الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 25th September,2006 العدد : 172

الأثنين 3 ,رمضان 1427

السيرة الذاتية في الأدب السعودي
كنت مغرماً ولا زلت بقراءة نوع من السيرة الذاتية، ألا وهي المذكرات. قرأت (محادثاتي مع ستالين) ل (ميلوفان دجيلاس) ومذكرات تشرشل ورومل وهتلر في كتابه (كفاحي)..
بين يدي الآن كتاب (السيرة الذاتية في الأدب السعودي) لأخي الدكتور عبدالله الحيدري حفظه الله يقول الإهداء: (... مع صادق المودة والمحبة.. آمل أن يجد فيه شيئاً يستحق القراءة) 10 7 1424هـ.
جاء دور هذا الكتاب قراءة، وقد صدر كتابي (الصالونات الأدبية في المملكة العربية السعودية)، إذ شغلني عن قراءة ما سواه، فصرت أزاوج بين قراءة الكتابين، وقد اكتشفت وأنا أقرأ في كتاب أخي الحيدري أنني أقدم النموذج لكتابة السيرة الذاتية في كتابي (الصالونات الأدبية).. إنها كتابة من النوع الشفاف الذي لم يكتب في الأصل ليكون سيرة ذاتية، وإنما كتب بأسلوب السرد القصصي المعتمد أحياناً على (المنولوج)، وهكذا اكتشفت نفسي على يدي كتاب (السيرة الذاتية).. أنني ممن كتب ولو عن غير قصد في هذا الفن.
وهذا الكتاب للدكتور الحيدري رسالة ماجستير، ومن تواضع مؤلفه أنه كتب (إعداد) ولم يكتب (تأليف).. وهذا الكتاب موسوعة نادرة في هذا الفن، ولا أقصد بالندرة قلة التأليف، بل أقصد الشمول والجمال في آن معاً، فلقد انتهى إلى هذه الموسوعة هذا الفن، وأصبح الدكتور عبدالله الحيدري صاحب السلطان الواسع على فن السيرة الذاتية في الأدب السعودي، ولقد خرج هذا الكتاب من المحلية إلى الآفاق الأرحب في الفصل الرابع:
(موازنة بين كتّاب السيرة الذاتية في المملكة وبين غيرهم في الأقطار العربية). ولولا هذا الفصل لبقي هذا الكتاب محلياً، وألفت نظر الأدباء إلى أن يركزوا على أدب الموازنات مع الأدب العربي، وعلى المقارنات مع الآداب العالمية نهوضاً إلى الطرح العالي بهذا الأدب العريق إلى المجال العربي والعالمي الإنساني.
يبدأ الكتاب بتمهيد يبين مفهوم السيرة الذاتية والفارق بينها وبين السيرة الغيرية، ويبين الفرق بين السيرة الذاتية وبين الترجمة الذاتية.
والمؤلف ملتزم بمنهجه الأكاديمي مخلص له، ولكنني أرى أن يحذف العنوان:
(عرض موجز للأعمال المدروسة) لأن مادته مكررة.
يبدأ الفصل الأول بنشأة هذا الفن وتطوره، بادئاً بكتاب أحمد عبدالغفور عطار، ويركز على كتاب (أبو زامل) لأحمد السباعي، وبعده في الأدب السعودي نظير (زينب) في القصة المصرية؛ كلاهما علم على ريادة الفن الذي ينتمي إليه، ثم يذكر الكاتب أدباء السيرة الذاتية من الرجال محمد عمر توفيق، عبدالعزيز الربيع، د. غازي القصيبي، د. زاهر الألمعي، عبدالفتاح أبومدين، محمد حسين زيدان، ابن عقيل الظاهري، عبدالحميد مرداد..
ومن الأديبات: سلطانة السديري، فوزية أبو خالد، نوال السعداوي، ثم يعرج الكاتب على السيرة الذاتية الفنية..
وينتقل في الفصل الثاني إلى موضوعات السيرة الذاتية.. والفصل الثالث: الخصائص الفنية. يقول المؤلف: (وفي رأيي أن السيرة الذاتية التي تكتب بتأثير من دوافع داخلية فقط هي أعلى قدراً، ويكون ماء الطبع فيها أوضح، وبخاصة إذا تصدى لها كاتب موهوب) ص 369
ويتصدى الكاتب لتعريف الشخصية متسائلاً:
ما الشخصية؟
وطبعاً تسرد آراء خلافية وهي لا تعدو في نظري مهما تشعبت:
أ العنصر البيولوجي.
ب العنصر السيكولوجي.
يقول الكاتب: (ولقد تباينت شخصيات أدبائنا في سيرهم، وتعددت الصفات المكونة لشخصياتهم..
وفي ظني أن الضعف البشري الذي لا مفر منه، له دور في الضدية التي قد تبدو في شخصيات الكتّاب).. ص 372
والدكتور عبدالله يقرر ظاناً؟! أرى أن تكون العبارة: (وأرى) أو (وعندي أن الضعف البشري..)؛ لأن (الظن) يضعف من قيمة الحكم، وإذا أراد أن يخرج المؤلف عن التقريرية الجبرية، فإن له مندوحة في ذلك باستعمال أسلوب يناسب كأن يقول: (وربما كان الضعف البشري..).
أسلوب الكاتب مع ذلك أسلوب المتمكن، وهو صاحب برنامج (كتاب وقارئ)، وهذا لا يعني انعدام الملاحظة على الأسلوب، وكلنا هذا الرجل. من ملحوظاتي على الأسلوب ما يأتي: عنوان ورد في ص 144 يقول:
لماذا لم تواكب السيرة الأجناس الأخرى في النشوء؟
وهي عبارة سليمة، ولكن كاد ينقطع نَفَسي بلفظة (النشوء) الواو الممدودة، والهمزة الساكنة، وأقترح أن يكون في العبارة تقديم وتأخير لتصبح في الطبعة التالية: لماذا لم تواكب السيرة في النشوء الأجناس الأخرى؟
شعرت بالارتياح النفسي لهذا المد وإطلاق الألف، ولأمر ما كانت مدود الآيات القرآنية الكريمة في أواخر كل آية يا دكتور عبدالله.
أكتفي بذكر ملحوظة ثانية فقط تتكرر كثيراً في أسلوب هذه الموسوعة؛ وهي كلمة (بين)؛ كقول الكاتب في ص 413: (والحق أن هناك فرقاً شاسعاً بين القصة والسيرة الذاتية).
والصواب: (بين القصة وبين السيرة الذاتية). وقصارى القول في هذه الملحوظات أنها كالنمش في الوجه الجميل وسيئات المقربين حسنات الأبرار.
لقد احتل كتاب (السيرة الذاتية) للدكتور عبدالله الحيدري صدر المكتبة العربية لا السعودية وحدها في هذا الفن، وإنما صدر المكتبة العربية الإسلامية.
فبارك الله بهذه الجهود وإلى المزيد.


د. أحمد الخاني

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved