الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th April,2006 العدد : 150

الأثنين 26 ,ربيع الاول 1427

إخوانيات ناجي الحرز

*عبدالله أحمد الشباط:
ناجي بن داود الحرز شاعر حسائي شاب (وأقول شاب لأن الفارق بيني وبينه في السن حوالي نصف قرن) فهو من مواليد 1374هـ بمدينة المبرز بالأحساء صدرت له ثلاث مجموعات شعرية:
1- نشيد ونشيج عام 1414هـ.
2- خفقان العطر عام 1420هـ.
3- قصائد ضاحكة عام 1422هـ.
وهو شاعر مرح له باع طويل في الدعابة وتبادل الرسائل الشعرية مع أصدقائه وهم كثر، يدل على ذلك تلك القصائد الضاحكة التي خصص لها مجموعة شعرية ثم أتبع تلك القصائد الضاحكة بمجموعة شعرية جمع فيها قصائده الإخوانية وبعض القصائد الضاحكة عنوانها (العنقود) صدرت عام 1426هـ وأرجو ألا تكون آخر العنقود ففي هذه المجموعة يقول الدكتور محمد بن عثمان الملا الأستاذ المشارك بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران في المقدمة:
(أما من حيث المستوى الفني لهذه المجموعة من الإخوانيات فهو بشكل عام فوق المتوسط وإن كان بعضها يتفوق على بعض في ذلك والمعروف عن الشعر الإخواني - في الجملة - أنه متوسط الجودة من الناحية الفنية وهذا الديوان جدير بالدراسة الواسعة والمتأنية لكثرة مادته الأدبية وتنوعها وما فيها من ظرف وطرافة).
ومعروف أن الشاعر ناجي الحرز يملك خصلتين لا تتوفران لدى الكثير من الناس هما: كثرة معارفه ومحبيه وعمق تواصله مع من حوله والخصلة الثانية ميله إلى الظرف والفكاهة أو ليس صدرت له (قصائد ضاحكة) في مجموعة مستقلة وسوف أصحب القارئ في سياحة طريفة حول هذه الناحية:
بين كلمات هذا الديوان الكثير من الأبيات التي ترسم صورا كاريكاتيرية مضحكة مما يدل على أن شاعرنا فنان بطبيعته فهو يرسم صورا شعرية تتجسد أمام القارئ فلا يستطيع كتمان ضحكته فهذه مداعبة لصديقه موسى الشخص:
موسى وأي فتى كموسى
يجني من الطرطير كوسا
وإذا أشار بإصبع
للغيم أغرقه فلوسا
وإذا تنحنح هياوا
في كل ناحية عروسا

واعتذر إليه صديق من عدم الوفاء بالزيارة بقوله:

عذري معي وأن كان من عذر

فالشغل والتحضير يا عمري

قد أرهقا جسمي وقوته

فاقبله فهذا يا أخي عذري

فأجابه جوابا صور فيه معاناة بعض المعلمين في هذا الزمن تحت عنوان (شنشنه) قال فيها:

لو كان هكذا تدريسكم يزري
لاقيت أهل الجهل بالبشر
ولقلت يا أرض أبلعي حنقا
كل المدارس واكشفي ضرى
لكنها والله شنشنه
من قاصد للود بالبتر

وتتجلى روح الفكاهة التي تتلمس الواقع وتصوره للقارئ في صورة قريبة من تصوره إلا أنه لن يستطيع التعبير عنها فجاء ناجي الشاعر ليرسم له تلك الصورة المضحكة عندما صحب الشاعر جاسم الصحيح في سيارته ورفيقهما جابر متوجهين إلى إحدى القرى فتعطلت السيارة لنفاذ الوقود فنزل جابر للبحث عن وقود وذهب جاسم إلى جهة أخرى لنفس الغرض فوجد شاعرنا نفسه وحيدا في السيارة فقال:

وجدت نفسي مفردا

ما بين ساعية وساعي

جيل من الحشرات حا

صرني.. وخطط لابتلاعي

ففصخت ثوبي واندفعت

مهرولا فوق التلاع

هربا ولم يكن الهروب

من المخاطر من طباعي

(الغترة) البيضاء طارت

في الهوا مثل الشراع

وبنعله بقيت برجل

رحت أخبط غير واع

فلبست مدرعتين من

شوك القتاد إلى ذراعي

وطبعا ليست إخوانيات الشاعر ذات صور هزلية بل إن من بين ذلك الكم من الإخوانيات الكثير من الشعر الرصين الجيد الذي أشاد به الدكتور محمد الملا كما أسلفت فها هو يحيي الشاعر عدنان العوامي في الحفل الذي أقيم لتكريمه في القطيف:

نحن الطرائد يا عدنان أنهكها
مسراك تقسم من عينيك أن تردا
منذ انهمرت شآبيبا معنقة
منذ انقتقت طيوبا وانبجست مدى
منذ اغتسلنا بألحان شدوت بها
فضاع كل عناء قبلهن سدى
منذ اختصرت نزيف الوجد في نفس
عذب سيبقى بكل الخلد منفردا
ونحن خلفك أن أسريت حولك أن
وقفت تقسم فينا الزهو والرغدا

وعندما احتفل النادي الأدبي بتكريم الشاعر يوسف أبو سعد يرحمه الله شارك شاعرنا في ذلك الاحتفال بقصيدة قال فيها:

يا شعر يا هبة العباقرة

الجهابذ من جدودي

الحافظين عهود عشقك

طيلة الأمد البعيد

بالأمس إن ظفروا

عهود هواك عيدا إثر عيد

أنبتك والإحساس تخنقه

يدا زمن عنيد

ما زال من أبنائهم

باق على تلك العهود

هذا أبو سعد يسير

براية النظم الفريد

يصطاد من فلك السماء

كقبة الفجر الوليد

ويشف من أسرارها

ما دق من معنى جديد

فيفاجئ الذوق الرفيع

بكل فاننه صيود

وعندما فاز صديقه الشاعر جاسم الصحبح بجائزة نادي أبها الأدبي حياه بقصيدة منها هذه الأبيات:

إيه يا (جاسم) كم لحت علي
خاطر (الإحساء) أحلاما وضاءا
وتخيلت على أعراسها
حلوا وأشذا وراءا
وكم اشتاقت إذا قلدتها
بالقوافي بين زنديك ارتماءا
فإذا همت عرتها هيبة
سكنت عينك فارتدت حياءا
وكأن الوعد قال انتظري
أنني أعددت في (أبها) اللقاءا
إن في عنقود ناجي الحرز الشعري الكثير من القلائد ذات المستوى الجيد مبنى ومعنى كما فيه ومضات مؤنسة ذات تعابير خفيفة تجلو الهم عن المهموم. وفي هذا الديوان وما سبقه من مجموعات شعرية قصائد ذات مستوى رفيع تشهد بصدق هذا الشاعر وجديته في التعبير عن كل موقف.

ولقد اكتشفت من خلال مطالعتي لقصائد هذا الديوان وما احتواه من مطارحات شعرية أن في الأحساء الكثير من الأسماء ذات الباع الطويل في ميداني الشعر والنثر إلا أن أصحابها لا يرغبون المواجهة بنشر إنتاجهم في مطبوعات تحمل أسماءهم؛ إما خوفا من مواجهة النقاد، وإما عدم التفرغ لذلك الهم الذي يتطلب الكثير من الضغط النفسي، وإما لعدم الاستعداد للتضحية بالمال في سبيل الخلود الأدبي الذي سيبقى شاهدا في صفحات التاريخ الأدبي لهذا الجيل الذي يملك الكثير من مقومات الأدب والإبداع ففي قرى الأحساء الكثير من المواهب الأدبية الفذة التي اطلعت على بعض ما أنتجته قرائح أولئك الشعراء الذين لا يزال الكثير منهم في عداد المغمورين حيث لا تتعدى نسبة أولئك الذين عبروا عقبات النشر خمسة بالمئة مقارنة بالآخرين الذين لم يجرؤوا بدخول حلبة السباق.

 

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved