الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th April,2006 العدد : 150

الأثنين 26 ,ربيع الاول 1427

قصتان قصيرتان

*عاشق الهذال حائل:
***
-1- وعد الحر..!!
فرغ مبلش المبلوش.. من إفطاره مسرعاً.. أمسك بكأس الشاي.. أخذ يرتشفه بتلذذ.. أشعل سيجارة.. تاهت نظراته عالياً.. أثار انتباه زوجته الجالسة أمامه.. زوت وجهها عنه.. لتداري بسمة ساخرة.. ربما أثارت خناقة.. هي في غنى عنها.. لحظها.. لوى بوزه بازدراء قال:
- ما بك.. أأنا أضحوكة.. أجبرت نفسها على الابتسام قالت:
بسم الله عليك.. من قال هذا؟
- أمرك عجيب.. تحاملت على نفسها.. علت صفحة وجهها الأبيض الدائري صفرة.. تنبئ عن الألم الراعف.. قالت بتهكم:
- أنا.. أم أنت؟
- أنت لا تتركيني لأتأمل.. لأفكر.. أف.. ولا حتى تهتمي بي لو قلت شيئاً.
- سامحك الله.. إذا لم أهتم بك.. فمن يا ترى يهتم.. الأباعد..؟
(الأباعد.. ماذا تقصد.. هذه المصيبة.. إنها تعرف ما يدور بعالمي.
- هه.. وماذا بعد تكلمي.. اسمعيني..؟
- أتمنى..
- وماذا تتمنين..؟
- أن تلتفت لنفسك.. ولعملك.. ولبيتك وأطفالك.. وأن تتعامل مع الآخرين بصدق.. وتعطي كل ذي حق حقه.. بحلق بها بحنو رعن.. قال:
- أنا لم أقصر.. ولم آكل حق أحد.. هذا هو عمل المؤسسات أخذ وعطاء.
- والدائنون الذين أقلقوا راحتنا.. وتهديداتهم؟
- ليصبروا.. فبررت بتهكم:
- إنما للصبر حدود.. انفجر ضاحكاً بهستيريا مزعجة.. رافقتها حشرجات صدره.. من سخام التدخين.. انتفض.. دفعت عيناه.. أخيراً قال:
- أم كلثوم.. أم كلثوم.. والله زمان.. برقت عيناه.. تنهد.. أراد أن يحكي.. لكنها قامت.. وهي تمتم:
- كُلْ بصلاً إن شئت.. ناداها وقفت لتقول:
- ماذا تريد..؟
- اجلسي.. أغضبت؟.. أنا سأعمل بنصائحك..
- أرجو.. أن لا تتعرض للمشاكل.. وأن تكون صادقاً مع نفسك..
تصنَّع الانفعال ليفلت.. قال:
- أنا صادق.. صادق أفهمت أيتها المجنونة.. أنا أعرف كيف أعيش... قام منزعجاً.. لبس ثيابه.. طفلته الثالثة تناديه.. لكنه لم يعبأ.. انطلق بسيارته لإحدى الدوائر.. كاد يصطدم بسيارة أمامه.. أصلح من شأنه.. دقائق.. قبض المبلغ لقاء صيانة بعض المرافق بهذه الإدارة.. دسَّ المبلغ بجيبه.. وقد علت وجهه الصدئ المتخشب.. بسمة بلهاء.. وانطلق إلى البنك..
- دفتر شيكات بهذا المبلغ (ترافل شيك) من فضلك..
لعبت الأصابع على الآلة الحاسبة.. وقَّع مسرعاً.. دسَّ الدفتر بجيب سترته.. دخل المؤسسة ملهوفاً.. سأل مدير أعماله.
- هل سأل عليَّ أحد يا صديق.. اتسعت بسمة الصديق مع ارتعاش الشَعر المصقول بعناية.. بانت الأسنان القردية.. قال:
- المستر ناصر المصروع.. قال إنه سيتصل مرة ثانية.
ابتسم مبلش.. ردد بداخله.. أكيد أنه وافق على اتفاق البارحة بلاد بودا.. بودا.. مصائب يا ذوات الأنوف المختفية مع البسمات والضحكات.. آه الأشرطة.. يجب أن آخذ منها الشيء الكثير.. تمايل انطلقت من بين شفتيه.. والليل من فرحه عريس.. ليلة خميس لأرتاح.. لكن قبل شهرين كنت هناك.. والدائنون..؟
قفز من كرسيه.. الهاتف.. أشار للصديق ليرد:
أهلاً مستر ناصر.. موجود.. تفضل يا أستاذ مبلش.
- أهلاً.. أهلاً.. اتفقنا على ما يرام.. رائع (برافو) يا صديقي..
- الحجز لا تهتم به.. سأدبره اليوم.. أنت جاهز.. الوعد عهد يا صديقي.. وعد الحر دين عليه..
- إلى اللقاء.. باي..! حشرجت الضحكات مدوية.. عبر الهاتف..
تحسس.. مبلش جيوبه.. ابتسم برضا.. أسرع لمفكرته يدوِّن ما سيلزمه.. قبل أن يذهب للحجز..
قام مسرعا ليخرج..؟
أدلج مفتاح سيارته ببابها.. قبل أن يتحرك..
وقفت سيارة.. نزل أحدهم معه جندي.. صاح الرجل:
- هذا هو.. أمسكه
***
-2- نهاية مخرب..؟
أفاق (دريج الحصان) بعد ست ساعات في غيبوبة.. فتح عينيه على اتساعهما.. مع انفراج الشفتين.. بانت أسنانه الجرذية.. حرك لسانه الذي انطلق برعونة طفولية.. وهو يرفس الفراش:
- ماذا بي.. ما الذي أتى بي إلى هنا..؟
رد عليه أقربهم لسريره..
- أتوا بك هنا في الصباح الباكر.. قالوا: إن ضربة قوية أتت على رأسك أسمعهم يقولون الضربة من كرتون.. كانوا مجموعة حوالي الخمسة.
- كرتون.. يوصلني هنا للمستشفى.. أأنت متأكد.. أوتخرف..
ضحك الرجل ضحكة قصيرة.. وهو يرقد يديه على صدره.. غير عابئ بهذا الغر الذي لا يعي ما يقول.. صاح دريج.. تذكر ما جرى:
- أخرجوني من هنا.. أنا بخير.. حاول القيام لكن رأسه لم يساعده
جاء الطبيب مسرعاً.. حدق به.. قال:
- اهدأ ستخرج غداً بعد أن نرى الأشعة.. الضربة قوية.
- أية أشعة أنا بصحة.. بضاعتي.. الاستريو.. أخاف..
- لا تخف كل شيء على ما يرام.. اطمئن.. رفع صوته أكثر طالباً الخروج على مسؤوليته.. أومأ الطبيب بعينيه للممرضة.. التي شكته بإبرة.. راح بعدها في غيبوبة.
كان في الليلة الماضية - بعد أوبته من الاستريو -.. يكاد يطير من الفرح.. يردد بين وقت وآخر أمام زوجته.. التي استرابت بحالته غير الطبيعية.. سنودع الفقر.. ستكون الرزم معي.. سيكون هذا المنزل ذكريات.. سنبدله بفيلا واسعة تغرد بجنباتها الطيور.. وستصدح الأنغام الراقية.. غداً سترين..
عيل صبرها.. حدقت به.. مستغربة ما بداخله فهي في المواقف أقوى قالت:
- أخبرني يا دريج.. من أين تأتيك الرزم قل يا.. قاطعها:
- بضاعة رخيصة.. سأشتريها من رجل قادم.. تواعدت معه غداً على أن أستلمها منه خارج البلد.. أشرطة.. أفلام تسلية.. صفقت بيديها.. وهي تقف أمامه.. يحاول أن يتماسك أمامها.. وهي تقول:
- وما نوع هذه الأشرطة التي تباع بعيداً عن أعين الناس.. في البر إلا تكون من النوع الهابط المنحط يا دريج الحصان.. صاح بها متشجعاً:
- لماذا سوء الظن.. أنت تعرفينني جيداً.. يا زوجتي العزيزة.. ومد يديه ليقرب منها لكنها ابتعدت.. وهي تدلف لغرفتها.. وهي تصفق بالباب صفقة أرعدت فرائصه.. تركته ملتاثا.. توجه مسرعاً صوب الثلاجة.. دلق بحلقه كمية من الماء انقسم دار على نفسه.. أغضبها.. أم الرزم..؟ ثارت الأعاصير بداخله.. يسمع همسات؟ الدراهم ستأتيك بأحسن منها.. اتستسلم لها.. أنت رجل أثبت وجودك.. إلى متى وأنت على هذه الحال معها.. قام ليصلح شايا..؟ المطبخ صامت خيل إليه أنها فارقته.. وقف لا يريم ولا يحرك ساكنا.. خنقته عبرة.. سيذهب إليها ويعلن توبته عن مثل هذه الصفقة التي ربما تكون كارثة ما بعدها... خرج من المطبخ.. قبل أن يصل لباب الغرفة.. انطلق الهمس بداخله: لا تكن جبانا.. غداً سيصلح كل شيء المهم أن تخدعها.. والأيام كفيلة.. بتغيير كل شيء.. اصمد اصمد..
* * *
انتبه دريج صباح اليوم التالي وهو يسمع لغطا بين الدكتور ومجموعة تجلس قبالة سريره.. انتبه عرف البائع مشدود الوثائق صاح:
- أهذا أنت أيها المجرم.. أنا شريف شريف.. انخرط في البكاء..
آه لكم حذرتني.. الطمع الطمع.. أنا اشتريت لكنني لم أبع منها شيئاً.. قال المحقق: أجب عن الأسئلة.. وكفى عويلاً.
- لكنني لم أبع شيئاً.. قاطعه.
- العدالة ستأخذ مجراها يا دريج الحصان!
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved