الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 25th October,2004 العدد : 82

الأثنين 11 ,رمضان 1425

جبل ٌحجبت قمته غمامة
أبو حيان التوحيدي
حازم بن فهد السند *
شخصية أدبية ثقافية فلسفية (علمية)، ذات تاريخ مثير، وثقافة موسوعية؛ تتجلى في كتاباته المتنوعة والمتباينة التي تجري في كل فن وعلى أي نمط.. أتحف المكتبة العربية بمجلدات من الكتب التي أودعها خبراته وتجاربه وخلاصة ما عاشه في ذلك العصر (الرابع الهجري).. يتفق مع الجاحظ في كثير من الصفات الشخصية، والأسلوبية الكتابية، فهما رجلا أدب، وفكر معتزلي، كلاهما يسعى إلى إثبات مذهبه، وإبطال ما سواه بالطريقة الأدبية المفعمة بروح الإثارة والإفحام، وكثرة سرد المواقف البلاغية في كتبهما..
سعيا إلى الخلفاء يطلبون منهم المواهب، ويتحفونهم بما لديهم من الأدب والحكم..
وليس القصد هنا المقارنة.. ولكنها مقدمة يسيرة أريد منها الإيحاء إلى أن أبا حيان التوحيدي رجل من الدرجة الأولى في الأدب، له ملكته الأدبية ومهاراته البلاغية الواضحة التي نثرها في كتبه المتنوعة،، ومن أهمها (الإمتاع والمؤانسة).. وهو كتاب راق.. يحكي ما دار بين أبي حيان التوحيدي والوزير أبي عبد الله العارض.. وكتاب (أخلاق الوزيرين) يذم فيه الوزير الصاحب بن عباد والوزير ابن العميد.
ومع ما لهذين الكتابين من أهمية تأريخية بالغة، وفوائد أدبية ممتعة.. إلا أنهما لقيا خفوتاً وتجاهلاً فظيعاً حقبة من الزمن..، ولا أعلم السبب في تجاهل المحققين وذوي الأدب لمثل هذه الكتب الفنية الأدبية المتميزة..
والسؤال يعيد نفسه مرة أخرى في أمر أبي حيان التوحيدي ذاته.. فهو رجل يمتلك مقاماً حسناً وأدباً بارعاً، وفصاحة فذة.. ولكنه مقابل ذلك يظل في ذاكرة النسيان، وهامش الأدباء..
ومن كتبه التي تلقى شأواً يفتر كل حين (الصداقة والصديق)، و(البصائر والذخائر). ومن الأخرى أيضاً: (الهوامل والشوامل)..
وحق الأستاذ الأديب أبي حيان التوحيدي كبير يبدأ من مراعاة كتبه وطباعتها، مروراً بنشرها، حتى نصل إلى الواجب الإعلامي الذي يقوم بدور كبير من الإشارة إلى فضيلتها والتعليق على حسن فنها ومن ثم نقدها ودراستها دراسة أدبية.
حقيقة لم أكن أعرف (أبو حيان التوحيدي)، ولم أظن في يوم أن هنالك أديباً بحجم هذا الرجل بعد (الجاحظ) ونزر يسير من الأدباء.
إلا أن الأستاذ الدكتور (أحمد البدلي) بحسه المرهف، وذوقه الفريد، اختار كتاب (الإمتاع والمؤانسة) منهجاً، اتبعه في تدريسه.. فكان أول من أشار الى هذا الأديب وألمح إليه.. فأمتع الأذواق، وآنس القراء.. بعد أن كان يجهله جل طلاب تلك المرحلة.. وقد انكب كثير منهم بعد ذلك على قراءة كتب أبي حيان، لما رأوا من فرادتها، وجمالها، ورونق ألفاظها.
ولو لم يكن من (أحمد البدلي) ما كان لظلَّ الكثير من طلاب اللغة العربية يجهل هذا العلم الأدبي الشامخ الذي غطت قمته غيمة سوداء.
فمن يزيلها.. أليس الإعلام الثقافي..؟


*جامعة الملك سعود اللغة العربية
Firm2003@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved