الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th May,2003 العدد : 13

الأثنين 25 ,ربيع الاول 1424

قصة قصيرة
للشفق خيطٌ أخير
(1)
شمعة واحدة أضاءتها، وقد انحسر ضوء النهار.
ندت عنها بشغف نظرة متلصصة، حيث كانت الشمعة تتوسط كعكة الشوكولاته! تذكرت يوم لقائمهما الأول. الآن تتساءل لماذا كعكة سوداء، مضى
عام على ارتباطها به، أرضها ثبتاء وسماؤها ملبدة بالغيوم حيث لا طل ولا مطر! كانت الرؤية غير واضحة.. قبل قرن لا تذكر سنواته وساعاته اختاروه
شريكاً لحياتها، كان قلبها يتجه اتجاهاً آخر، شمسها تشرق في وجه آخر.. ! استسلمت لقدرها يوم أول لقاء معه أحست بانقباض وهي تلامس يده، لكنها
أودعت خيالاتها وأحلامها في مخيلتها واعتادت عليه، اعتادت على أن تخفي مشاعرها وتظهر في وجهها ما لا يكتنفه داخلها، واعتادت على أن تخفي
مشاعرها وتظهر في وجهها ما لا يكتنفه داخلها، واعتادت على القيد الذي يشدها إليه، والقبلة التي لا تحس بها، وهي ثاوية في أرض تعلم أنها جرداء، كلما
أطلت في عينيه الغامضتين عن قرب، أدركت أن سنين عمرها تضيع.
(2)
أرادت أن تفاجئه بكعكة سوداء وشمعة واحدة، ذكرى رومانسية مفقودة ومشاعر تعلم أنها تفجِّر صرخات في أعماقها، انتظرت عودته ليفتح الباب عند كل
مساء منتشياً، وهل تجرؤ على عتابه أو سؤاله عن المكان الذي هو قادم منه، تعودت أن تصمت.. وتعودت أن تقتلها الأسئلة وينتحر في داخلها الصمت!
الليل قد انتصف ولكنه تأخر.. قميصها الأحمر تبلل بدموعها والشمعة الوحيدة يخفت ضوؤها..، بدا وجهها من الناحية الأخرى معتماً كئيباً.. وأسلمت
نفسها للذة النوم!
(3)
انتظرت.. وما زالت تنتظر منذ قرن.. منذ دهر وعشر شموع تقطر دماً.. تنثال أسىً على كعكة أسفنجية سوداء بدا وكأن خيوطاً عنكبوتية تربطها بمقعدها
حيث تجتر أحزانها..
وحيث تسبح في بحر لجي تغوص فيه وتطفو، شاحبة الوجه تنتظر منكسرة النظرات وفي ألم تصطبر، يخفق قلبها ببطء ورتابة.. كرتابة الوقت والليل
والوحدة، انتظرت وما زالت تنتظر سنوات عشراً عجافاً وهي لا تجرؤ على البوح ولا حول لها ولا قوة، كيف لها أن تكسر أسارها وتحطم القيد الذي
يعصر قلبها. حين قيل إن من خفق له قلبها.. واتجهت بوصلتها نحو إشراقة وجهه، ما زال يعتصم زاهداً أسير حزن حرمان وذكريات، أحست بمخاوف
تسبل أهدابها على قلبها ويغشاها موج كالظلل.
(4)
كانت عقارب الوقت تزحف في حزنٍ نحو منتصف الليل، خيالاتها تهيم ولا تلبث حتى تتلاشى.. بعد أن تفتحت زهور الشوق في صدرها، بدا وجهها معتماً
بعد أن خفت ضوء الشموع. قامت تحمل الصغيرة إلى فراشها وأخوها تستسلم جفونه للنوم، وهو يرقب أمه من طرف خفي، غير عابئ بكل شيء!
انتفضت لإحساس يهز داخلها.. ورغبة جانحة تستضعفها.
لم تلحظ كيف أهدرت النار روح شموعها العشرة، سفحاً على كعكة سوداء تطامن حزن قلبها، مسدت على بطنها المنتفخة وهي تغالب حمى رغبة ملتاعة،
وفي أحشائها حزن قادم يضيق القيد الذي يشدها إليه.


محمد علي قدس

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved