الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 25th July,2005 العدد : 116

الأثنين 19 ,جمادى الثانية 1426

حين كنت في معيتهم
د.علي بن محمد الرباعي
ما كنت أظن أن ستجمعني فرصي السعيدة النادرة، بهذه النخبة من الأكاديميين، من أبناء منطقتي العتيقين، في صيف الباحة، العاقة لأبنائها، والتي كثيرا ما طاب لي وصفها بأنها مقبرة الأحياء، وهذه وجهة نظري في زمن مضى، أما وقد أخرجت لنا هذه النماذج المشرفة، فإني أعتذر لها، وسأصفها بولادة الأحياء، جاء الأساتذة، د.صالح معيض، ود.صالح زياد، ود.محمد ربيع، لإحياء أمسية ثقافية، وما علموا أن لوجودهم أكبر الأثر في حياة منطقة بأكملها، عفوا فلست هنا من دعاة المناطقية، لكننا بتنا نعيش غربة ثقافية، حتى غدت مشاهدتنا للمثقف بيننا، كمشاهدة السيارة، في زمن ما قبل النفط، ولن أستمر في البحث عن مشجب، لأعلق عليه خيبتنا المعرفية، خاصة بعد أن صارحت نائب أمير المنطقة الأمير الدكتور فيصل بن محمد بما في نفسي أمام جمع نال كرم المكان، بحضور أمير كريم، وما علمت أن ربي أراد بي خيرا، حين هدى الأقطاب الثلاثة للمجيء، إلينا في الأسبوع الأول من صيف هذا العام 1426هـ ليستشعروا شيئا من معاناتنا، ويشعرونا بتضامنهم وإن في خفاء!!
كنا بعد نهاية الأمسية من تلك الليلة المختلفة في قمة جبل مهران الذي يرتفع عن سطح البحر بنحو2500متر، صعد الركب من خلال جيب تويوتا قديم، كان الأصدقاء يحتفون به وبصاحبه احتفاء الأطفال بلعبة، وصعدنا إلى الأعلى ليمكننا رؤية الأشياء بوضوح وحيادية، وهناك عانقتنا نسائم البحر المتشكلة في صورة ضباب شفيف، وهمي فوقنا السحاب بعد طول عناق فاستمطرناه ذكريات من ضرع طفولة بريئة، كان ضيوفنا يحلّقون بنا في أجواء معرفية، وبحثية، أقرب ما تكون إلى التخصصية، وربما تعمدوا إغراءنا بالمدنية إلا أن جبهتنا كانت متماسكة، وكنت وعبد الناصر وجمعان الكرت، والصقاعي، ومحمد خلف نعيدهم إلى القروية بقوة، ليتمازج القديم بالحديث، ويتداخل الشعر في القصة، وتتعلق العاطفة بالعقل، وثمل حاضرنا من عبق زمن أبيض، حملناه في دواخلنا لعقود وظننا أنه مات، ليصحح في ذلك المساء بيقظته خطأ ما كنا نظن؟ (في داخل كل منا قروي نائم) هكذا قال الدكتور محمد ربيع، قروي بحسناته الكثيرة، وبشيء من سوء غير مقصود!! كنت أقول لأستاذي صالح زياد حلم هذا الذي نحن فيه أم علم؟ قال بل علم (يا رباعي)، وكان الدكتور صالح معيض بما يحمل من لفتات بارعة يرصد كل كلمة لأنه تحمل على عاتقه عبء توثيق الحراك الثقافي للمنطقة، في كل مجالات العطاء الإبداعي، امتدت السهرة حتى مطلع الفجر، لم نمل من حديث، ولم نشبع من ذكرى، ولم نزهد في رفقة هذه النخبة المباركة، والشامخة، بما منحها الله من إنسانية، تسمو دون مزايدة، وكنا في ليلة أخرى، في زيارة لمواقع أثرية في بادية بني كبير، هناك، منحنا الصقاعي فرصة الالتقاء بالقمر عن قرب، ورصد النجوم الزواهر من جوار، أشعل رفاق أبي حمدان، نار الكرام، فطاب الحديث مع من نُجل، وطال الحنين لمن نحب، كان معنا بمشاعر لا تنضب، عبد العزيز مشري، رحمه الله، وعلي الدميني، وجبير المليحان، وعبد الله باخشوين، ويوسف إدريس، ومسفر الغامدي، وكان للدكتور صالح زياد أسلوبه السردي، والحركي، الساخر في بعض الأحايين، مما أشاع البهجة، وأدخل السرور على رفاق تلك الرحلة.
سادتي أقطاب تلك الأماسي الغير قابلة للنسيان، هل استشعرتم مدى غبطتنا بكم؟
ستقولون: نعم!! إن قلتم فسأقول لكم، نحن هنا كدول المواجهة التي لا غنى لها عن الدعم الخارجي!! ولا نطلب منكم أكثر من أسبوع واحد في العام تعيدون لنا به شيئا من حيويتنا الموءودة!!
سادتي: لقد وجدتني بعد رحيلكم عنا أردد مع شاعر شقي بمن أحب:
زارنا في المساء ينثر عطرا
زورة البرء بعد طول سقام
وأشاح لنا بوجه كبدر
فاتضحنا بنوره في الظلام!!
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved