الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 26th April,2004 العدد : 56

الأثنين 7 ,ربيع الاول 1425

حالة إنسانية متفرّدة
هداية درويش *
سامحك الله أيتها العزيزة.. لم أقف عاجزة يوما عن الكتابة كما أقف اليوم فحين يطلب من كاتب أو صحفي مهما كان شأنه أن يتحدث عن شخصية بقامة الدكتورة خيرية السقاف عندها لابد ان يشعر بالخوف... نعم الخوف من أن تبدو حروفه هزيلة أمام تاريخ تعددت عناوينه ومسيرة تراصت على جنباتها شموع اضاءتها الدكتورة خيرية السقاف لتنير الطريق لآخرين.
من أين أبدأ ؟ من حالة إنسانية متفردة تملأ المكان حنينا واحتواء؟ عن أديبة .. كاتبة.. حضورها يتغلب على مساحات السكون ويأخذنا ذاك الحضور لنحلق مع حروفها.. وعباراتها في فضاءات الفكر والأدب والكلمات الضاجة بالمعاني ..والمفعمة بالاماني.. وعبارات تأخذنا في حوار مع النفس تارة ومع مواقف الآخرين تارة، وعن أحداث نعيشها تارة أخرى.
دكتورة خيرية السقاف كيان يخفف ألق وجودة من وعورة الدرب.. ويزيح عن الروح رهبة الخوف.
ماذا يمكنني أن أكتب عن شخصية بدأت الكتابة ومخارج الحروف لم تستوِ بعد في فمها .. امتشقت القلم وبسطت الاوراق وجعلت من كلاهما رفيق طريق منذ زمن بعيد لم تتوقف ، لم تتراجع، لم يخف بريق وجودها، ولا توهج كلماتها وتألق حياتها عبر مشوار طويل لم تعط فرصة لقلمها ان يرتاح ولا لأوراقها فسحة من الوقت دون أن تلونها بالحروف وتزخرف سطورها بالعبارات.
في تعبير جميل كتب رائد التجديد الاستاذ (محمد حسن عواد) ما زال محفوراً في الذاكرة وصفها ب(الشاعرة الثائرة) يعني بها ذات العبارة الشاعرية الرقيقة، ولم تكن حينها قد تجاوزت المرحلة الثانوية في دراستها، أما الناقد المعروف عبدالعزيز الربيع فقال: (إذا كانت هذه الآنسة ستمثل المبادئ التي تكتب عنها فإنني أسلم لها الراية البيضاء) وبعد اكثر من تسع سنوات بعث لها وهو رئيس نادي المدينة الأدبي يقول: (لقد أبقيتي الراية البيضاء عالية).
د.خيرية السقاف أول من كتب الزاوية اليومية من النساء، ولم تكن حينئذ قد تخطت المرحلة المتوسطة في دراستها كما أنها أول من كتب مقالاً أدبياً اذاعياً يومياً، اشرفت على أول ملحق نسائي ومن ثم اصبحت أول مديرة تحرير، تلك المكانة التي أهلتها لتبني عدد من الأسماء النسائية والتي لا تزال تواصل مسيرتها في مجال العمل الصحفي والابداعي وأذكر هنا بعض الاسماء (بدرية البشر، هيا المنيع، إيمان الدباغ، جميلة فطاني، موضى الزهراني، ليلى الهلالي، عبير البكر، قماشة السيف، تهاني المنقور) وغيرهن من الأسماء.
في موقعها الأكاديمي حيث امتزج أداؤها العلمي بعطائها الإنساني وقفت وراء العديد من الباحثات والاكاديميات وساعدتهن على اختيار موضوعات بحوثهن، ورافقتهن متابعة لخطوات الإعداد والعمل على تأمين المراجع العلمية لهن وبقيت بحب إلى جوارهن مصححة للغة ولمسار المنهج، بعض طالبات الماجستير والدكتوراة اللاتي تدرسهن يتحدثن دوماً عن د. خيرية السقاف الإنسانة التي تحيطهن بالرعاية والحب بنفس القدر عن حديثهن حول د. خيرية الأكاديمية المتميزة التي تبعث فيهن الرغبة في العلم والدخول إلى عالم الإبداع فهن جميعاً يرون فيها تلك الشخصية القريبة إلى القلب والوجدان.
لا أزعم أن بإمكاني القيام بقراءة نقدية لما تكتب فهو شأن المتخصصين، ولكن كقارئة ومتابعة بل مدمنة على قراءة ما تكتب، أشعر بأن لها أسلوبها الخاص في الكتابة الأدبية الذي يميزها عن غيرها من المبدعين والمبدعات فمفردتها تفيض رقة وعذوبة وشاعرية باستطاعتنا التعرف عليها والإحساس بها حتى وإن لم تضع توقيعها على ما تكتب
أفكارها تتدفق بعذوبة كالنهر، تميل الى التأمل والفلسفة وحين نقرأ لها نعيش حالة من الابحار في عقل وفكر ووجدان انسانة على درجة عالية من الوعي الذي يمنحها القدرة على التعبير والخوض في كل الأمور وعلى كافة الاصعدة.
أذكر أنني وبعد قراءتي لنماذج من إبداعها الشعري والنثري أن وجهت إليها سؤالاً: (كيف تحولين بيننا وبين هذا الكم من الإبداع؟ لم لا تنشرينه ليكون بين يدي من يتابع كل كلمة تكتبينها وكل حرف يخطه قلمك؟
يومها بهدوئها المعهود أجابت: (إن تلك المهمة ربما تكون من مبادرات أبنائي إن شاءوا، إن لي تفكيري الخاص نحو مهمة المبدع، أنا أتواصل مع القارئ عن طريق اقرب القنوات له وهي الصحيفة اليومية، وأنا بين طالباتي بشكل يومي، لذا تجدينني لا أتوقف عند المسميات الوصفية للمراتب فهي لا تعنيني، أحرص فقط على نقاء علاقتي بالآخرين ومكانتي في قلوبهم).
ومع يقيني بأنني لم أستطع أن أوفي الدكتورة خيرية السقاف جزءا من حقها الأدبي والفكري والثقافي والإنساني إلا أنني أقول: هي مجموعة إنسان في إنسان ميزها الخالق العظيم بكم من العطاء ومنحها درجة عالية من الشفافية وقدرا كبيرا من نكران الذات وقدرا أكبر وأكبر من التسامي والترفع فوق الصغائر من الأمور.


* كاتبة صحفية رئيس تحرير هداية نت

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved