الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 25th July,2005 العدد : 116

الأثنين 19 ,جمادى الثانية 1426

لولوة... قصة الحبّ الكبير
عبد العزيز حمد الجطيلي*

حبيبتي...
بدأت قصة الحب الكبير... وأنا في أحشائك ألم
كنت جنيناً يؤلمك لكنه يريحك...
كنت أملاً تخافين عليه لكنه حلمك الجميل...
ومن أحشائك إلى صدرك الحاني...
الذي فيه دفء أقوى من كل شتاء...
فيه ارتواء أقوى من كل ظمأ أو حرمان..
وعندما كانت تدهمني الحمى... ويسكنني الألم والضجر..
أجد نهارك يشرق في ليل تعبي وأنيني..
في غاية الليل والإعياء... يدك على جبيني.. وحنانك يهدهد ضجري
أمي حبيبتي.. كنت طبيبتي
أمي حبيبتي.. كنت صديقتي ورفيقة عمري
***
ما أجمل حكايات منتصف الليل... التي كنت تروينها لي
كي أنام.. وينام جرحي.
الشمعة مضاءة لي كي أنام أنا...
والشمعة مضاءة كي تسهرين أنت جواري
وكلما عبثت عتمة الإعياء بالنعاس...
أجدك فجراً يريحني حتى اطمئن وأنام...
ما أقوى الحب الذي فيه يتألم الإنسان لألم الإنسان.
***
لولوة حبيبتي
من يفسر حقيقة اللغز؟!
لغز فيه... أنا وأنت...عندما أغيب!
عندما أغيب عنك أكون معك
في أعماقك لوعة الفراق
في ذاكرتك طفل وصفحة من كتاب...
وأنت مع صديقتك أنا معك...
وأنت مع جارتنا أنا معك...
وأنت مع أبي أنا معك...
وأنت مع كل الناس أنا معك
حتى وأنت مع نفسك أنا معك
لأنك... تتحدثين دائماً عن قلبك الذي غاب!
***
أمي حبيبتي
رغم حقائب السفر... والطرق البعيدة...
رغم المدن الأخرى... والسرير الآخر... ووجوه الغرباء...
رغم كل شيء تبقيني معك ساكناً في أروع مدن الدنيا.. مدينة جنة قلبك
لولوة سيدة قلبي... كم كان السفر قاسياً
لحظة يُولد فيه بكاؤك وأنت تحتضنيني لتصبحي هاجسي الجميل
إنه الحنين قبل الحنين!
***
أمي حبيبتي
في قصص الحب التي قرأتها زمنا...
وقصص الحب التي عشتها زمنا...
وقصص الحب التي كتبت عنها زمنا...
في كل حروفها وكلماتها... بكل أحداثها وأبطال العشق فيها
كانت المخاوف تضعف الحب... بل تقتله أحياناً، إلا في قصة حبك معي...
مخاوف الأمومة تزيد الحب قوة؛ لأنها تعطيه كل ألوان الرجاء والشفقة والحنان
أنا هنا... صغيرك في الخطوات الأولى لي.. أحاول
أن أقف وأمشي وأنت (تصفقين لي) وكلما كدت
أقع أجد كفوف راحتك تساندني... والبسملة العظيمة تتلى منك في مسمعي
إبداع قلبك أمي... خوفك يكتب شجاعة الحب.
***
أمي حبيبتي
كم كانت حقيبة المدرسة رائعة
أجد بين الكتب والدفاتر الرغيف... وكنت رغم طفولتي
اشعر أنني كل صباح أملك بستانا كبيرا من القمح
تزرعينه لي بين أشيائي كي لا يذل صغيرك أمام
لحظة جوع... إنها سنابل أمي
حتى الطريق إلى المدرسة... أجدك الظل البعيد القريب
الذي يصاحبني... حتى ادخل مع بابها الكبير
وحين أعود إلى البيت... يكون الاستقبال حافلا
قبلتك أمي وابتسامتك...
الحلوى والألعاب الجديدة...
وغناء قلبك لي...
ينسيني الهموم الكاذبة التي عشتها حين تشاجرت مع صديق.. أو فقدت قلماً للرسم...
أو أنبني أستاذي الحاني بصوته العالي أو بعصاه الخشبية الطويلة
ابتسامتك كانت تريحني.. أنا أتكلم وأنت تصغين... وتتفقدين حقيبتي وتتصفحين كراسة الرسم
وكنت تعجبين وقد رسمت النخلة والكوخ والنهر
كانت تعجبك جداً رغم أنك لا تدرين كيف النخلة تشبه شجرة البرتقال...
وكيف الكوخ بلا باب.. وكيف النهر لا يشبه النهر.
أمي حبيبتي
افتقدتك كثيراً ونزف الحنين يؤلمني... ولكن ما حيلتي؟!
***
شمس لا تعرف الغياب
أبي ومهجة قلبي (حمد)...
كم كنت مبدعا... فصاحة صمتك علمتنا لغة الكلام
وبذكاء قلبك عرفنا كيف يكون سر الحب وتفسيره التضحية والعطاء.
أبي... يا تاج راسي...
بفروسية النخيل... فاض عرق جبينك نهراً من العطر...
تزينت به أناقة راحتنا ... وهناء عيشنا...
ومن زرعك قطفنا ورد فرحتنا.
أبي الحبيب...
تحت جناحك وجدنا الدفء أقوى من شتاء الأيام...
وفي ظل خيمتك كُتبت في أعماقنا إشراقة الرجولة...
فزادت به نقاء سريرتنا... ومن قاموس إرادتك كانت معاني نجاحنا.
آه.. أبي
كم تألمنا لرحيلك... ولكن في القلب أنت... في الذاكرة أنت...
وفي العقل حكمة أيامي أنت
كم هو قاس الفراق والغياب... لكن خيالك يسكنني...
فأنت رحلت وما رحلت من خاطري!
***
{وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.


* عنيزة
ayamcan@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved