الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 26th April,2004 العدد : 56

الأثنين 7 ,ربيع الاول 1425

خيرية السقاف.. الانتصار للفرح
د. عبدالله محمد الغذامي

هناك أشياء تشعر بالسعادة في أن تكتب عنها وهناك أشخاص تشعر بالانتصار للفرح في نفسك بمجرد أن تتكلم عنهم، وخيرية السقاف هي اسم وهي علامة تبعث الرغبة في الكلام وتزين الذاكرة عبر استحضار اسمها والوقوف على تاريخ الذاكرة معها، هذه المرأة الصافية، وهي الشاعرة والكاتبة والمربية والباحثة، هي كل ذلك وأكثر، وعلى مدى عقود واسمها علامة لازمة في واقعنا الثقافي، بدأت يافعة صغيرة واتخذت الأنامل الغضة من القلم والورقة رفيقتين ب(صيغة التأنيث) تبث فيهما كلمات كانت تسير حية ولكنها واثقة، وظل خمار الحياء يحف الكلمات وهو حياء الصفاء والصدق، حياء المروءة والمحبة، وهذه سمات جوهرية في نصوص خيرية، وكلما كتبت قصة أو مقالة أو قصيدة، فإنها تكتب بروح ذات خمار من نوع خاص فيه شفافية الروح وفيه كثافة الوطن وفيه عمق العقل.
في تاريخي مع القراءة ما رأيت نصا يحمل اسم خيرية السقاف إلا أحسست نحوه بانجذاب خاص حتى إذا ما غابت في بعض الأيام عن الكتابة الصحفية رحت أسأل نفسي فربما كنت أنا السبب لأنني غفلت يوما عن نص من نصوصها فعاقبتني النصوص بالحرمان، وهي جريرة يشعر بها كل واحد منا حينما يقصر في حق رمز ثقافي ووطني ذي حس صادق ومخلص فإذا ما احتجب الرمز ولو لوقت قصير صار لديك إحساس بالذنب وبأنك سبب لهذا الجفاء.
أرانا مدينين لخيرية بدين عميق جزاء ما صنعته في ثقافتنا من رمزية عبر زمن من الفعل والإبداع والتأثير المستمر وجزاء مصداقيتها التي لا تتراجع. هذا نموج رفيع في أخلاقيات العمل والثقافة وفي سيمياء الإبداع. وكم من مرة جاءتني الهواتف من طالبات توسمت من كلماتهن النباهة والجدية حتى إذا ما تعجبت وأبديت فرحي بهن رحن يكشفن لي السر بأن تقول كل واحدة منهن إنها تلميذة الدكتورة خيرية السقاف، فأعجب كيف أن هذه السيدة تصنع العقول والكفاءات وليست تكتب وتبدع فحسب، لقد فاض إبداعها ليشمل كل من سمعت لها صوتا في قاعة أو في غرفة بحث وصار فعلها يعطي نتائجه عبر بنات تشتعل فيهن رغبة المعرفة وتفيض من ألسنتهن لغة مؤدبة تقطر بالفكر وتتزين بالمعرفة.
تلك هي خيرية السقاف ما وضعت يدها على قلم إلا وصار يشع بالنور وما دغدغت كلمة إلا وصارت تطير سابحة في الآفاق كأنما هي حمامة سلام ورسالة خير إنساني فياض، وما أطلقت خيرية من نبرة في قاعة الدرس إلا وصارت جذوة توقد نار العلم وتصنع العقول في عز الزهور حتى لتصير البنات بعد درسها معهن كاتبات وعاشقات للكتاب والكلمة وعلامات تكشف عن مصدر الإلهام والترميز.
سمعتهن كثيراً وهن يقلن عن رمزية معلمتهن وكم رددت عليهن عبر الهاتف كاشفا عن فرحي بخيرية وعن صدق كل الظنون بها، هذه السيدة الراقية التي ما خيبت ظنا لوطن ولا كسرت فرحة لثقافة وستظل السيدة والمربية والدكتورة الباحثة والمبدعة المعطاء، ستظل رمزاً لأنها هي التي صنعت هذه الرمزية بعطائها وبأريحية روحها وبتفتح عقلها الكبير، ولقد رأيتها علامة على ظهور المثقفة في بلادنا ورمزا على الظهور وسيظل فرحنا بها وسنقول إن حقها علينا كبير وكبير في التقدير لها والفرح بها، وكما يقولون: إن الحمى تعدي فإن خيرية السقاف تثبت لنا أن الخير يعدي أيضا وأن الجد والصدق يعديان ولذا صار لخيرية تلميذات يقتفين أثرها ويتطبعن بطبعها وهن كثر سمعت عددا منهن وتعود هاتفي عليهن وقد حملن لي رائحة الخزامي وعبير الوطن وهن يعلن عن أنهن تلميذات خيرية السقاف وأنهن من غرسها الطيب النماء، وأقول: ما أطيب ما تفعلين أيتها السيدة الراقية، لك تحيتي وأنت لست أهلاً للتكريم فحسب بل أنت الكرامة بذاتها، طبت وطاب صنيعك الجميل والمبدع، وتبقى ملاحظة أخيرة للقراء والقارئات حيث تعمدت الإشارة إلى خيرية الشاعرة وهي صفة لا يعرفها الكثيرون والحق أن لخيرية السقاف نصوصا شعرية إبداعية وعميقة تتساند مع إبداعاتها النثرية وتتكامل معها.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved