الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th July,2006 العدد : 163

الأثنين 28 ,جمادى الثانية 1427

شرائع النفس والعقل والروح
تأليف:محمد عرب
دمشق: اتحاد الكُتَّاب العرب 2005
الكتاب عبارة عن دراسة منهجية، صدرت عن اتحاد الكُتَّاب العرب في نهاية العام 2005، تناول فيها المؤلف العقل والنفس والروح في النصوص الدينية والفلسفية والفكرية.. يقول المؤلف في مقدمة دراسته:
(لقد حاولت في هذا الكتاب أن أُبيّن استناداً إلى النصوص الدينية والفلسفية والفكرية حقيقة الروح والعقل والنفس، ودور كل واحدة من هذه القوى التي يملكها الإنسان في القرارات التي يتخذها، والسلوك الذي يسلكه، سواء كان يشعر بذلك أو لا يشعر به.. وسوف يتبيّن لنا من خلال البحث أن البشر هم كما وصفهم الله، ينقسمون إلى أربع فئات تبعاً للمصدر الذي يستمدون منه سلوكهم، ويبنون عليه تصرفاتهم وشرائعهم وهم:
1- الإنسان الخليفة، وهم الرسل والأنبياء والأولياء الذين يستمدون سلوكهم وشريعتهم من عالم الروح.
2- الإنسان العاقل، وهو الذي يستمد شريعته وسلوكه من عقله الذي يهديه، للإيمان.
3- الإنسان الحيوان، وهو الذي يستمد شريعته وسلوكه من غرائزه، وبخاصة غريزة المعدة، وغريزة الجنس، لكنه لا يقتل ولا يؤذي إلا عندما لا يجد وسيلة مشروعة لتلبية غرائزه.. فهو مثلاً كالحيوان الذي لا يقتل إلا إذا جاع ولم يجد ما يأكله.
4- الإنسان الذي هو دون الحيوان، وهو الذي يستمد شريعته وسلوكه من غرائزه، كما هو الإنسان الثالث، لكنه يبيح لنفسه كل شيء لإرضاء غرائزه، ويفعل ما لا تفعله الحيوانات.. فهو لا يتورع عن القتل لزيادة ثروته وإن كان يملك الملايين، ولا يُوجد أي رادع لديه يمنعه من سلوك أي مسلك لتحقيق رغباته الجنسية.. إنه الإنسان الذي وضع عورته ومعدته فوق رأسه فقلب صورته الإنسانية التي خلقه الله عليها.. فقد جعل الله العالي في الأعلى بترتيب يكشف عن مكانة كل عضو في الإنسان، ومكانة الإنسان بالقياس للعضو الذي يستمد منه قراراته بترتيب حكيم خبير.. فجعل الله الرأس في الأعلى، وهو مصدر أحكام العقلاء والمعلمين.. ثم الأذن وهي للمتعلمين، ثم البصر للناظرين، ثم الشم الموضوع فوق الفم مباشرة ليقوم بدور المخبر للتأكد من سلامة الطعام والشراب الذي نتناوله، ثم حاسة الذوق للتأكد من طعم ما نذوقه وبرودته أو حرارته، ثمَّ الإحساس الذي يقوم الجلد بكامله من خلاله بإنذار العقل عن كل ما يصيب الجسد.. وإذا نزلنا إلى ما هو أدنى فسوف نجد المعدة التي تقوم باستقبال الأرزاق وتوزيعها على الجسم، وبعد ذلك العورة التي جعلها الله في نهاية الجسم بسبب دورها المتواضع في حياة الإنسان.. لكن ماذا فعل الإنسان الحيوان لتنطبق عليه هذه التسمية؟ لقد قلب النظام الذي خلقه الله عليه، ووضع عورته في الأعلى بدلاً من رأسه حين جعل تلبية رغباته الجنسية هدف حياته، أو إذا جعل الطعام غايته الرئيسة.. والإنسان الحيوان غالباً ما يجمع بين الرغبتين ويجعل من عقله خادماً لمعدته وعورته.. وإذا أخذنا هذا المقياس للحكم على الأنظمة والدول والحضارات، فسوف يتبيّن لنا، أن دولاً ومجتمعات ثرية تسلك سلوك الإنسان الحيوان، فهي تقتل وتدمّر وتوظف كل علوم العقل للنهب والسلب والاعتداء على البشر الضعفاء، ليس لأنها محتاجة أو جائعة كما تفعل الوحوش في الغابة إذا جاعت، لكن لكي تزيد من ثرائها وتمارس شهواتها، وتؤازرها في ذلك شعوبها بالتصفيق لمن سيزيد لها كميات الطعام، ولمن سيفتح لها أبواب حريّة الانحراف والشذوذ على مصاريعها، لكي يمارس كل شخص هواجسه الجنسية دون حياء أو خوف.. إنها حضارات كما يُقال، لكن ما هو الاسم اللائق بمثل هذه الحضارات إن كانوا أفراداً أو شعوباً أو دولاً؟
هل يليق بهم اسم الإنسان الذي هو دون الحيوان في السلوك لأنه أضلّ من الحيوان في الغايات والأهداف؟.
لقد حدّد الله صفات الإنسان الحيوان، ومن هو دون ذلك بقوله: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا. أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) (43-44) سورة الفرقان.. فهذا هو الفرقان بين الإنسان وغير الإنسان، وبين حضارة وحضارة.. الخضوع لحكم الروح أو العقل، أو ما تهواه النفوس والغرائز.. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه عرف ربه).. فلا شيء أعظم من معرفة دور النفس ولمن يجب أن تخضع لكي تهتدي بنور العقل أولاً ثمَّ بنور الروح ثانياً، لكي تقوم بخلافة الله في الأرض، ولا شيء أخطر من النفس لجرّ الإنسان إلى مواقع الإنسان الحيوان، أو من هم أضلُّ سبيلاً.
إنها محاولة لكي يعرف كل إنسان نفسه، ويحدد موقعه في الحياة تبعاً لاختياره.. وهي محاولة أيضاً لكي يعرف غيره ولا ينخدع بما يراه من بهارج الحضارات القديمة والمعاصرة... إما روح، وإما عقل، وإما نفس، وإما غريزة.. وباختصار إما إنسان أو حيوان ودون ذلك، إذ ليست العبرة بالصورة، لكن في مضمون الصورة.. وإنه الاختيار الذي يصنع به البشر أفرداً أو شعوباً ودولاً ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم دائماً....)
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved