الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 24th October,2005 العدد : 128

الأثنين 21 ,رمضان 1426

على رسلكِ أيتها المتعثرة!
عبدالفتاح أبو مدين

* (البرقوقي ومجلة البيان)، محاضرة كتبتها في أواخر عام 1424هـ، وخلال مطلع عام 1425هـ، خاطبني أخي المربي الأديب علي حسن العبادي، رئيس النادي الأدبي بالطائف، يريدني أن أشارك في نشاط ناديه، فاقترحت أن يكون الحديث عن - البرقوقي ومجلة البيان -، واتفقنا على أن يتم ذلك في صيف 1425هـ، غير أن ظروفي وبرنامج النادي لم يتلاقيا.. وانتهى بنا المطاف إلى صيف 1426هـ، وقد كان، وألقيت ما كتبت مساء الثلاثاء 13-6- 1426هـ، ثم شرعت بنشر تلك المحاضرة في حلقات بزاويتي في الجزيرة، بدءاً من 29-8-1426هـ.
* وبعد نشر الحلقة الثانية، والمحاضرة قسمتها على أربع حلقات، جاءني هاتف مساء الاثنين 7-9-1426هـ، وكان المتحدث - فايزة أحمد مصلح الحربي، وقد أشرت إلى الحديث في الحلقة الثالثة، المنشورة يوم السبت 12-9-1426هـ، قلت بإيجاز حقيقة ما كتبت، وأكدت أنني لم أطلع على أطروحة فايزة في الموضوع عينه، وأنني بعد المهاتفة، سعيت لشراء الكتاب من مكتبة الكنوز يوم الأربعاء 9 رمضان 1426هـ، واعتذرت بأدب، أنني لم أطلع على الكتاب، ولم يصلني هدية من صاحبته، وقدرت أن الموضوع قد انتهى عند العقلاء إلى هذا الحد.
* غير أني فوجئت بمقالة منشورة في البلاد، يوم الأحد 13-9-1426هـ، تقول صاحبته في عنوانه: (تعقيب على مقالات أبو مدين) البرقوقي رسالتي والأمانة العلمية تقضي بالإشارة إلى ذلك.. ولست أدري عن أي أمانة تتحدث الفتاة؟ لأن الأمانة وهي ثقيلة وتعبها وأعباؤها، لا يعلم بها إلا الله.. الأمانة أيتها الفتاة ألا تتهمي ولا تظني ظن السوء فتكوني من القوم البور.. وما دمتِ لم تصدقي ما قلتُ، وإني لم أطلع على كتابك، فلم يبق إلا أن تقيمي قضية في المحكمة الشرعية، وأحضر أمام القاضي لأحلف أني لم أرَ كتابك إلا يوم الأربعاء التاسع من رمضان 1426هـ.. وإذا كنت لم تقتنعي بالحلف، وليس عندك بينة، فكلامك يصبح هراء، لا قيمة له.. ودليلي أن فايزة لم تقتنع بما قلت، حين رأيتها تماري مراء غير ظاهر، وتفتي وتدين كويتباً غلبان، لا يملك الشهادة الجامعية ولا الدرجات العلمية من الأطروحات، مع أن الرسائل على ظهر من يشيل، في الأسواق في كل مكان، وكثير من الشهادات التي يفاخر بها أصحابها لا تساوي قيمة المداد الذي كتبت به، ودعنا من الجهد والعناء والسفر والبحث.. والألقاب العلمية ليست مقياساً للتفوق في المراتب والدرجات.. وطالبتنا ربما جهلت أن رفوف المكتبات ما أكثر ما آنست بالكثير من الأطروحات التي باهى بها أصحابها مثلك، لكن الآخرين لم يأمروا الناس بألا يشاركوهم في درس أدبي كما ادعيت أنت، سواء على مستواهم أو دونهم! فما لي أراكِ تتجاوزين حدك من المشروع إلى غير المشروع؟ واضطر بأن أصف حالك بأنه غرور وكبرياء، فعودي إن شئت!
* لنفرض (جدلاً)، ومجال الجدل والخصام عريض عند المناطقة، لنفرض، أنني اطلعت على كتابها، وكتبت ما كتبت، ولم أشرف بالإشارة إلى أطروحتها، فهل أنا مطالب بأي سبيل، أن أقول إنه صدر لفلانة رسالة ماجستير تعنى بكذا!! أنا لست نشرة أخبار، ولست صحافياً قشقاشاً يجري وراء الخبر، لأنه عمله ووظيفته!
* إني أتحدى فايزة الحربي، أن تثبت لي وللقارئ سطراً واحداً أخذته من كتابها - رسالة ماجستير - أو غيره.. أما المعرفة فهي ملك مشاع للقادرين وحتى لغير القادرين من التلاميذ والمقلدين، فهل نراك شببت على الطوق فتتكلمين مخطئة ومغالطة في أمر ليس فيه شيء من حق؟!
* أقول: أنتِ وشأنك، إذا لم تصدقي في أنني كتبت بحثي عن البرقوقي وبيانه، واقتنيت منذ عامين بعض أعداد مجلته، وأملك ديوان المتنبي الذي حققه البرقوقي قبل أن تلدك أمك.. أعلم كل ذلك عن الرجل، دون حاجة لاطلاعي على كتابك، وقبل أن أراه.. وطلاب المعرفة إذا ركبهم الغرور فإنهم قد انتهوا، وعليهم إذا أرادوا أن يثبتوا وجودهم، ألا يتعالوا ويدّعوا المعرفة وكأنها وقف عليهم.. وأعيذك من داء الكبرياء، فالكبرياء لله وحده.. وحين أقول لك إنني لم أرَ كتابك قبل شرائه، وأجدك لا تصدقين ما أقول، فهل ذلك يضيرك في شيء، إلا إذا كنت واحدة زمانك؟ وقد تمثلت قول أبي العلاء المعري:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لم تستطعه الأوائل
وشيخ المعرة اعترضه فتى ذكي مثلك، فقال له: إن العرب قد جعلت الحروف الهجائية (29) حرفاً، فهات حرفاً إضافة يحتاج إليه، فصمت أبو العلاء وقال: هذا الفتى سيقتله ذكاؤه، وأنا أرجو ألا يجني عليك ذكاؤك!
* لقد قلتِ لي عبر الهاتف: إنه لم يكتب غيرك عن البرقوقي ومجلة البيان، وقلت لك في آخر الحلقة (3) من حديثي عنهما، إنه كتب وألف، وأنت لم تطلعي ولم تنشر أطروحات أولئك، وذكرت لك أن رسالة ماجستير نوقشت في كلية اللغة العربية بالمنصورة، عن البرقوقي وبيانه منذ سبع عشرة سنة، أي منذ أن كنتِ أنتِ في المرحلة الابتدائية من التعليم.. غير أنك تجاهلت حين رددت عليّ يوم الأحد 13 رمضان 1426هـ في البلاد، وطالب العلم الذي يحترم نفسه لا يدعي العصمة، ويزعم أنه (ابن جلا وطلاع الثنايا) ومعروف حين يضع عمامته.. والوضع أيها الأستاذة النجيبة له أكثر من معنى، هل الوضع على الرأس أم على الأرض؟
* إذاً أنت يا صغيرتي في حاجة إلى المزيد من المعرفة، لكن إذا كنت تملكين عدتها، وإذا استندت على الادعاء، فإنك لن تكوني، ولن يرقى بك ما يتراءى لكِ من الوهم، بأنك أنت المجلية التي لا يشق لها غبار.. فرفقاً بنفسك، لأن الدرب أمامك طويل شاق وشائك، والادعاء يدفع إلى العثار والزلق، والشاعر القديم قال:
قدر لرجلك قبل الخطو موضعها
فمن علا زلقا عن غرة زلجا
* أنت في حاجة إلى المطالعة والدرس مع التواضع لتكوني، وإلا فإنك لن تكوني إذا كان عمادك الادعاء وعدم تصديق الناس وهم أمناء على ضمائرهم وأماناتهم، وقد لعن القرآن الكريم الكاذبين. والادعاء بالباطل سماه الكتاب العزيز زهوقاً، إني أعيذك من داء الغرور، ذلك أنه قاتل، وأنت أمامك درب أزعم أنه طويل وعسير، غير أن الطامحين الصادقين قادرون بحول الله وقوته أن يصلوا إلى ما يطمحون إليه من العلم، إذا صدقوا في توجههم، والإرادة تردد قول الحق: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}.. وينبغي أن تدركي أن المعاني مطروحة على الطريق أمام الغادي والرائح، كما قال الجاحظ، فليست ملكاً لك وحدك، وحين تزعمين ذلك، فإن تسيرين في درب الغرور، والله قد أعطى كل ما خلق نصيبه، والإنسان كما يقول الحديث النبوي ميسر لما خلق له.. وإذا كان أساتذتك في مرحلة البكالوريوس والماجستير لم يعلموك إياها، فاجنحي إلى ذلك التراث الغني بالكنوز، لتتزودي منه بما تستطيعين، إذا كنت قادرة، وإذا كنت طموحة، لتقفي على زاد ثري، وإذا أمعنت النظر بتجرد ورغبة الآمل والباحث، فسوف ينال منه ما يهذب ويؤدب، ويبين لك طريق المعرفة الحقة، وليست القشور التي تذهب جفاء!
* وإنني خلال استماعي لاحتجاجك الحاد عبر الهاتف، وما أفرزت خربشتك في البلاد، أدركت أنك لست النمط الذي يجدي معه التحاور الفكري، لأن بني الأيام أخياف، كما قال الشاعر ابن زيدون.. وأنا واثق أن الأيام سوف تهذب حجاجك، والعرب قالت: (نعم المؤدب الدهر)، وأدركت من مصاحبتي للحياة، أن الثقافة لا تبني خلقاً، ولكن المفيد منها يمحو الجهل، والجهل أنماط، منه ما ينزاح، ومنه ما هو باق حسب استعداد النفوس، وأنا أعذرك، لأنك جهلت مقالتي فعذلتني، وعلمت أنك جاهلة فعذرتك.
* أنت في حاجة إلى العودة إلى فصول الدراسة، لتتعلمي منها أدب الحوار وأدب الدرس وتأثيره العالي، وأنك ما زلت في أول الدرب الأدبي العلمي، والطريق طويل أمام السارين والسائرين الذين لهم طموح نحو الدرس والتهذيب والقدرة والقدوة الحسنة، إن أدب الحوار درس مهم، يحتاجه كثيرون وأنت منهم، وفي الجامعات من الجنسين من يحسن تقديم درس في أدب النفس قبل أدب الدرس، لكن التقبل والاعتراض وجهان لا يتقابلان ولا يلتقيان.. ويمكنك أن تتعلمي من دروس الأيام، ففيها حكم وعبر لمن يعتبر، وتحرز في أدب الخطاب، وخطاب الأدب.. وأكبر الظن أنك في حاجة إلى شيء من هذا وذاك.. وأخيراً، وليس آخراً.. كنت أود وما تغني الودادة، أن يكون عندك من التعليم رهافته الخلقية في مواجهة الحقائق، غير أن جنوح النفس إلى المغالطة والمكابرة يدفعها إلى البعد عن الحوار المفيد إلى ما سواه، بعيداً عن إقناع أصحاب النظر المحايد.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved