواية السعودية أحمد أبو دهمان، حيث لاقت روايته رواجاً لم يكن في الحسبان، وتفاجأ بانتشارها السريع في فرنسا المجتمع الذي يقرأ ويتلقف كل جديد، متوجهاً إلى القارىء الفرنسي بنص سيرته متشظية يتفجر حميمية نحو الماضي بكتابة فلكورية عن عادات وأساطير القرية!!
ومن ثم قام بترجمتها إلى اللغة العربية وفي الترجمة إثراء للفكر الإنساني، لكنه بهذه الترجمة التي بدت مرتبكة نوعاً ما من حيث تعدد الشروحات وكثرتها في الرواية التي بطبيعة الحال أفقدت القارىء العربي متعة التواصل القرائى!!
وفي اعتقادي أن الذي انقذ النص العربي ركيزتان تجذبان القارىء إليها:
الركيزة الأولى: الخيال الشعري واللغة الشعرية، وبروح الشاعر يحلق بنا أبو دهمان في عالم القرية متنقلاً بنا من عادة لأخرى ومن حكاية لأخرى وبلسان الأمم التي ترفده بالشعر والغناء والتي تغذيه بالنشيد وتفجره لنسمع صوت الراوي: (ليلتها أدركت بأن أمي ستعاقبني بالغناء لأنها كانت تعرف كيف تفجرني بالنشيد، بكيت ووعدتها أن أكف عن مشاحنة أختي إلى الأبد: (أختك أغنية، قل لي كيف يمكن لأحد أن يضرب أغنية) الرواية 50.
نحن بحاجة إلى الغناء لغسل الغناء، وخصوصاً هذه الفترة، فترة العزف الأمريكي على قيثارة العراق، والعراق يغني الآن.. والغناء يمتد والعزف يتواصل مرهفين له الأسماع!!
والراوي عندما يشعر بالمعاناة والألم يغني؛ ليتخذ منحنى آخر يترادف والمعاناة في الرواية.
أما الركيزة الثانية: يأتي على الجانب الأسطوري وهنا لا اتساءل عن مدى توظيف الأسطورة والحديث عن الجانب الأسطوري ثر وغني في الرواية حيث تطرق الراوي إلى أسطورة الأسنان والشمس والقمر والثعابين، ولكن سأعرض أسطورة تناقلتها الشعوب القديمة وشكلت لدينا عبر الثقافات المختلفة والقراءات المتعددة مفاهيم متنوعة عن هذه الأسطورة ومتجددة لتجدد الزمن واختلاف الثقافة البيئية لذلك يقول الراوي:
وقد روى لي أبي أسطورة أخرى وهو على قناعة تامة بصحتها، يقول: إن القرية كانت غنية بالثعابين من كل نوع منها (الملائكة) كما يسمونها، المتصيد والأسود وغيرها، أما الملائكة فهي تلك التي ترفع رأسها عالياً عن الأرض عندما تلتقي بإنسان، وقد اعتاد الناس احترامها وتلافي إيذاءها أو قتلها، لأنها عندما ترتفع فإنما تطلب السلام وتُشيعه، في حين أن الأسود إما أن يقتل أو ينتحر، ومن هنا تعلم الإنسان من الثعابين معاني ورموز السلام والحرب). وفي مكان آخر يتحدث الراوي عن الجني الذي يتجسد على هيئة ثعبان الذي يحرس المبالغ في الجبل) الرواية 143.
وأسطورة الحية التي تعني تجدد الحياة وتكون رمز الخلود كما هو موجود في ملحمة جلجامش عندما أكلت الأفعى العشبة السحرية التي تطيل العمر، وتمنح الخلود في الحياة وتجدد جلدها(1).
والحية تجدد جلدها كلما كبرت وشاخت ومن هنا تأتي الدلالة على الحياة وكذلك الإنسيابية في الحركة دلالة على الاستمرار.. ولو عدنا إلى المنحوتات في الثقافة البابلية والإغريقية لوجدنا بعض الرسومات التي تجعل من الأفعى رمزاً للخلود والحياة ونرى التعددية بحسب النوع عند أبي دهمان وربط (الملائكي) بالسلام والحرب.
أما أسطورة الثعبان الذي يحرس الكنز أو غدير الماء فهي سائدة وما زالت قائمة في بعض الثقافات المتعددة.
وفي أشار سريعة إلى دلالة (الحزام) في الرواية فإنه يمثل دلالات مختلفة منها حكيم القرية (حزام) المتمسك بالعادات والتقاليد و(الحزام) الذي يوضع على الخاصرة حاملاً الخنجر والجبال التي تحيط بالقرية قد تمثل (الحزام) كما العادات والتقاليد والمفاهيم المنغلقة التي قد تكون (الحزام)!!
فالكاتب أوقعنا في حيرة حيث اختار (الحزام) عنوان روايته ليدخلنا في متاهة الدلالة!!
والرواية بشكل عام نص إشكالي يثير لدى المتلقي الأسئلة كما أنه كتب بلغة طيعة وخيال واسع وهو في غنى عن التوثيق الاجتماعي المتصاعد بتقريرية واضحة وكذلك المقدمة والخاتمة!!
+++++++++++++++++++++++++++
(1) انظر ملحمة جلجامش فراس السواح. 262
* كاتب قصة / تعليم جدة
+++++++++++++++++++++++++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved