Culture Magazine Monday  23/07/2007 G Issue 208
فضاءات
الأثنين 9 ,رجب 1428   العدد  208
 
جماليات فن المقالة «2-2»
2- تقنية الكتابة
منيرة المبدَّل

 

 

نقطة ضوء:

(قد يظن أحيانا أنها - أي المقالة - ضرب هين من ضروب الأدب لا يدنو من القصيدة والقصة والرواية، والواقع عكس ذلك، لأنه أرفع الفنون هو ما خفي فنه على النظرة العابرة، فما أكثر من ينجح في كتابة القصة أوالقصيدة! وما أقل من يجيد كتابة المقالة، وشأن الذي يستخف بما تطلبه المقالة من فن كشأن الذي يظن أن الشعر المرسل أيسر من القصيد المقفى..)

د. زكي نجيب محمود

تنهض الكتابة المقالية اليوم على الكثير من التقنيات الفنية، ومنبع هذه التعددية تعالق جنس المقالة بأجناس نثرية أخرى - وهو ما ثبت في مقالتي السابقة - إذ إن من تبعات هذا التعالق او التقاطع ان منحت المقالة فضاء رحبا في جانب الأسلوب الفني إلى جانب الطرح الموضوعي.

والمقالة بوصفها أدب فكرة تميل في الغالب الأعم للكتابة التقريرية المباشرة، بغية إيصال الفكرة الى ذهن المتلقي بأيسر الطرق وأوضحها!

وتأتي تقنيات السرد والخطابة والتداعي أو الاستدعاء كعوامل داعمة للمقالي في سبيل ترجمة الفكرة وعملية إقناع المتلقي - القارئ بها، يضاف إلى ذلك جمالية الأسلوب والمتعة الفنية.. وتعد هذه التقنيات المتعددة وليدة العصر الحديث، والرغبة الذاتية من الكتّاب أنفسهم في دخول مضمار التجريب في تقنيات الكتابة..

على أن أكثر من يستخدم هذه التقنيات، هم الكتاب الذين يكتبون أكثر من جنس أدبي في الوقت نفسه بمعنى المقالي الروائي او الشاعر.. حينما تدنو مقالاتهم من أعمالهم الإبداعية الأخرى، كما قد لا تظهر هذه التقنيات في مقالة واحدة، ولا عند كاتب بعينه!

وهذه التوليفة الأسلوبية للكتابة المقالية توقع في شرك تحديد هوية النص، في حين تعيش المقالة كغيرها من الأجناس الأدبية في حالة من الذوبان الأسلوبي، أو ما يسمى ب(تداخل الأجناس الأدبية)، وكأننا في حضرة (عولمة أدبية)!

إلا ان هذا التداخل والتعدد في سبيل كتابة المقالة وتقنية الطرح أسهم في إلباس هذا الفن لبوساً موشياً، وإكسابها جمالية قد تنفرد بها عن سواها من الفنون!

في الوقت الذي يُعدّ فيه تمكن المقالي من تقنية الكتابة، واستخدام الأسلوب الأفضل لمقالته تحديا كبيرا يترتب على ذلك نجاح المقالة من عدمه؟! إذ قد يخسر الكاتب فكرة جيدة بسبب الإخفاق في طرحها بتقنية مناسبة، أو عدم تمكنه من مهارة الكتابة الفنية بالقدر الكافي الذي يؤهله أن يمنح المقالة جمالية الشكل الفني.

وهنا يأتي دور ثقافة الكاتب المقالي بفن المقالة، وممارسة الكتابة بوعي ليتمكن من تحقيق مراده!

وفن المقالة بوصفه فنا يواكب مختلف البيئات الزمانية والمكانية، نال نصيبه من التكنولوجيا العصرية، والزمن الالكتروني، فكان أن خرجت (المقالة الالكترونية).. إذ يحاول بعض المقالين التجديد في إخراج المقالة فنياً ورصف كلماتها بتوزيع يراعى فيها التشكيل البصري، من خلال تقسيم المقالة إلى فقرات أو فواصل، وكذلك كتابة التأملات والحكم في بداية المقالة أو خاتمتها ككتابة تناصحية دالة تضيء مضمون المقالة وتتناسب مع مادتها.. وفن المقالة - في ظني - من أكثر الفنون استيعابا لكل صور التجديد والتجريب في بنائه الفني، ما لم يتماس مع مقومات الفن الرئيسة، كفن يقوم على الفكرة والرؤية، ثم يأتي الفن والشكل، إذ تأتي وظيفة الفن في خدمة الفكرة أولاً، ثم المتعة الفنية ثانياً..

***

وختاماً يمكننا القول: إن استيعاب فن المقالة الموضوعي والفني كان عاملاً قويا حفظ لفن المقالة مكانته الفكرية والأدبية والجمالية عبر الأزمنة الطويلة مقارنة بالفنون الأخرى..

انتهى.

باحثة مختصة في دراسة فن المقالة mon2266@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة