الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 24th October,2005 العدد : 128

الأثنين 21 ,رمضان 1426

أعدتُ إلى الله أغلى الهبات
شعر : جاسم العساكر
إلى ولدي محمد (رحمه الله) مضغة سهلة البلع ما بين أسنان الحديد
رَسَمتُكَ في دفترِ الأمنياتْ
حديقةَ وردٍ بشكلِ الحياةْ
وأطلقتُ قلبي بِها بلبلاً
يلوّنُ عُمري صدى أغنياتْ
ورحتُ أرشُّ على سفحها
رحيقَ الأبوّةِ عذبَ الصفاتْ
وفجّرتُ من لهفتي منبعاً
من الشهد يجري معيناً فُراتْ
فأورَق صدريَ عُشَباً على
رُبَاها وأزهرَ قلبي نباتْ
إلى أن سرَتْ باللظى نفحةٌ
عليها فأحرقَتْ السُنبلاتْ!
وجزّ الخميلةَ من جذرهَا
مقصُّ المآسي فصارتْ فتاتْ
هُنا انعتَقَ العطرُ من وردهِ
وفرّتْ على وجههَا السوسناتْ
وغادرتِ الطيرُ أعشاشَها
غداةَ تسلّتْ بها العاصفاتْ
وقوّضَ نبعُ المُنى رحلَه
صبيحةَ قالوا: محمّدُ ماتْ
كأنّ الذي مدّدوهُ أنا
ونادَوا عليهِ: الصلاةَ الصلاةْ
محمّدُ يا لحنَ أنشودةٍ
تردّدها في المساءِ الرعاةْ
ويا جملةً في كتابِ الأسى
بكسرِ المنى أعربَتْها النحاةْ
تعطّل صوتي حداداً على
فراقكَ وانشلّ صوتُ النعاةْ
وراحتْ خيولُ الأسى داخلي
تحومُ على القلبِ بالولولاتْ
أراقبُ حتّى انتهاءِ الطريقِ
وأبحثُ فيمَا نأى منْ جهاتْ
أرى كلّ طفلٍ علَى بابهِ
سواكَ، إذا عاداتِ الحافلاتْ
فأسفَح قلبي على آهةٍ
وأندكُّ قد خان عزمي الثباتْ
تغربتُ عن هيكلي أجرداً
كأني سطورٌ بلا مفرداتْ
فإن بعثرتكَ الليالي على
رصيفِ المنايا ودربِ الشتاتْ
جمعتُك في باقةٍ من حروفٍ
تغلّفها أدمعي الهاطلاتْ
وأسرجتُ من أحرفي مشعلاً
رقيقاً كمَا ملفعِ الأمّهاتْ
وأقسمُ أني رأيتُ الورودَ
تنوحُ على دكّةِ القافياتْ
وجثّةَ قلبٍ على بقعةٍ
من الحبرِ صلّت عليهَا الدواةْ
غرقتُ لأنعاكَ من أوّلي
ببحرِ القريحةِ حتّى اللّهاتْ
فعادَ بي الشعرُ من قاعهِ
تصاحبُني الأحرفُ الثاكلاتْ
ويا حِبرُ خذْ عن دمي قصةً
من الحزنِ تأسُو ثغورَ الرواةْ
فما كلّ شعرٍ بكافٍ لكي
يطبّب ما أدمتِ الحادثاتْ
أتذكُرُ والذكرُ ما بينَنا
نردّدُ آياتهِ العاطراتْ!!
فأقرأُ في مقلتيك (الضُحى)
متى رحتَ تتلو ليَ (العادياتْ)
تراكَ سئمتَ اسوداد الفضاءِ
فكان لك الموتُ أحلى نجاةْ!!
ورقَّ الحديدُ لِمَا قد رأى
فأعلَنَ في الوردِ يومَ الوفاةْ
فإنْ غبتَ عن ناظري واقعاً
فتحتُ للقياكَ ألفيْ قناةْ
أبرمجُ قلبي على موجةٍ
تردُّدها الهمّ والهلوساتْ
فألقاك في خاطري مشهداً
يبثّ على شاشةِ الذكرياتْ
وصوتُكَ (بابَا) إذا أشعلتْ
شفاهكَ أحيتْ عظامي الرفاتْ
قطارٌ من الهمِّ شقَّ الوريدَ
وأفزَعَ في داخلي الكائناتْ
وإني أميرُ الأسَى في الدنى
أمرتُ الليالِي بما هُو آتْ:
أفيضي على الأرض من لوعتي
وخلّي البرايا جميعاً أُساةْ
فما عادَ يغري سرورٌ وقدْ
أعدتُ إلى الله أغلى الهِبَاتْ
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved