الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th April,2006 العدد : 150

الأثنين 26 ,ربيع الاول 1427

مضيفاً لإبداعه جديداً
القشعمي يكتب عن جانب الكتابة الأدبية عند الرضوي
* الثقافية- محمد المنيف:
الحديث عن الفنان الراحل عبد الحليم رضوي لم ولن ينقطع ما دامت أعماله قائمة وتاريخه الإبداعي موثق في كل أرض وطئتها قدمه ونثر فيها أريج عطائه التشكيلي وإذا كنا قد تحدثنا وقدمنا صفحات متواضعة أمام منجزات هذا المبدع فإن هناك من رصد له الكثير منها لم نكن نعلم عنه خصوصاً في جوانب أخرى من إبداعات وميول الفنان الرضوي، من هنا فاجأنا الأستاذ المؤرخ محمد القشعمي برسالة تضمنت موضوعاً جديداً يسلط فيه الضوء على ما كان يمتلكه الراحل من مواهب، دعونا نستعرضها كما جاءت وما تضمنته من إطلالة رائعة نشكر الأستاذ القشعمي عليها.. لأمرين الأول أن ما كتبه القشعمي عن الرضوي يدل على متابعته للمبدعين على اختلاف عطاءاتهم ومعرفته للكثير عنهم، أما الأمر الثاني فهو في منحنا الموضوع وتخصيصه للصفحات التشكيلية مسجلاً بذلك حضوره الأبوي للتشكيليين إنصافاً لهم مما يقدمه للأدب من مقالات وتوثيق تاريخي، وفيما يلي قراءة الأستاذ القشعمي للجانب الآخر من إبداعات الرضوي .
الجانب الآخر لحياة الرضوي لقد أحسنت مجلتنا (الثقافية) صنعاً في إتاحة الفرصة للمنتمين للوسط الفني عندما رثوا وعددوا مناقب فقيد الساحة الثقافية الأستاذ والفنان التشكيلي والشاعر عبد الحليم رضوي، فقد كتب عنه الكثير من زملائه وتلامذته على مدى عددين من المجلة (144-145) بمتابعة من الزميل محمد المنيف وأفردت كعادتها لمثله صفحات لتذكر ما قدمه من أعمال جميلة للوطن ولتعدد الجوانب المضيئة في حياته، فرغم معاناته لليتم وللفقر في صغره ولأمراض أقلها اعتلال قلبه في كبره، لقد تابعت ما كتبه مجايلوه عنه وبالذات صديقه الحميم منذ الثمانينات ومن رافقه أثناء إقامة بعض معارضه الشخصية، وأثناء زياراته المتعددة للمنطقة الشرقية الفنان الوفي عبد الرحمن السليمان الذي قال عنه:.. إنه الفنان الحقيقي الذي عاش للفن وبه منذ دراسته المبكرة.. وذكر جزءا من ظروفه الصعبة التي قادته إلى إيطاليا لدراسة الفن ولم يتوسع في هذا ليعطي للقارئ الذي لا يعرف عن معانات الرضوي إلا الشيء القليل.. فكما علمت منه أنه سافر مغامراً إلى هناك وعلى حسابه في البداية وأنه أقام معرضاً تشكيلياً ودعا له السفير السعودي بروما فأعجب به، مما شجع السفير على طلب أن تتبنى الدولة دراسته على حسابها وذلك في وقت مبكر، أي قبل سبع وأربعين عاماً من الآن.
***
اهتماماته الأدبية
الجانب الفني في حياة عبد الحليم رضوي قد كتب عنه زملاؤه الشيء الكثير، ولكن هناك جانب آخر قد أغفل ولم يشر إليه أحد منهم إلا وهو كتاباته الأدبية وبالذات في مجال الشعر، فقد عثرت له على ثلاث قصائد نشرت له في مجلة (قريش) التي أصدرها الصحفي المخضرم الأستاذ أحمد السباعي بمكة المكرمة عام (1379-1383هـ) فقد نشر له في العدد 69 ليوم الثلاثاء 20 رمضان 1380هـ 7 مارس 1961م قصيدة بعنوان (ذكرياتي) نختار منها:
إن لي قلباً وفيا
كيف أنساها
بعد أن ضيعت عمري
في هواها
إنها قمة أحلامي وكم
ذقت لظاها
كيف أنسى ذكرياتي وصباها
وقصيدة أخرى بعنوان (حنين وشوق) نشرت له في العدد 73 ليوم الثلاثاء 18 شوال 1380هـ 14 إبرايل 1961م نذكر منها:
والغصون الراكعات
في خشوع الزاهدين
والشجون الباكيات
في قلوب البائسين
وقلوب تائهات
في شعور السامعين
وحنين الذكريات
في دموع العاشقين
ومن قصيدة له ثالثة نشرت في العدد 76 من قريش أيضا وبتاريخ 17 ذي القعدة 1380هـ الموافق 2 مايو 1961م تحت عنوان (شعر منثور - اللحن المنتظر) وفيها:
أيا (نسمة) في روضة الحلم تهفو
لربيع مزخرف
ودنيا طروب
أنت ما أنت
أنت أنشودتي الحيرى
ولحني الضائع
أستنشق العطر
من ورود أمانيك
أستلهم الشعر
من شجى أنغامك
أنت ما أنت
أنت روضتي النشوى
تسري (الأنسام) في دنياك
فتردد ألحان فرحتي الكبرى
عندما يتهادى الربيع
بموكبه الأخضر
ويصبح كل ما في الوجود
لحناً بديعاً راقصاً
تردده قيثارة الأحلام
عبد الحليم رضوي
كما سبق أن كتب عنه الأستاذ عمر الطيب الساسي ضمن مقال مطول له في نفس المجلة (قريش) بالعدد 73 وخصص له عنوان الموضوع (الفنان الذي يدعو إلى السلام ولا يملك غير ريشته) نختار من المقال الذي مضى عليه 47 عاماً قوله:
.. إنه فنان.. يكافح من أجل الحياة.. ويحمل بين طيات فؤاده أعظم الأماني من أجل بلاده.
مارس فن (الرسم) منذ طفولته.. فتفوق فيه.. كانت لوحاته تستحوذ إعجاب كل من يشاهدها.. ولم يشترك في معرض رسمي بنتاجه.. إلا ويكون الأول من بين الفائزين.
قرأ الشعر.. فلم تمض مدة وجيزة.. حتى تفجرت مواهبه وتدفق النبع بأعذب الألحان.
سمع نغمات.. (الناي) منذ طفولته.. فاهتزت لها عواطفه.. وبحث عن (الناي) حتى وجده واختبر نفسه فيه فإذا به يسكن من خلاله أرق الألحان الطروبة.. وأحلاها! ترى؟! من يكون هذا الفنان العبقري؟؟!
إنه شاب أسمر البشرة.. يشع من عينيه بريق الذكاء.. يقف على أبواب الجامعة.. فهو طالب بالشهادة الثانوية هذا العام.. ويتمنى أن يكون ضمن المبتعثين على حساب الدولة إلى (إيطاليا) لو نجح وحصل على مجموع مناسب.. أظنه قد عرف.
أجل.. إنه الشاب المكافح (عبد الحليم رضوي)!
الفنان الذي هوى الفن منذ طفولته.. وألف الكتب فيه.. في صباه!
التقيت به وهو (غائص) وسط مجموعة من الكتب المدرسية ودار بيني وبينه الحديث التالي:
* ماذا ستفعل من أجل بلادك في إيطاليا؟
- سأقول بالدعاية لها بريشتي.
* كيف يكون ذلك؟
- سأقوم بعرض مظاهر نهضتنا في لوحات فنية تعرف العالم الخارجي بجهود مليكنا العظيم وحكومته السنية.. وسوف أقوم بالدعاية للإسلام.. وهنا اعترضته بهذا السؤال:
* وكيف ستدعو للإسلام.. بالكلام؟
- لا.. بالفن.. بريشتي هذه سوف أقدم لهم لوحات تصور مشاعر الإسلام.. وتصور مكارم الدين الحنيف.. تصور الرحمة والشفقة التي يدعو إليها الإسلام.. سأقدم لهم صورا لجموع المسلمين وهم في صلاتهم وحجهم، وطوافهم وقد بدوا سواسية لا فرق فيهم بين كبير وصغير.. وغني وفقير.. وأمير وغفير.. وعندئذ سوف يشعرون بعظمة ديننا الحنيف.. وبسمو رسالة نبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم. وأظنهم بعد ذلك سوف لا يتأخرون عن الانضواء تحت لواء الإسلام الخفاق!
* والآن.. ما هي أمنتيك غير الابتعاث إلى إيطاليا؟
- أملي أن أكون يوماً ما فناناً عالمياً لي نظرياتي وآرائي الفنية.. وأرى لوحاتي منتشرة في كل مكان وفي كل معرض ومتحف.. وآمل أن أكون خادماً مخلصاً لأمتي وبلادي وللإنسانية جميعا.. وأن أكون داعياً إلى السلام والإسلام في العالم عن طريق الفن.
والآن بقي أن تعرف أن هذا الفنان العبقري (عبد الحليم رضوي) لا يملك من حطام الدنيا غير ريشته وقيثاره وكتبه.. يعيش على عرق أمه.. يغسل ملابسه بنفسه ولا يجد من يعينه بعد الله غير أمه.. فادعوا له معي بالنجاح.
أحببت بهذه اللمحة السريعة أن أقدم وجهاً آخر للفنان عبد الحليم رضوي ليعرف هذا الجيل وغيره المعانات التي عاناها هو وأمثاله في بداياتهم وأنه شق الطريق بنفسه.. وفرض وجوده.. وأثبت فعلاً أنه جدير بتحمل مسؤولية العمل الذي قدم إليه وبتحدّ.. فكما ذكرت أنني سمعت منه، رحمه الله، أنه لم يحصل على المجموع المؤهل للابتعاث.. فسافر إلى إيطاليا على حسابه بالباخرة وبعد أن استقر في (ميلانو) كما أعتقد أو (فلورنسا) وبدأ مغامرته في الإعداد لمعرض شخصي له، ذهب للسفير السعودي ب(روما) فدعاه لمشاهدة المعرض الذي أعجب به مما حمله على دعوته لنقل المعرض إلى السفارة ليدعو السفراء لمشاهدته.. وهكذا كان حيث كتب السفير إلى وزير المعارف سمو الأمير فهد بن عبد العزيز (رحمه الله) راجياً ضمه للبعثة. الذي استجاب لطلب السفير.. وبرز الرضوي خلال دراسته، وبمجرد عودته بعد سنوات قليلة إلى أرض الوطن دعته شركة (أرامكو) لزيارتها في (الظهران) وتكلفه بتقديم أعمال فنية نشر بعض منها في مجلة (قافلة الزيت) ومن هنا بدأت التربية الفنية تقرر في المدارس.
***
اللحن المنتظر
أيا (نسمة)
في روضة الحلم تهفو
لربيع مزخرف
ودنيا طروب
أنت ما أنت
أنت أنشودتي الحيرى
ولحني الضائع
أستنشق العطر
من ورود أمانيك
أستلهم الشعر
من شجى أنغامك
أنت ما أنت
أنت روضتي النشوى
تسري (الأنسام) في دنياك
فتردد ألحان
فرحتي الكبرى
عندما يتهادى الربيع
بموكبه الأخضر
ويصبح كل ما في الوجود
لحناً بديعاً راقصاً
تردده قيثارة الأحلام
عبد الحليم رضوي
***
ذكرياتي
بين المروج الناعسات
دفنت أحزاني وسري
ومع أغاريد الطيور
نسيت آلامي وكربي
ما بين أحضان الطبيعة
ذاب إحساسي ولي
فمشيت بين الجدولين
أعب عن ألحان قلبي
***
إن لي قلباً وفيا
كيف أنساها
بعد أن ضيعت عمري
في هواها
إنها قمة أحلامي وكم
ذقت لظاها
كيف أنسى
ذكرياتي وصباها
***
رباعيات: (حنين وشوق)
في غفوة الأحلام
وبين ابتسامات البكور
في فرحة الإلهام
بين همسات الزهور
أمزج الأطياف حلما
بين نغمات الطيور
ويثير إحساسي وقلبي
بين حزن وسرور
والغصون الراكبات
في خشوع الزاهدين
والشجون الباكيات
في قلوب البائسين
وقلوب تائهات
في شعور السامعين
وحنين الذكريات
في دموع العاشقين
فبين يديك أحلامي
وفي شفتيك أنغامي
نسيم الصبح أشجاني
ظلام الليل أبكاني
وذكر الحب أنهاني
وذكر الشوق أضناني
فغرد أيها الطائر
واعزف كل الحاني
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved