الرقص تحت المطر سارة عبدالله الزنيدي
|
لكم من كلماتي ما شئتم وليس لي منها إلا النقيض
معطفي على كتفي وأرتعد كورقة تتأرجح فوق شجرة أرهقها الشتاء
وجهي ملتصق بالنافذة حيث قطرات المطر والبرد
أنظر إلى ذاك الرجل الواقف على الرصيف تسطع ملامحه الشاحبة من بعيد
يلقي أسئلته على السائق كيف ومن ومتى وإلى ولماذا يبحث ذاك المتطفل على كل شيء يحمل استفهاماً ؟؟؟؟
ابتسمت رغم كل شيء!!
في مدينتي لا ينشغل الناس بأعبائهم فقط بل يحملون الدهشة دائماً على عاتقهم..!
في مدينتي الأشخاص يقتلهم الملل حد الموت يتأرجحون بين غاياتهم وأهدافهم يكتشفون أوقاتهم في الفراغ فقط
في مدينتي يبيعون لغة البيت، يحملون الكم الهائل من الأضداد يجلسون على مقابر الخشب ويبتسمون لها بخبث ويسمونها (الكراسي)
أنت لا تجلس أمامهم وتبتسم كابتسامتهم الخبيثة.. إذاً أنت عدوهم اللدود الممرق بين نفوذهم وسطوتهم
(تعال..
أحقق لك أمانيك
لا..
هات يدك أريك الشيء الساكن ييد البدء
لا..
تعال ولا تسأل كيف يكون..)
وتقف في ريف الأسماء
تبحث عن غبطة الإنسان
حيث الرهبة التي خلقتها طرقة ليل الطرقة التي لا موعد لها
ولها كل المواعيد!!
هم غايتهم نبيلة لكي تنقصهم الدقة.. هكذا يحاولون الزج بنواياهم بتيارات المقاصد المبرر
تختلط المفاهيم في رؤوسنا، ماكنا نعتقده نبيلا أصبح مبتذلا وما كنا نعتقده غايات أصبح غوايات!!
الآن ليس كل شخص يلتحي رجل دين ولا كل امرأة صامتة على حق!!
مفهوم الفضيلة أصبح ركيكاً جداً..
لا شيء سوى المطر يزعج صمت الليل
يتساقط قطرة قطرة
تك.. تك.. تك.. حاملاً معه هموم المكان
الكل في مدينتي حزين..
والجميع يبحثون عن العيوب وكأنها تغريهم بممارسة الابتذال بالخفية
أنقل بصري المتأرجح بين أذناي.. إلى مشهد آخر وكأني أبحث عن شيء في عالم يضج بالأشياء!! ولد صغير.. يجلس على زاوية الرصيف ممزقاً ومهملاً كقطعة قماش قديمة
تتراقص الدموع بألوانها في عينيه
زرقاء، حمراء، خضراء وسوداء
ترتعش أصابعه وهي تحتضن تلك السيجارة
يحرق عمره الصغير، يعتقد بأنه بذلك سيتحول إلى رجل؛ لأن الرجال البالغين الأقوياء هم وحدهم من يستطيعون القيام بالأخطاء المقنعة، هو هكذا يعتقد!!
بعينيه الضيقتين يرمق المارة لا يريد منهم سوى نظرة حنان صافية يبحث عن نظرة واحدة لا يعكرها اشمئزاز ولا تبتذلها السخرية نظرة إنسان فقط!!
لكل العابرين لا يرون فيه سوى ولد صغير تافه يجلس على زاوية الرصيف وفي يده المتشققة سيجارة يقذفون في قلبه كل معاني الاحتقار
يدي مربوطة بقلبي..!!
أعلم بأنها ليست مطرقة قاضي يعلن عن انتهاء جلسته المتخمة بالغباء والأخطاء
واعلم بأني لن أهشم الوجود بيدي المليئة بالفراغ
وأن حروفي هي ارتكابات في عالم أصم
ولكنها محاولة مني ولتتنسمي بما شاءت
أنا اختلف مع الجرح ولكني أعشق السكين
لن تتبعني غيمة..ولن تغيب من أجلي شمس
والزوايا في أماكنها لن تتغير والطغاة لن يتبدلوا
والأشخاص المملون هم هم كالعادة يقبعون خلف المكاتب ويتربصون بالمارة
الناس في مدينتي لم يفهموا معنى الفضيلة بعد..
عندما يخفق قلبك يرجمونك
وحينما تحمل هدفك يجرمونك
وحينما تقع في الظلمة.... لا أحد!!!!!
تغرينا جنة الأخطاء كثيراً ونعوم أعواماً بالفوضى لكل منا رغباته نتشارك بالأخطاء السبعة جميعا
لسنا ملائكة ولكن لا نريد أن نصبح شياطين
من منا ينزع ذاكرة المكان..
كنا بسطاء حينما يهطل المطر نرقص، ونردد قصيدة السياب (أتعرفين أي حزن يبعث المطر..)
وكان السياب أصبح سحابة تبكي المطر دائما
ذهب السياب غير محسود على الموت ولسنا كذلك على الحياة
وكأن لذة المطر ماتت وكان براءة الأرض انتزعت
الأرض هي الأرض والناس ينتصرون على الأرض بالموت
وذلك اللص المطلوب يدخل الحديقة متأبطاً جريدة..يسير بهدوء وراحة
فيسأله الشرطي من أنت؟
مازالت مدينتي ترقص تحت المطر، ومازلنا نردد يا مدينتي
(أتعرفين أي حزن يبعث المطر..)!!!
ص.ب 631 عنيزة
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|