الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 24th October,2005 العدد : 128

الأثنين 21 ,رمضان 1426

فشلنا الثقافي
العقل والحكمة وفقدنا دار الحكمة (2)
خالد أحمد اليوسف

جاء الجزء الأول من هذا الموضوع - حول المكتبة العامة - ليطرح المشكلة ولماذا صاحبها الفشل والسقوط واستمرارية الضياع الإداري والفني والعلمي والتقني، ومدى انعكاسها الثقافي على المجتمع !!، وبما أن هذه الكتابة صاحبت انعقاد ندوة المكتبات العامة في المملكة: تحديات الواقع وتطلعات المستقبل بجامعة الملك سعود بالرياض، التي طرحت واقع المكتبات العامة من خلال التقارير، والاطلاع المباشر من أمناء المكتبات أنفسهم ومن المتخصصين في هذا المجال، ثم ما تحدث به معالي وزير الثقافة والإعلام في كلمته الافتتاحية للندوة، من وجود الإهمال والتقصير الواضح لكل من زار هذه المكتبات، وكذلك ما جاء في الندوة السابقة التي عقدت في معهد الإدارة العامة قبل ثلاث سنوات وكانت كذلك عن المكتبات العامة، وغيرها من اللقاءات والمؤتمرات والندوات كانت المكتبة العامة هي المحور الرئيس أو جزءاً من محاور أخرى.
من كل ما ذكرت وما ذكره غيري من المتخصصين أرى أن المستقبل الذي ننشده لهذه النوعية من المكتبات يتمحور في النقاط التالية:
1- عقد اتفاقية أزلية الأجل مع أمانات وبلديات المدن من أجل الاستفادة من المخططات والمرافق العامة في تخصيص قطع أراضٍ يُبنى عليها مراكز ثقافية تدخل المكتبة العامة من ضمنها، ولتكن على نماذج مختلفة لكل مساحة نموذج، لكيلا يقف النموذج والتصميم عثرة أمام المساحة المخصصة.
2- إشراك رجال الأعمال والوجهاء وصفوة المجتمع في هذه المشروعات الثقافية الوطنية، للمساهمة الكاملة أو الجزئية في دعمها، ومن ثم إطلاق أسمائهم عليها أو على القاعات أو على المسرح، وهذه الخطوة تمنحهم شعور الانتماء والجذر الراسخ وطنياً، والمساهمة الدائمة في بناء الوطن، ولعلّ كثيراً منا لا ينسى مسمى : جمعية أصدقاء، وهي موجهة لكل التخصصات في حياتنا، مثل جمعية أصدقاء المرضى (جمعية أصدقاء مكافحة التدخين) جمعية أصدقاء المكتبة.. وهي سند وتكافل ثقافي مهم، جاء الوقت لإنشائها والإعلان عن تكوين أعضائها من كل الفئات الاجتماعية في سبيل خدمة المكتبة.
3- تأسيس إدارة أو وكالة أو هيئة عليا مستقلة تُعنى بهذه المكتبات، وتمنح كافة الصلاحيات المالية والإدارية والتنفيذية التي تعزز دورها، وترسخ مفهوم العمل المكتباتي والمعلوماتي الحديث، الذي يتعامل مع المتخصص في علوم المكتبات والمعلومات على أنه موظف فني حرفي يدوي وذو عقل وقاد، يحتاج إلى التعلم والخبرة والرغبة في آنٍ واحد وليس عملاً إدارياً فقط !!، أو شهادة دون رغبة أو خبرة دون شهادة !!
4- إحداث تنظيم أو سلم وظيفي خاص بهذا التخصص العلمي المهني الحرفي، لكي يضبط الواقع المؤلم لكل المكتبيين والمعلوماتيين، ويهيئ المستقبل بإعادة التقدير لهم والتكريم للجهد الذي يبذل من قبلهم ولن ينتهي أبداً ولم يقف عند حدٍ!!، وقد كتبت من خلال الواقع والاستبيانات والأسئلة المباشرة عشرات البحوث والكتب وعقدت كذلك الندوات من أجل الرقي بمهنة موظفي المكتبات، ومازال الأمل معقوداً للحد من هروب وتسرب من بقي في هذه المهنة، حيث إن مكتباتنا بجميع تخصصاتها - خصوصاً العمل الفني - خالية من الوطنيين المتخصصين في المجال نفسه !!؟
5- منح أمناء ومديري المكتبات العامة صلاحيات مالية وإدارية، بدلاً من الإدارة المركزية في كل تفاصيل العمل ومتطلباته، حيث إن المكتبة العامة تحتاج إلى حرية توزيع العمل اليومي والشهري بين موظفيها !!، وفي تمديد وقت العمل أو طلب زيادة عمل خارج فترة الدوام، وهذا يختلف من مكتبة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى، كذلك في حرية تنمية المجموعات وقد تحتاج مكتبة إلى موضوعات لا تحتاجها غيرها !!، وقد تنمو هذه المجموعات بكل الطرق المعروفة أو بإحداها : الشراء، الإهداء، التبادل، وهذه كذلك تعتمد على نشاط مكتبة دون أخرى، أيضا حرية وصلاحية تنظيم المعارض والندوات واللقاءات والاحتفالات الثقافية التي تربط المجتمع بالمكتبة والمكتبة بالمجتمع ككيان معرفي واحد، كذلك صلاحية تنظيم وتقنين الإعارة من عدمها بحسب ما يراه الأمين باتباع الأنظمة المشهورة والمعروفة في ذلك.
6- من الصلاحيات المهمة المطلوبة في هذا المجال إبراز مكتبة دون أخرى، بحسب موقعها الجغرافي أو العلمي أو التاريخي، بحيث يُعطى أمين المكتبة صلاحيات مفتوحة في أن ينمي مجموعات مكتبته بحسب تميز وجودها ومكانتها، حيث إن مكتبة عامة في مدينة صناعية كالجبيل أو ينبع، تختلف عن مكتبة عامة في مدينة زراعية كالهفوف أو بريدة، أو في مدينة سياحية اصطيافية كالطائف وأبها والباحة، أو في مدينة سياحية محاطة بالمحميات وأراضي الصيد والطبيعة البكر كعرعر والجوف وغيرها، مما يعطي بلادنا تنوعاً معرفياً، ومكتبات عامة مميزة ومتاحف مرجعية بالكلمة والصورة والصوت على اختلاف الأوعية التي يمكن جمعها.
7- لم تعد مجموعات المكتبة العامة قاصرة على الكتاب والدورية فقط !!، حيث إن الأوعية المعرفية توسعت وتنوعت وتعددت ومن الضروري الاستفادة منها، والأجيال التي كانت متآلفة مع الكتاب لم تعد هي من يريد زيارة المكتبة أو يفكر بها، لأن الجيل الجديد هو جيل التقنية والمعلومة السريعة، وهو من نرغب ونطلب تعوده على زيارة المكتبة أو التردد عليها والمعني بهذه الكتابة ؛ لهذا ولمواكبة هذا التطور يجب إحداث صالات خاصة بالكتب الإلكترونية، وإتاحة الدخول إلى الإنترنت للبحث والمطالعة مع تعدد الطرفيات - الشاشات والأجهزة - لكي تتيح الفرص لأكبر عددٍ ممكن من الرواد.
8 - من الضروري جداً أن يوزع ويوجه عمل هذه المكتبات إلى الجنسين : يوم للرجال، ويوم للنساء أو الفترة الصباحية للنساء، والفترة المسائية للرجال وللأطفال نصيب مع من يشاء من الجنسين !!، ولنا أن نسترجع العقود الأربعة الماضية أمام أعين الرواد والزوار، وذاكرة المجتمع الذكورية التي احتكرت الفائدة والاطلاع والبحث للرجال دون النساء !!؟، وألغت هذه العقلية الذكورية المرأة المتعلمة : طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية، المعلمات، الباحثات، راغبات القراءة والاطلاع، حتى طالبات المرحلة الجامعية.. كل هذه النماذج لم يحسب لها أي حساب أو وجود أو تمكين من الزيارة أو المراجعة، وينوب عنها ولي أمرها في الحصول على طلباتها، وتبقى هي عند باب المبنى الخارجي أو في السيارة !!؟، ومعاناة المرأة في هذه الحالة لا حد لها لأنها ستضطر إلى البحث عن مكتبة يسمح لها بالدخول كمكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض أو مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية هذا في مدينة الرياض.. لكن من تعيش في مدينة لا مكتبات فيها ماذا تعمل وما هو الحل ؟؟، من المؤكد أنها ستضطر إلى شد الرحال.. هذا هو واقع المكتبات العامة مع المرأة التي هي نصف المجتمع.. و أكثره حاجة إلى المكتبة.
9- من الضروري جداً وضع خطة مستقبلية للعمل من خلال الواقع المنجز.. والواقع الذي فشل تطبيقه، ولن يتأتى هذا إلا باجتماع دوري لكل العاملين في مجال المكتبات الذين هم الشاهدون والمطلعون على سير العمل بأنفسهم، ولن تنفع الندوات والمؤتمرات واللقاءات التنظيرية الهلامية، من الأكاديميين وبعض المديرين أو الوكلاء الذين لا علم لهم بما يلمسه أو يمر به المكتبي والمعلوماتي، من صعوبات إدارية ومالية وفنية يومية، بل كل ساعة ودقيقة.. وقد جاء هذا من واقع أعيشه في كل ما ذكرته قرابة ثلاثة وعشرين عاماً!!؟
وبعد انعقاد ندوة المكتبات العامة في المملكة: تحديات الواقع وتطلعات المستقبل بجامعة الملك سعود بالرياض التي جاءت بوجهة نظر الأكاديميين، حان الوقت أن تُعقد الندوة ذاتها من خلال وجهة نظر العاملين أنفسهم، وسنرى الفرق جلياً!!
10- توحيد الجهود الفنية والتعاونية والتقنية بين هذه المكتبات على مستوى الوطن كافة، بجهاز حاسب آلي رئيس في الإدارة العامة أو الوكالة أو الهيئة العليا لكيلا تختلط المصالح والفوائد والنتائج ببعضها، أو تتكرر هذه الجهود والصلاحيات المخولة لهم فنفقد أهم دعامة لنجاح المكتبات العامة وهي السعي إلى التميز والتنافس والتفوق بين المكتبات العامة.
هذه بعض الطموحات والإشراقات التي لا حدود لها، وهذه بعض ما يختلج في القلب من أجل ثقافة ناجحة وبناء يشرق مع كل شمس جديدة، وهذه بعض ما يرغبه ويتمناه كل مكتبي ومعلوماتي من أجل ثقافة شعبية منظمة تخدم كل الفئات والمجتمع.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved