الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 24th October,2005 العدد : 128

الأثنين 21 ,رمضان 1426

الزهراني.. والوقوف في الممنوع

قرأت للكاتب سعيد الزهراني في العدد (121) من المجلة الثقافية، تحت عنوان (الحب قضية هامش) حديثاً عن النظرة الازدواجية التي تحكم علاقتنا بالأشياء، وضرب علاقة الحب مثلاً لذلك.. وإنني للمرة الأولى قررت التداخل مع أخي سعيد.. فأسجل إعجابي وإشفاقي عليه معاً؛ لإصراره بشكل دائم على الوقوف في الممنوع.. احترس يا سعيد؛ فالحب ما زال عاراً في مجتمعنا.. عار على الرجل أن يتحدث عن الحب أمام أبنائه؛ فيسقط من نظرهم!! عار على الأم أن تتحدث فيه أمام بناتها؛ فتكون لهم القدوة السيئة.. عار على الأبناء الحديث فيه أمام آبائهم؛ فيتهموا بسوء الأدب.. عار على الزوجة الحديث فيه أمام زوجها؛ فتكون في موضع شكه وريبته.. الحب عار يا سعيد.. رفضته العرب قديماً، وترفضه حديثاً.. عار نقترفه وراء أبواب حجراتنا الموصدة على لوعاتنا وحرقاتنا المشربة بمرارات الحرمان.. عار نقترفه على وساداتنا في المساءات المبرحة القلقة القاسية.. عار نخفيه عن زوجاتنا، وربما يخفين مثله عنا، أن كن مرغمات في زواجنا، أو مضطرات تحت ضغط ظرف من الظروف.. الحب عار على الرجل لأنه ضعف!! وعار على المرأة لأنه قذف!! الصراحة فيه وقاحة.. والمواجهة من أجله عهر وتبجح.. والكفاح من أجله سفاهة وغباء.. الحب على رأس المحظورات التي تخرج صاحبها في نظر البعض من دائرة الدين والإسلام يا سعيد!! والنتيجة ماذا؟ إدمان على المخدر؛ لأن الفرد الطبيعي المفكر لم يستطع أن يتحمل فكرة أن هذا الشعور النقي الذي تتشربه نفسه محرم اجتماعياً.. فشل على المستوى العملي؛ لأن أهم حافز يرفع من درجة نشاط الفرد، تم حرمانه منه بكل قسوة وربما إلى الأبد.. فأصبح داعي إحباط وخيبة وإخفاق.. ملفات الطلاق التي تنوء بها أرفف المحاكم؛ نتيجة حالات الارتباط العشوائية التي تقوم على آلاف الاعتبارات من قبل الرجل تدفعه إليها ظروفه المادية أو الاجتماعية أو غيرها يأتي الحب في ذيلها، إن كان له وجود بينها أصلاً!! هذا إن لم يكن أحد ضحايا تجارب الحب الفاشلة ويتعامل مع الزواج كإجراء بيولوجي، أما الطرف الثاني (الفتاة) فليست أكثر من طرف سالب دوره الاستجابة لكل أفعال الآخرين دون إبداء ردة فعل واحدة.. أتعرف أن هنالك نوعاً أخطر من الحالات يا سعيد، حالات دفع أصحابها الثمن غاليا عندما حرمت عليهم مشاعرهم، ووجهوا بصلف وقسوة الأهل والمجتمع، فتعرضوا لسقطة نفسية غريبة أفقدتهم توازنهم، وبدأت ذواتهم تحمي نفسها من شعور الحرمان من الفتيات اللائي أحبوهن، فانصرفوا عنهن زاهدين، وبعد دورة زمن عادت تلك المشاعر لتقفز على السطح ثانية، بعدما كانت الحياة امتلأت بالزوجات والأبناء، المهددين بثورة طوفان الحب الأول.. أنا شخصياً أعرف أحد هؤلاء.. رجل اكتشف بعد عشر سنوات أنه ما زال يحب فتاته الأولى التي تخلى عنها، بل وأحس تجاهها بالكراهية لمجرد أن أهله خيروه بينهم وبينها؛ ولأسباب غير مقنعة، وعندما رآها في إحدى المناسبات في صحبة طفلها، وكان معه أطفاله أيضاً، انفتحت فوهة البركان في قلبه ورأسه.. خرجت الحمم القديمة على جسده، معلنة عودة الماضي بكل تفاصيله إلى الوجود، وسقوط السنوات العشر الماضية من ذاكرته التي نشطت مشاهدها القديمة بدرجة تؤذن بخطر انهيار كل شيء.. أتعرف من هذا الرجل يا سعيد؟.. إنه (.....)!!!.


أسامة الزيني
شاعر وروائي
anotherwriter2005@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved