الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 25th October,2004 العدد : 82

الأثنين 11 ,رمضان 1425

تكوين
محمد صادق دياب
محمد الدبيسي
للحارات فضاء.. ولأزقتها ضجيج..
ولردهاتها ضياء.. ولالتواءات
مخارجها شمس.. تشكل ضلال
الرجال.. وتفرز نماذج من النابهين..!
** موضع إنساني.. يضج بمتناقضات الحياة..
ويحتوي أطيافها.. ويتمثل نظامها..
حيز يختزن المهادات الأولى.. لأجساد المدن وحياتها
نظام تفكيرها.. و(خصوص) ينتظم في
(عموم) وجهها الكلى..
ركض الناس وطابع فطرهم النقية
هم.. كما هم.. بلا ألوان ولا أقنعة..!
أطياف الإنسانية بكل تناقضاتها..؟
استوحاها كبار الساردين.. فدوَّن (محفوظ)
روائعه.. بحبر نضحته أزقتها..
وصاغته أصواتها.. واستضمرته
الأرواح الراكضة في أفيائها..!
نواة لجغرافيا المدن.. وسمات لكليات
البنية المجتمعية.. ونسق أصيل للكل
الظاهر.. والخارج والواضح..!
** في حارات مدننا.. اختلاجات يتجاوزها
الزمن.. دون أن.. تُسجل سيرها وتواريخها..؟
ودون أن.. تستوعب إيماضات حيواتها..؟
أو تحرر هواجس ظلت مبثوثة في تكاياها.. وزواياها..
والمقاهي بين جنباتها.. وتناهت رغبات
أبنائها في كسر طوق حميميتها.. وانصهرت
في نسيج التحديث الاسمنتي، والحضارة الخرسانية
واقتلعت عروقها بأسنة آلات الهدم..!
وانصاعت بكبرياء مجروح.. لنص التطوير..؟
** من هكذا أجواء.. أظنها تقارب حقيقة
الحارة.. أو تحاول أن تجس نبضها..
انطلق ابن حارة (البحر) بجدة.. (محمد صادق دياب)
انطلق ابن البحار.. من أزقة حارة (البحر) اللدنة.. إلى شاطئ
جدة.. واستنشق برئتين وروح وعينين..
رياح البحر.. وأسراره وحكاياه..
استوحى لغة المد.. والجزر.. وتهجى
حديث الموجة للشاطئ.. واستوحى
أغاني البحارة.. وإيقاع العودة من صوى
المجهول في عرض البحر الكبير، إلى شاطئ
المدينة المستيقظة أبدا..!
** هكذا.. كانت بعض مكونات ثقافة
الحجاز القديم.. تتشكل في حارات جدة..
ومكة والمدينة والطائف..!
واستوى ابن الحارة (محمد صادق دياب) بعد
أن ربَّى طينته ورعاها والده (العارفة)
البحار (صادق محمود دياب)..؟
** وما بين حارة (البحر) أولاً.. وحارة (اليمن) ثانياً..
إلى جامعة وسنانسن في الولايات المتحدة..!
كانت رحلة العمر.. تستغرق في جذورها ثقافة
الحارة وشيمها وقيمها وآدابها.. في روح ابنها البار
استحقاقاً ثقافياً في مصنفه الأول (الأمثال
العامية في الحجاز) (الصادر عام 1399هـ)
وكتابه المهم (الحياة الاجتماعية في جدة)..
وتجربة صحافية رائدة في (المدينة) (ملحق الأربعاء) و(البلاد)
ومجلة (سيدتي)..
ومحطات عابرة.. راكمت غنى تجربته..
** واستحر قلمه.. وتحرر قبلها وأثناءها
لكتابة المقالة الصحفية.. بتمكن يوظف الخبرة والمهنية
وعتاقة الممارسة.. في صياغة الحكواتي المثقف..
والراصد لمكمن المعلومة.. وفنية عرضها..!
لا يغرق في صنمية التأصيل.. ولا يتدنى إلى سذاجة
التعليق ومجانية الكتابة..!
وسطية يحرزها (محمد صادق
دياب) ويتقنها بذكاء.. كذكاء التقاطه
الفكرة وتكوينها بنكهته الخاصة.. بمقالاته اليومية
لا أتصوره إلى الآن.. استثمر طاقات
الحارة وتفاصيلها.. وسيرها وأناسها..
وعوالمها الغامضة في طيات وعيه.. في نص مكتوب
معايشه اهتبلها منذ كانت جدة حين طفولته
خمس حارات (اليمن
والمظلوم والشام والرويس وبره..)..
** إلى أن امتدت.. واتسعت وتشعبت..
وتشظت عوالم الحارات.. إلى مزق..
توشك أن تذوي وتضمحل..؟
مخبأة خلف الأسوار الخرسانية العالية..؟!
هكذا وعاها ابن البحار.. وهكذا
انفتح وعيه على تمدداتها الأولى..!
مذ كانت تغمس
أطرافها بخفر في حمرة الشاطئ...
وترش على جباه البحارة عطر الحنين..!
** مذ كانت.. منبتاً لطلائع الناس الطيبين..
والأدباء التنويريين..
وموثلا للصعاليك والفنانين...
** هي جدة.. كما يحلو (لمحمد صادق دياب)..
إعادة رسمها.. كلما افتر بين أنامله القلم..
وكأنه يعاود بثها الحنين..! أو كأنه يشكو
غربة حاضره.. وحاضرها..؟
أو كأنه يستنبئ من لون
اسمها.. كنه أمكنتها وذكرياتها القديمة..!


md1413@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved