مُجرِّحَ هذا الصمتِ أرَّقْتَهُ جَرْحَا |
فيا ليتَ يأسو اللمى زادَهُ جُرْحَا |
تُكتِّم فيك الهمَّ.. والهمُّ صاخبٌ |
فشطَّا تِهامَ الليلَ لونُهما أنحى |
برَيَّا عصاريها.. لون الشِّتا بها |
مَشِيب لياليها.. فبارقةً قَدْحَا |
ألا ليتَ لي قلبيْنِ إن مالَ صاحبٌ |
جفوتُ لياليه بأقصاهما تَرْحَا |
وأفرغْتُهُ الأدْنَى من الشَّوْق والضَّنى |
وباكيتُ ريشَ الطيرِ شكوايَ والقَرْحَا |
يُعرِّش في شطّ شفيفٍ محارُهُ |
يواقيتَ راءٍ راعشٍ طرفُهُ جَمْحَا |
فأغمضَ حيناً.. ثم ها عنْ غلالةً |
أفاء مُناجاةً.. فلا ثَمْتُهُ مَتْحَا |
معلَّلة هذي الدَّياجي وإنَّ لي |
لغة عين من نورٍ ورفرافةً لَمْحَا |
ومتنينِ مختالينِ حتى كأن هنا |
مُفاضُ بُرودٍ.. وَشْيُها اللونُ لا يُمْحَى |
(عدُوليَّةٌ أو من سَفِينِ ابن يامنٍ)** |
تهاميةٌ أوليْتَ رَجْرَاجَهَا يَضْحَى |
فأنكُثُ غزلاً.. لا الصباباتُ حُفَّلاَ |
بَكَيْنَ.. ولا الأنداءُ ذاهلةٌ فَضْحَا |
أغرَّك أن أَسْبَلْتَ ذا الجفنَ آيباً |
على مُشتهى من لازورديِّه فَصْحَا |
كأنَّ جناحاً فضَّ في الرمح صوتَها |
كأنَّ شِفاها.. كان أحمرُها شَحَّا |
مغيَّبة... لونُ المغيبِ الظَّما بها |
وبي.. بالضُّحى..بالجفنِ رقَّقْتَهُ شَطْحَا |
وبالبانِ.. بالأزرارِ بالجيبِ راعشاً |
مخبَّأُ ياقوتٍ فأعيَيْتَنا شَرْحَا |
سفرْتِ.. الثُّريا إنْ سُهيلٌ بدا لنا |
على وَسَنٍ.. نايُ اليماني لو يَصْحَى |
لأشرعتُ في الليل المقاماتِ من ظماً |
حجازٍ.. وناياتٍ تهامية جَرْحَى |
فأجهشَ بي لوني.. وأجهشتُ حاكياً |
ملالةَ ورديِّ الضحى.. لونُها أَضْحَى |
فما شفقٌ لونُ الغلالاتِ دونَهُ |
عرائِسُ ليلٍ.. هل.. فمن مرَّدَ الصَّرْحَا |
وأيُّ مُفتَّرِها هذي الشفاه ممرَّدٌ |
وأي مُمرَّدِ بانٍ سيدي راعشٍ رَشْحَا |
ويا شعرُ هل في الإنسِ (خاتَمُ) شاعرٍ |
يُحاكيه (صبيانٌ) ويَرْعَوْنَهُ سَرْحَا |
إذنْ شبْ فهذا مفرقُ الليلِ قد دَجَى |
وقلْ كيفَ يجفو الطلُّ ميقاتَهُ الصُّبْحَا |
ويا آيباً مضناهُ في الشَّفةِ التي |
يواقيتُ راءٍ راعشٍ سيِّدي الصَّفْحَا |
مُعرَّفةٌ ذي الريحُ تنبئُ شادناً |
عن المسكِ بضًّا.. ضمَّخَ المرمرَ الفَصْحَا |
فما نُكِّرَتْ في العُودِ نغمةُ موحشٍ |
مَراودَ تمحو نُعَّساً.. قلَّ أن تُمْحَى |
وأنتَ جوًى في الليل أمسيتَ عائذاً |
بربِّكَ من وسواس قلبك.. لم.. جَنْحَا |
فيا ربِّ شاخَ الليلُ والأعصُرُ التي |
بكيتُ.. فأبكَتْنِي مساهِرةً سَفْحَا |
وما عاد بي من صَبْوَتِي غير مدمعي |
وما عاد بي للريح عالٍ ولا سَفْحَا |
وما عاد بي غيرُ الشِّكاياتِ والجَوَى |
وخوفي.. رب اجعل شِكايتي الفَرْحَا |
لئن يا تِهامَ استوثقتْ عَبْرتي هنا |
بجذركِ جذراً.. لا مُجافاةَ مَمْحَى |
ولكنني لأياً عنِ الوادِ نائياً |
بنجمِ سُهيلٍ.. جارحٌ نجمَهُ صَدْحَا |
فأيُّ صَباباتي إذا أنكر الظَّما |
بواديكِ قلبي مُورياً ذا الظَّما لَفْحَا |
يُسامرُ جفناً يشبه الليلَ كلما |
طوى الليلُ جُنْحاً عادني في البُكا جُنْحَا |
تعلَّلَ تَشْرَابِي تواليَ ليلةٍ |
من الوصلِ بَكَّائَيْنِ عن بَرْدِهَا صَفْحَا |