الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 25th October,2004 العدد : 82

الأثنين 11 ,رمضان 1425

(الحكاية المؤسِّسة)
محاضرة «ربيع» تفجّر أسئلة الجمهور
* علي بن شقير الطائف:
لم يكن يتوقع الجمهور من عنوان محاضرة نادي الطائف الأدبي أن تقدَّم بالصورة التي ظهرت بها؛ حيث كانت عبارة عن رسائل قصيرة بشواهد مختلفة حول فكرة المحاضرة؛ ليترك للجمهور تفاعلاته العديدة التي أيَّدت الحاضر.. وإليكم المحاضرة.
يقدم الدكتور محمد قارئ رئيس لجنة التنشيط السياحي المحاضرة بتعريف عن ضيف النادي، ثم يطرح تساؤلاً عن عنوان المحاضرة: هل المؤسسة بالكسر أم بالفتح؟ يختلف بها مسار المحاضرة ليترك للمحاضر البدء.
يبدأ الدكتور محمد ربيع الغامدي، الأستاذ المشارك بجامعة الملك عبد العزيز، فيقول: العنوان يتناول الحكاية المؤسِّسة للمفاهيم والرؤى التراثية لنشأة بعض العلوم، فتتواجد الحكاية قصداً عند ظهور مبدأ جديد أو علم من العلوم، فلماذا الحكاية بالتحديد تسقط في هذا الوقت؟! هل تمارس علينا سلطة سردية، أم أنها تجعلنا نسلم رغماً بما تحمله؟! ومن الأمثلة على ذلك ما سوف نستعرضه في بعض الشواهد:
قصة أبي الأسود الدؤلي مع ابنته حين قالت له: ما أجمل السماء، فرد عليها أبو الأسود بقوله: نجومها. فقالت: لم أسأل، وإنما أتعجب. فقرَّر بعدها أبو الأسود إقامة علم يضبط الفرق بين الأساليب الكلامية.
قصة نشأة علم العروض وما رُوي عن الخليل عندما سمع أصوات طرق حدَّادي النحاس وما تفتق عنه تفكيره في ظهور علم العروض.
قصة حكاية كرم حاتم الطائي عندما نحر فرسه لضيوفه التي أصبح بعدها مثالاً في الكرم العربي الذي لا يضاهيه أحد.
قصة الشاعر ابن هرمة عندما حظر عن المدح ببعض المواضيع، فتمكن هو وحده من الخوض في هذا الفن، فتفرد عمن سواه من الشعراء.
من ذلك نجد كل علم نشأ مدعماً بظهور حكاية مؤسسة الهدف منها تغييب العقل الواعي للمتلقي المثقف الذي يعتمد على أخذ مصادر ثقافته للحكم على الأمور من مصدرين، هما: المعرفة التي يجنيها المثقف من الكتب والمراجع والعلوم التي يمر بها، ثم المصدر الثاني وهو ما يكتسبه المثقف من مهارة الحوار الفلسفي والتفكير المتمرد، وهو الذي يملكه قليل من المثقفين، لنجدهم يتغلبون على ما يُسمَّى بقلق المفاهيم. ومن هذه المفاهيم الحكاية المؤسسة، فنجد أصحاب المصدر الأول للمثقف لا يستطيعون التغلب عليه، بعدها يختم المحاضر ورقته ويترك للجمهور التداخل.
المداخلات كانت مثرية للموضوع الذي فجر عند الجمهور أمثلة أخرى وتساؤلات عدة:
فتقدم الدكتور عالي القرشي فقال: المحاضرة تقلب مفاهيم عدة لظهور الحكاية في الأمثال، فلكل مثل قصة، وقصة الإقواء عند النابغة يجعل القضية تعمم على كل ما يصادفنا من حماية، لتصل بنا إلى قلب الكثير من الحقائق المسلمة.
يرد الدكتور محمد ربيع بقوله: نعم، سوف تسهم الحكاية في قلب الكثير من المفاهيم؛ كونها غيبت الوعي في فترة من الفترات.
الأستاذ حسين بافقيه رئيس تحرير مجلة الحج والعمرة أورد أمثلة أخرى لحكاية نشأة العلوم، كتفاحة نيوتن، وقال: الذي حجب أسباب ظهور النحو هو الخلاف الأيديولوجي بين السنة والشيعة، فكل منهما ينسب ظهور النحو لنفسه، مما أوجد حكاية مؤسسة في هذا الشأن؛ ليكون السؤال: هل يجب لظهور علم وجود أبوية من خلال الحكاية؟
د. عايض الزهراني: هل أجبر العلماء على تثبيت علومهم بالحكاية المؤسسة؟
يرد الدكتور ربيع على بافقيه وكذلك الدكتور عائض الزهراني بقوله: الأدلجة التي تملي الحكاية لا تهمنا، بل المهم الحكاية وما ترمي إليه. النقد الثقافي كما يقول الغذامي يبعد الأبوية التي تفرضها الحكاية لأي نص، فتناولنا لمثل هذه الأبوية لا يفرض علينا حتماً نصاً استثنائياً.
الدكتور جريدي المنصوري أورد وجود قصة لبعض الأبيات الشعرية، فلماذا سكت العلماء عن رفض الحكاية إلى هذا الوقت؟
يرد المحاضر: الحكاية تقدم معرفة ليس من خلال سلطتها، بل من خلال شروط تأويل صاحبها.
د. عايض الثبيتي: هل الحكاية تفرض معرفة من نوع خاص؟
يرد د. ربيع: لستُ معنيًّا بحصر الحكاية ولا استقصائها، ولكن بحثنا يطرح منطقية ويقينية الأخذ بها على أنها أساس معرفي للأشياء.
د. محمود عمار: الخوف يظهر من شمول الحكاية المؤسسة للكثير من العلوم الشرعية.
القاص عقيلي الغامدي: نشكر للمحاضر هذا التعمق في البحث عما لا يتناسب مع المنطق، لكن السؤال: كيف نخرج أسباب نزول القرآن الكريم والحديث الشريف من هذا المبحث؟
يرد د. ربيع على عقيلي ود. عمار بقوله: المسلمات الشرعية كان لها علم بحث الجرح والتعديل للتثبت من صحة المتن والرواة، فليست مثار نقاش عندنا، وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ علمنا الشرعي.
د. عاطف بهجا: لدى المحاضر منهج تأويل موفق للحكاية، لِنَقُل: النحو تشكَّل قبل الحكاية التي وردت.
يرد د. ربيع: نعم، التأويل عندي على الحكاية نفسها، وليس على العلم الذي أسَّست لظهوره.
الناقد علي الشدوي امتدح الورقة التي كانت عبارة عن كبسولات مضغوطة تثير أسئلة ولا تقدم إجابات كمنوذج ناجح ومفيد للمتلقي، ثم قال: الحكاية ملازمة لنشأة الكون، فنجد قصة آدم ونزوله إلى الأرض، وقصة النحو تتماثل مع تلك القصة بما فيها من أساليب دهشة وتعجب واستفهام، لكن هل يستطيع عالم من العلماء تكوين علم من العلوم إذا أراد ذلك؟
يرد الدكتور بقوله: الحكاية كانت شرر البداية لنشأة وخلق البدايات، فنقف أمامها مكفوفي الأيدي بحالة تغييب للعقل، أو تخرج لدينا وقفات تعمق أمام حكايات كثيرة بصرف النظر عن العلم الذي ربما أثبت وجوده بدون وجود تلك القصة.


رد الدكتور كان ختاماً لمحاضرته التي أعلن اكتمالها بمداخلات جمهور تفاعلي أضاف للمحاضرة ما عجزت حسب زعمه على توصيله.
*المحاضرة حضرها جمعٌ غفير من المثقفين من الطائف وخارجه؛ تواصلاً مع محاضرات النادي وضيفه الذي استقطب جمهوراً عريضاً.

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved