الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 23rd August,2004 العدد : 73

الأثنين 7 ,رجب 1425

هؤلاء مرُّوا على جسر التنهدات
رجُل الأدب الإسلامي ((22))
بقلم/علوي طه الصافي

وأعرف أن الشيخ (أبا الحسن الندوي) أنشأ (رابطة الأدب الإسلامي العالمية) في الهند ووضع مواد منهاجها، وقواعد نظامها، ولها موقع على الإنترنت، والفقرة الثانية عشرة من قواعدها تنص على أن الأدب الإسلامي (يفتح صدره للفنون الأدبية الحديثة، ويحرص على أن يقدمها للناس وقد برئت من كل ما يخالف دين الله عز وجل ، وعنيت بما في الاسلام من قيم سامية وتوجيهات سديدة).. ونحن لسنا هنا في معرض مناقشة نظامها لافتقارنا إليه.
وقليل من يعرف أن لهذه الرابطة فرعاً بالمملكة يرأسه الصديق الدكتور (عبد القدوس أبو صالح)، وأن لها مجلة دورية باسم (الأدب الإسلامي) هذه المجلة التي لا ترسل للأدباء والنقاد لتقريبهم إلى (الأدب الإسلامي)، كما أن الفرع يعيش حالة غياب منبري، وإعلامي عن المشهد الثقافي في المملكة، مما يشككنا في الانتشار والذيوع، وإثبات الوجود بإصدارات متتالية، وهذا لا نسمع عنه، ولكي يكون للأدب الاسلامي مكانه ومكانته، وأثره وتأثيره فيجب أن يبتعد أعضاء الرابطة عن تسفيه الرأي الآخر، ويجب أن تحمل ردودهم تعاليم وقيم الإسلام بعيداً عن النظرة الاستعلائية وتوجيه التهم جزافاً، والقاعدة الذهبية تعني أنه لكي يكون صوتك مسموعاً فيجب أن تصغي لأصوات الآخرين!!
وفي رأينا ما دام توجد ظواهر أدبية في عالمنا العربي، وفي العالم مثل (الأدب القومي)، و(الأدب الشيوعي) و(الأدب الوجودي)، و(الأدب الاشتراكي) فلماذا ينكر الآخرون وجود ظاهرة (الأدب الإسلامي)؟
وإذا كان لكل ظاهرة أدبية مكانها، وزمانها، وأهلها، فإن (الأدب الإسلامي) يفترض فيه تجاوز الحدود الزمكانية ليصبح (أدب الإنسانية) لكن المهتمين والمنتمين إليه تقوقعوا على أنفسهم وحولوه إلى (أدب إداري بيروقراطي) ونحن هنا نتحدث عن فرع الرابطة في الرياض الذي رغم مرور عدد من السنين على إنشائه لم نلمس تواصله بالأدباء والندوات والأمسيات والمحاضرات التي تقام في المملكة، كما لا نعلم أخباراً عن علاقاته بالمؤسسات الثقافية كالأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة والفنون والمكتبات العامة الكبيرة، وأخشى أن يكون الفرع كالقنصليات الدبلوماسية مكتفية بالمقر، واليافطة، وإصدار مجلة محدودة التوزيع والانتشار. وهنا نتوقف استحثاثاً لهمم العاملين في الفرع فنحن في عصر الإعلام، والوصل، والاتصال، ولكي يكون فرع الرابطة مؤثراً وفعالاً فيجب أن يكون له أثره وتأثيره، وعلاقاته التي يستقطب بها الآخرين، أما في الهند وغيرها فلن تكون معلوماتنا عنها بأكثر من معلوماتنا عن الفرع الذي يقع في مدينة الرياض التي نعيش فيها دون معرفة عنوان مقره (والله المستعان).
وحين نعود لصديقنا الدكتور (حسن بن فهد الهويمل) عضو رابطة الأدب الإسلامي بالانتماء مما يجعلنا جميعاً أعضاء في الرابطة (من منازلهم)!! لقد كنا نلتقي كل أسبوع على صفحات جريدة (الرائد) لصاحبها أستاذنا (عبد الفتاح أبو مدين) في أوائل الثمانينيات الهجرية.
ثم حين جئت إلى الرياض، وأصبحت رئيساً لتحرير مجلة (الفيصل) كان يبعث ببعض موضوعاته التي توحي بتوجهه الإسلامي، وبخاصة عن الشعر السعودي، كان يبعثها من (بريدة) بعد أن حصل على شهادة الدكتوراة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد دعاني إلى إلقاء عدد من المحاضرات في (نادي القصيم الأدبي) وبعض الندوات مع آخرين.
وفي آخر محاضرة لي في النادي التي كان عنوانها (الرواية والقصة القصيرة في منطقة جازان) فوجئت بعدم استقبالي من أي فرد من أفراد النادي. ولم أهتم بالأمر معتقداً وجود التباس في الأمور، وكان اعتقادي في محله، لأنه اعتقد أنني سأحضر بعائلتي كما فهموا في النادي بينما ما قصدته هما نجلاي (صافي وطه) وأعددت الموضوع منتهياً من جانبي.
لكن ما فوجئت به أنهم لم يكتبوا بطاقات دعوة للمحاضرة؛ مما جعل الحضور محدوداً فلم أهتم أيضاً، وقلت في نفسي: (كل ما يفعل المليح مليح) لكن هذا المليح فاجأني بما صدمني أثناء دخولي قاعة المحاضرات، إذ قرأت عنواناً طويلاً عريضاً للمحاضرة يحمل غير عنوان محاضرتي هذا العنوان كان (الرواية والقصة القصيرة في المملكة) فأسقط في يدي، واحتراماً للنادي لم أعلن للجمهور صحة عنوان المحاضرة الرئيس، لكنني لم أخف امتعاضي بعد أن ارتجلت كلمة عن بدايات الروايات والقصة القصيرة في المملكة متماشياً بالإكراه المفاجئ مع العنوان الجديد، ثم أعلنت للمحاضرين أن محاضرتي ستكون عن الرواية والقصة القصيرة في منطقة جازان لأربط كنموذج بين العنوانين وبعد أن استرسلت في إلقاء المحاضرة الأساس فوجئت بالصديق الحميم، والرجل السمح الطيب القلب الدكتور (صالح سليمان الوشمي)، الذي فجعنا الموت بوفاته المفاجئة، وكان رئيس اللجنة الثقافية في النادي، ومقدم المحاضرة، فوجئت بإعلانه أنه لم يبق من المحاضرة إلا عشر دقائق رغم أني لم أقرأ ربعها، وعند هذا الحد بلغ السيل الزبى، وفاض بي الكيل، وعيل صبري؛ فتوقفت عن تكملة المحاضرة، فتمردت ورفضت ضيافة النادي ومكافأة المحاضرة فحاسبت الفندق، وفارقت بريدة لركوب أول طائرة عائدة إلى الرياض، رغم ما أثاره بعض الكتاب منتقداً النادي في إدارته لكنني لم أرد ولزم النادي الصمت.. ومنذ ذلك التاريخ الذي مر عليه أكثر من 15 عاماً لم يدعني النادي إلى محاضرة أو ندوة، وربما شعر رئيسه صديقنا (الهويمل) بأنه بصمته يرى أنه أراح واستراح، رغم أني لا أضمر له إلا كلّ مودة، وتقدير دون أن أفكر أن يكون له موقف سلبي مني!!
وأذكر حين سألوه عني في صفحة (ماذا تقول لهؤلاء؟) في جريدة (البلاد) أجاب إجابة غير واضحة قائلاً (ستبدي لك الأيام ما كان خافياً) لكن السنين مرت لا الأيام دون أن يتضح ما كان خافياً عني، ويعلمه هو وحده، وفي رأيي أن الصديق من صَدَقك فهل يفعل ويصدقني برسالة خاصة؟ ولا أتصور أن يكون لهذا الموقف كل هذه الأهمية والسرية والتكتم.. ولله في خلقه شؤون.
وقد التقينا في إحدى مناسبات (المربد) التي كانت تعقد كل عام في بغداد، ويحضرها لفيف من مثقفي العرب، وأدبائهم، وشعرائهم، وقد وظفها طاغية العراق السابق صدام حسين لشخصيته المصابة بداء العظمة، وقد سقط عدد من الشعراء في مدحه، ومدح مواقفه الإجرامية التي كانت في ظاهرها صورة البطل العربي، وفي باطنها التنكيل بالشعب العراقي، وتبديد مقدراته في تحقيق أهدافه ونزواته، وابنيه (عدي، وقصي)، وحفر المقابر الجماعية، واستعمال السلاح الكيميائي في (حلبجة) لقتل مئات الأكراد، وافتعل حرباً مع جارته إيران حيث قتل ما يقارب المليونين من الأبرياء من الجانبين، كما غزا الكويت وعاث فيها جنوده فساداً ونهباً، وتقتيلاً وتمثيلاً، وانتهاكاً للأعراض العربية الإسلامية. لقد عمل ما لم يعمله (المغول) والتتار، ورغم تخلص العراق من حكمه (الدكتاتوري) المجنون إلا أن العراق الشقيق وأهله لا يزالون يعانون من آثار حكمه الفاسد الذي دام ثلاثة عقود إلى الآن، سائلين الله أن يهيئ له ولأبنائه الاستقرار ومعالجة الجراح الغائرة التي دفع نتائجها أكثر من 13 ألف قتيل غير الجرحى بسبب الاحتلال (الأنجلو أمريكي) الذي ساعده الطابور الخامس من الداخل، ممن لا يريدون لعراق الحضارات وشعبه الاستقرار، وترميم آثار ما دمرته الحرب الضروس، والله المستعان..!!
كما التقينا في الندوة الأولى التي عقدها (نادي جدة الأدبي) بعنوان (قراءة جديدة لتراثنا النقدي) وقد ألقى فيها صديقنا (الهويمل) ورقة قسا في التعليق عليها الصديق (سعيد السريحي) بكل حدة واضطررت والصديق الدكتور (مريسي الحارثي) للتعليق عليها بما يخفف من غلواء وقسوة (السريحي) وأفلام الفيديو كانت تسجل ما دار، وهي شاهد توثيقي.
والصديق (الهويمل) رغم مشاغله التدريسية في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، ورغم رئاسته نادي القصيم الأدبي، ومشاركته في عضويات مناقشة شهادات الماجستير والدكتوراة، رغم كل ذلك فله مشاركاته الكتابية الأسبوعية في جريدة (الجزيرة) كما أن له مشاركاته بأوراق في مؤتمرات داخل المملكة، وخارجها.. ومما لا يعرفه القارئ أنه متزوج باثنتين، وهي معلومة شخصية تعكس أن المرأة ليست دائماً ضد الكتاب لأنه يسرق جزءاً كبيراً من وقتها.. والنساء لسن سواء كلهن، فمنهن من تحرص على توفير الأوقات المريحة المناسبة للقراءة والكتابة لزوجها ومنهن من تعد الكتاب ضرتها للمتزوج بواحدة، وضرتها الثانية للمتزوج باثنتين، والضرة لغة مأخوذة من الضرر.. وأي امرأة ترضى الضرّ لنفسها وحياتها الزوجية؟
ولا أنسى أنه دعاني لتناول طعام الغداء في مزرعته الخاصة، وحضره الصديقان الأستاذ (إبراهيم البليهي) الكاتب المعروف في جريدة (الرياض) أسبوعياً، والدكتور (صالح سليمان الوشمي) تغمده الله بواسع رحمته.


ص ب 7967 الرياض 11472
alawi@alsafi.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved