الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th April,2006 العدد : 150

الأثنين 26 ,ربيع الاول 1427

هل ثمة رواية خليجية لها سمة واحدة؟
* الثقافية - أحمد صالح الهلال:
البداية، الولادة، الحضور، يصعب علينا تتبع هذه المراحل من عمر الرواية في الخليج، ففي السعودية على سبيل المثال بدأ الفعل الروائي في بداية التسعينات الميلادية من القرن الماضي (غازي القصيبي، تركي الحمد، عبده خال) وإن كان هناك قبل ذلك التاريخ بدايات ولكنها لم تؤسس لاستمرار ذلك المنتج، لذلك بدت مرحلة التسعينيات هي مرحلة - البداية، والولادة، والحضور - أي اختصار المراحل جميعها، حينما لاقت الرواية السعودية حضوراً مفاجئاً مستمراً حتى هذه اللحظة، (مثال بنات الرياض مؤخراً لرجاء الصانع). وكون السعودية تقع ضمن محيط الخليج العربي فقد نظر إليها (الرواية). بأنها منتج خليجي، مثلها مثل الأغنية والدراما والمسرح، وهذا بالقدر نفسه قد ينطبق على الرواية في جميع بلدان الخليج، وإن كان البعض لم يحقق ذلك الحضور. ولأن التجربة السعودية والكويتية هي الأبرز حتى هذه اللحظة أثرنا هذا السؤال على عدد من الروائيين في السعودية والكويت.
***
لا مقارنة
* يرى الروائي السعودي يوسف المحيميد أن الرواية في الخليج العربي خلال العقدين الأخيرين حققت حضوراً كمياً لائقاً بتنوع وغنى هذه المنطقة، حيث يقول (رغم أن هناك تبايناً كبيراً بين هذه البلدان في الخليج، ففي السعودية كانت حركة كتابة الرواية ونشرها عبر مراكز النشر العربية في بيروت ودمشق والقاهرة حركة لافتة وقوية، في حين تعتبر في حدها الأدنى في بلد كقطر، التي لم تزل حركة الإبداع السردي فيها متأخرة كثيراً، في حين نجد النص السردي في البحرين هو نص نخبوي، يراهن على الجماليات واللغة الشعرية مقابل خفوت الحياتي واليومي، رغم ذلك، أعتقد أن هناك أسماء حققت حضورها عبر تقديم تجربة روائية لافتة على المستوى العربي، كالقصيبي وتركي الحمد وعبده خال ورجاء عالم وليلى العثمان ووليد الرجيب وأمين صالح وفريد رمضان وغيرهم).
أما عن ملامح الرواية (التساؤل عن كان ثمة ملامح لهذه الرواية فأود القول إن ملامح المكان وروحه موجود في بعض الأعمال، ولكننا قد نجد أحياناً المكان الخليجي وفضاءه وشخصياته في روايات لمبدعين عرب آخرين، كالمصري إبراهيم عبد المجيد في (البلد الأخرى) و(الفلسطيني يحيى يخلف في) نجران تحت الصفر (واللبنانية حنان الشيخ في مسك الغزال) والمصري محمد البساطي في روايته الأخيرة (دق الطبول) بمعنى أن الرواية في الخليج العربي قد تكون أوجدت لها ملامح مكانية وزمانية، وخصوصية شخصيات وأحداث، لكنها بالضرورة لم تقترح ملامح جمالية خاصة بها، ولعل هذا الأمر أساساً تعاني منه الرواية العربية إجمالاً.
ليصل إلى نتيجة أن الرواية في الخليج لم تحقق لها ملامح خلافاً للأغنية والدراما الخليجية (فإن كنا نريد أن نقارن ما حققته الرواية في الخليج، بما تحقق مثلاً للأغنية الخليجية أو الدراما إلى حد ما، فلا أرى أنها حققت شخصيتها الكاملة والواضحة، على المستوى الموضوعاتي أو الفني).
ليصل في النهاية أن يميز الرواية السعودية عن الرواية الخليجية، فهو لا يرى وجه مقارنة بين الاثنين (أخيراً، أود أن أشير إلى نقطة مهمة للغاية، وهو أن الرواية السعودية لا يمكن أن تقحم مع الرواية الخليجية؛ لسبب بسيط، وهو التنوع الجغرافي الشاسع في السعودية؛ مما يترتب عليه من تنوع في فضاءات الروايات المنتجة، ففي حين يكتب التعزي أو تراوري عن مكة، وتكتب ليلى الجهني عن جدة، ويكتب حسن الشيخ عن الأحساء، ويكتب تركي الحمد والمحيميد عن الرياض، ويكتب عواض العصيمي أو المحيميد عن الصحراء، ويكتب عبد الحفيظ الشمري عن الشمال، ويكتب عبده خال وعبدالعزيز الشمري عن الجنوب، كل هذه العوالم هي عوالم وفضاءات متنوعة وبعيدة كل البعد عن مسمى سياسي ارتبط بدول مجلس التعاون الخليجي).
***
لا وجود
* أما الروائي الكويتي حمد الحمد فيعزو بروز مصطلح الأغنية الخليجية خلافاً لرواية في الخيلج إلى اللغة حيث يقول (بالنسبة للرواية فقد تختلف عن الأغنية الخليجية لكون الأغنية تخلت عن مفردة اللغة العربية الفصحى التي تخلى عنها الجمهور لعدم تطابقها مع الواقع واستخدمت اللهجات المحلية الخليجية ولهذا بسهولة يمكن التعرف عليها، ولكن الرواية الخليجية ما زالت متمسكة باللغة العربية الفصحى لهذا انتشارها وتواصلها أقل مع الجمهور بينما المسرح والسينما (!!!) وكذلك الشعر صار أكثر انتشاراً لاستخدام المفردات المحلية، الأمر الآخر لا أستغرب في السنوات القادمة أن تتخلى الرواية عن اللغة الفصحى لتسير في نفس الطريق الذي لا نوده).
فهو لا يرى هناك سمة لروائي الخليجي بسبب طبيعة المجتمعات الخليجية المحافظة (الشيء الآخر فعندما تقرأ رواية خليجي فقد لا تميز من هو كاتبها هل هو خليجي أم مصري ألا تكون تتحدث عن واقع خليجي خاص، نأمل أن تنتشر الرواية الخليجية وأن تكون في المقدمة، ولكن ما هو ظاهر لنا هو أن المجتمعات الخليجية المحافظة وعدم وجود قوانين ذات شفافية لا تنتج أدبا وتقدم لهذا نرى أكثر كتاب الرواية الخليجيين ينشرون أعمالهم في بيروت أو دمشق ليس هرباً من رقابات الحكومات وإنما من رقابات المجتمع المحافظ).
***
لا انفصام
* الروائية الكويتية خولة القزويني ترى أن الرواية الخليجية أمر مسلم به بحكم البيئة وطبيعة المجتمع حيث تقول (بلاشك الكاتب ابن بيئته فكل أفكاره، مفرداته شخوصه خلاصة هذا الواقع الذي يعيشه ويحركه وأظن أن لكل مجتمع خصوصية وإرثا يستثنيه عن باقي المجتمعات والأمم، والبيئة الخليجية تحكمها لحمة واحدة من الروابط الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية تتشابه في نفس الخواص. وعندما يكتب الروائي أو الأديب رواية تجد أن في داخله مخزونا من الذكريات عبر أزمنة مختلفة عايشها كتجربة هي من تحرضه بتلقائية لأن يكتب بسمات هذا المكان الذي يعيشه وبملامحه الجغرافية وبنيته الاجتماعية وتقاليده).
لتؤكد في النهاية أن الأدب الخليجي لا يمكن أن ينفصم عن هويته الخليجية حيث تستطرد قائلة: (لا يمكن أن ينفصم عن هذه الهوية إلا إذا كان له هدف آخر ونحن نحتاج كأدباء أن نوثق عبر رواياتنا وقصصنا شيئاً من مشاهد بيئتنا وأحداثها وظروفها وشعوبها فالتفاعل اليومي يشحن الروائي بدفق من العواطف والمشاعر تضفي على هذه المكونات جماليات من نوع خاص.. وتخلق له ذائقة تميزه عن غيره.. فعندما تقرأ ثلاثية نجيب محفوظ تستشعر مناخ الأحداث وتتذوق طعم الأمكنة ونبض الشارع المصري بخصوصية البيئة المصرية وعند قراءتك لرواية الأرجوحة لحمد الحمد يغمرك ملح البحر ورائحة الهيل وعبق البخور بتوليفة إحساس مختلف وكأن ردارك كمتلق أو ناقد يأخذك إلى أجواء الصحراء بجغرافيا تشمل كل أوجه البيئة الخليجية وطقوسها الاجتماعية ونسيج الإنسان الخليجي المتصلب في مواقفه وقراراته متواطئاً مع مزاج الطقس الحار وشح الصحراء).
لكنها تصل في النهاية إلى أن الرواية في الخليج يجب أن تستفيد من الآخر ثقافياً (أدباء الخليج رغم قلتهم وحداثة تجربتهم استطاعوا أن يشقوا لهم درباً وسط زحام الأدباء العرب متخذين لهم موقعاً في قاطرة الأدب وتنضج التجربة الروائية في الخليج عندما تتلاقح ثقافياً مع الآخرين عبر التطور التاريخي المفعم بالكثير من التفاعلات والتجاذبات ومع المثابرة والعزم وخصوبة الموهبة تتكون لنا تجربة ثقافية بخصوصية فردية وبسمات البيئة الخليجية).
***
لا تشابه
* الروائية السعودية قماشة العليان ترى أن الرواية الخليجية تنبع من نفس الكاتب ولا دخل للبيئة في ذلك حيث تقول (لا تتشابه الروايات الخليجية كما لا يتشابه مؤلفوها ويختلفون في السمات والصفات ونمط الشخصية.. فالرواية حكاية تستمد فصولها وتغترف من خلفية الروائي الثقافية والتربوية والبيئة وموروثاته الأصلية والمكتسبة فيتحدث عن واقع معاش مع فيض من الخيالات والرؤى يغذيها ما يعيشه ويراه ويسمعه، وكما أن الشخصية تختلف من شخص لآخر التجارب متباينة في القوة والعمق والنضوج فكذلك تكون الرواية الخليجية فهي تتبع أصحابها ونفسياتهم لا بلدانهم وانتماءهم وأمثل برواية (سقف الكفاية) لمحمد علوان فلولا ذكر مدينة الرياض فيها لأمكن أن تحدث في أي بلد عربي أو خليجي وما ينطبق على رواية علوان ينطبق على روايتي الأخيرة (عيون قذرة) وممكن أن ينطبق على أي رواية أخرى خليجية أو عربية، فرغم تشابه البيئة إلى حد ما لكننا لا نستطيع أن نصف الروايات الخليجية بأنها كوجوه الصينيين متشابهة).
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved