أعر اف النهايات محمد جبر الحربي
|
هذه الكتابة ليست عن (النهايات) لعبد الرحمن منيف الكاتب العربي السعودي المظلوم من قبل مراكز الثقافة وإن عاشها، وليس أدل على ذلك من حادثة روتها لي قبل سنين إحدى المتقدمات للماجستير في إحدى الجامعات المصرية، وكان عنوان بحثها (المكان في رواية عبد الرحمن منيف).
هذه الإماراتية الواعية واسمها مريم خلفان كانت متحمسة لفكرة وضع الإبداع في المنطقة في مكانه الطبيعي، ولكن المشرف على رسالتها رفض الموضوع لأنه لا يعرف من يكون عبد الرحمن منيف. إلى أن اضطرت لإهدائه أعمال منيف ليقرأ فيقتنع، فيقبل.
تلك قصة، أما الرواية فهي تجاهل وتناسي عظمة هذا المبدع الكبير.
وأما النهايات التي أقصدها هنا فهي قدرة غالبيتنا على إنهاء ما نبدأ به ليكون لدينا أكثر من عبد الرحمن، وأكثر من منيف.
فنحن لا نعرف كيف ننهي المكالمة.. ولا الحوار، ولا اللوحة، ولا القصيدة، ولا القصة ولا الرواية، ولا العبارة، ولا الزيارة، هذا إن كنا نعرف كيف نبدأ شيئاً من ذلك.
فمحاولاتنا خجولة، ومقارباتنا يعتريها الخوف والبرد، وخطواتنا كسولة، وتجاربنا مترددة، وحكاياتنا غير مكتملة، ومخيلتنا مشدودة بالأرض بما هو أثقل من الجاذبية، أسوارنا أعلى من نوافذنا، ونوافذنا مزينة بالقضبان، وأبوابنا كتل حديدية، وعقولنا متأرجحة، ومواقفنا غامضة، ووجوهنا لم نعد نميزها من كثرة الأقنعة، وخطابنا ضبابي، وسلوكنا انتهازي، وحبنا مغلف بالحاجة والمصلحة، وعطاؤنا مغلف بالمن، ودوراننا على أنفسنا، وحروبنا على أهلنا، وغيرتنا على ما لا نملك، وأمثالنا على الغريب، وسطوتنا على نسائنا وأطفالنا، وخوفنا من أنفاسنا، وشجاعتنا في غير الحق، ومبالغتنا في غير الصدق.
نحن لا نعرف كيف نحب.. ولذلك لا نعرف كيف نصرح بالحب مع أننا أكثر من يستخدم هذه المفردة العظيمة.
ونحن لا نعرف الشكر ولا العفو، ونعتقد أن فيهما انتقاصا من شخصياتنا العابسة، ولا نعرف الابتسام لأنه يضيع المهابة، ولا نعرف أية مهابة تلك التي ستضيع!! والغريب أن لدينا كسائر البشر سيقانا ولكنها لا تمشي، وأيدي ولكنها لا تمد، وعيونا ولكنها لا تميز الألوان، ولا تحتفي بها، وآذانا ولكنها لا تجرب الاستماع، ومن الممكن أنها لم تسمع به، وعقولا ولكنها تعمل بالريموت كنترول، وقلوبا ولكنها جافة معطلة، وصدورا ولكنها لا تحضن ولا تضم.
نحن نريد ولا نريد. وينقص فينا الفعل الجميل ولا يزيد..
نحن نسمع بالحياة ونقرأ الحياة ونكتب الحياة ولكننا لا نعيش الحياة!! وإلى أن يصبح للإنسان معنى وللعقل والمخيلة معنى، وللنوافذ معنى، وللشجر والورد من حولنا معنى وللحياة هدف ومعنى سنبقى هكذا ببدايات لا نهايات لها.. ولا حياة!!
mjharbi@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|