عندما يتحدث المرء عن (الرواد) فسيسوقه الكلام للإشارة إلى نهضة هذا البلد وتقدمه، وعن الواجهة الحضارية المشرقة التي تزين وجه مملكتنا الغالية فنباهي بها الأمم والمجتمعات في المحافل والمهرجانات، فهؤلاء الرواد هم الجزء (الحي) المحسوس من حضارة هذا البلد ونهضته.
أ.د. محمد بن سعد بن حسين.. الأديب والمؤرخ والأكاديمي (الفذ)، كان له دور أساسي فاعل في خلق ملامح الثقافة السعودية في زمن كانت فيه الثقافة (المحلية) عائمة وغير مكتملة الملامح، فكان بعض الأدباء والمثقفين العرب المقيمين في هذا البلد يحاولون إجهاض أي محاولة جادة لرسمها وتثبيتها، فهم يريدون لهذه الثقافة أن تكون نسخة (مقلدة) من تلك الثقافات المجاورة (الحية)، ولهم في ذلك مآرب متنوعة (عديدة) لا يسمح المقام بذكرها، ولعل كتاب (الأدب الحديث تاريخ ودراسات)، يثبت الكثير من الحقائق التي حاول هؤلاء طمسها وإبعادها عن ساحة الحقيقة.
ابن حسين العلم الذي تلقى علومه الأولية في بلدة عودة سدير ومن ثم أكمل تعليمه بالرياض ومكة المكرمة والطائف، عندما التحق بدار التوحيد عام 1371هـ، ومن ثم بالمعهد العلمي بالرياض عام 1372هـ، وخلال هذه الفترة تتلمذ على أيدي علماء كبار أشهرهم فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل شيخ -يرحمه الله -، فثقافته تراثية تأصيلية قوية شملت علوم الدين واللغة، ومن يقرأ مؤلفاته يلحظ كل هذه الأمور بسهولة، ومما يميزها وجود النفس السعودي الذي ينبثق من بين أسطرها، فإصداراته خالية تماماً من الكدر والتقليد الذي سيطر على العديد من الكتب (السعودية) لتنتقل من صفتها المحلية فتكون نسخة (مقلدة) لتلك الثقافة المجاورة أو البعيدة عن قيمنا التأصيلية (الخالدة).
إنها وقفة حق وصدق ووفاء لرجل عظيم نبيل بذل نفسه للعلم ولطلاب العلم فالذي يعرف د.ابن حسين، سيفهم كلامي جيداً ويعرف مدى التضحيات والكفاح العلمي الذي بذله هذا الرجل لخدمة دينه ووطنه.