الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 25th October,2004 العدد : 82

الأثنين 11 ,رمضان 1425

معلَّقة الشِّكايات*
شعر: محمد العُمري
مُجرِّحَ هذا الصمتِ أرَّقْتَهُ جَرْحَا
فيا ليتَ يأسو اللمى زادَهُ جُرْحَا
تُكتِّم فيك الهمَّ.. والهمُّ صاخبٌ
فشطَّا تِهامَ الليلَ لونُهما أنحى
برَيَّا عصاريها.. لون الشِّتا بها
مَشِيب لياليها.. فبارقةً قَدْحَا
ألا ليتَ لي قلبيْنِ إن مالَ صاحبٌ
جفوتُ لياليه بأقصاهما تَرْحَا
وأفرغْتُهُ الأدْنَى من الشَّوْق والضَّنى
وباكيتُ ريشَ الطيرِ شكوايَ والقَرْحَا
يُعرِّش في شطّ شفيفٍ محارُهُ
يواقيتَ راءٍ راعشٍ طرفُهُ جَمْحَا
فأغمضَ حيناً.. ثم ها عنْ غلالةً
أفاء مُناجاةً.. فلا ثَمْتُهُ مَتْحَا
معلَّلة هذي الدَّياجي وإنَّ لي
لغة عين من نورٍ ورفرافةً لَمْحَا
ومتنينِ مختالينِ حتى كأن هنا
مُفاضُ بُرودٍ.. وَشْيُها اللونُ لا يُمْحَى
(عدُوليَّةٌ أو من سَفِينِ ابن يامنٍ)**
تهاميةٌ أوليْتَ رَجْرَاجَهَا يَضْحَى
فأنكُثُ غزلاً.. لا الصباباتُ حُفَّلاَ
بَكَيْنَ.. ولا الأنداءُ ذاهلةٌ فَضْحَا
أغرَّك أن أَسْبَلْتَ ذا الجفنَ آيباً
على مُشتهى من لازورديِّه فَصْحَا
كأنَّ جناحاً فضَّ في الرمح صوتَها
كأنَّ شِفاها.. كان أحمرُها شَحَّا
مغيَّبة... لونُ المغيبِ الظَّما بها
وبي.. بالضُّحى..بالجفنِ رقَّقْتَهُ شَطْحَا
وبالبانِ.. بالأزرارِ بالجيبِ راعشاً
مخبَّأُ ياقوتٍ فأعيَيْتَنا شَرْحَا
سفرْتِ.. الثُّريا إنْ سُهيلٌ بدا لنا
على وَسَنٍ.. نايُ اليماني لو يَصْحَى
لأشرعتُ في الليل المقاماتِ من ظماً
حجازٍ.. وناياتٍ تهامية جَرْحَى
فأجهشَ بي لوني.. وأجهشتُ حاكياً
ملالةَ ورديِّ الضحى.. لونُها أَضْحَى
فما شفقٌ لونُ الغلالاتِ دونَهُ
عرائِسُ ليلٍ.. هل.. فمن مرَّدَ الصَّرْحَا
وأيُّ مُفتَّرِها هذي الشفاه ممرَّدٌ
وأي مُمرَّدِ بانٍ سيدي راعشٍ رَشْحَا
ويا شعرُ هل في الإنسِ (خاتَمُ) شاعرٍ
يُحاكيه (صبيانٌ) ويَرْعَوْنَهُ سَرْحَا
إذنْ شبْ فهذا مفرقُ الليلِ قد دَجَى
وقلْ كيفَ يجفو الطلُّ ميقاتَهُ الصُّبْحَا
ويا آيباً مضناهُ في الشَّفةِ التي
يواقيتُ راءٍ راعشٍ سيِّدي الصَّفْحَا
مُعرَّفةٌ ذي الريحُ تنبئُ شادناً
عن المسكِ بضًّا.. ضمَّخَ المرمرَ الفَصْحَا
فما نُكِّرَتْ في العُودِ نغمةُ موحشٍ
مَراودَ تمحو نُعَّساً.. قلَّ أن تُمْحَى
وأنتَ جوًى في الليل أمسيتَ عائذاً
بربِّكَ من وسواس قلبك.. لم.. جَنْحَا
فيا ربِّ شاخَ الليلُ والأعصُرُ التي
بكيتُ.. فأبكَتْنِي مساهِرةً سَفْحَا
وما عاد بي من صَبْوَتِي غير مدمعي
وما عاد بي للريح عالٍ ولا سَفْحَا
وما عاد بي غيرُ الشِّكاياتِ والجَوَى
وخوفي.. رب اجعل شِكايتي الفَرْحَا
لئن يا تِهامَ استوثقتْ عَبْرتي هنا
بجذركِ جذراً.. لا مُجافاةَ مَمْحَى
ولكنني لأياً عنِ الوادِ نائياً
بنجمِ سُهيلٍ.. جارحٌ نجمَهُ صَدْحَا
فأيُّ صَباباتي إذا أنكر الظَّما
بواديكِ قلبي مُورياً ذا الظَّما لَفْحَا
يُسامرُ جفناً يشبه الليلَ كلما
طوى الليلُ جُنْحاً عادني في البُكا جُنْحَا
تعلَّلَ تَشْرَابِي تواليَ ليلةٍ
من الوصلِ بَكَّائَيْنِ عن بَرْدِهَا صَفْحَا
* كان صديقنا الشاعر محمد جبر الحربي قد نشر هنا (المعلقة العراقية).. فلله ما أدهشها وما أروعها من لغة صافنة متعالية لم تك غير نفسها.. لم تك لغة دمية خداجاً شاخت في المماثلة والمحاكاة والتشابه والتعمُّل الهزيل.. إنها الظرف العقلي الفرد كما كنتُ أسميه وأصفه وأعتقده.. إن محمداً يكتب الشعر في أقصى درجات تمحُّضه إذا شاء.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved