الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 26th June,2006 العدد : 159

الأثنين 30 ,جمادى الاولى 1427

الشاعرة (حليمة مظفر):
النضج الشعري ليس محكوماً بزمان أو مكان
الشاعرة حليمة مظفر وجدت ذاتها مع القارئ مرتين، فحينما همت بكتابة القصيدة وضعت ذاتها على محك التجربة لتبرع في تقديم صورة مشرقة للشعر الذي توجته بديوان جميل وسمته بعنوان (هذيان) فيما ظلت تلتقي القارئ بشكل شبه يومي مع العمل الصحفي بوصفها صحافية مسؤولة عن المكتب النسائي لصحيفة (الشرق الأوسط) بجدة.
حول ديوانها الجديد، وقصتها مع الشعر، وتواصلها مع هموم الصحافة اليومية كان لنا معها هذا الحوار الذي جاء على هذا النحو:
* ديوانك (هذيان) مصافحة أولى مع القارئ.. كيف ترين ردود الفعل تجاه الوليد الشعري؟
** تظل للشعر نكهته الخاصة ضمن باقة المغريات التي تقدم للقارئ في إطار سردي ومرئي، وإفراد مجلتكم الثقافية عدداً خاصاً بالشعر والشعراء تأكيد على بقائه ممتداً داخلنا وإن تم وأده من بعض أصحاب الدعاية النقدية الذين يروجون للسرد لأنهم عشقوا الحكاية حتى وإن كانت تفتقر للإمكانات الفنية والقدرة الفلسفية التي يحتاجها السرد، و(هذيان) آخر إصداراتي كان حميماً قدر شفافيتي التي انبلجت داخل تلك النصوص والكلمات الشعرية وحد الصدق الذي تسرب دون قصد مني إليها، لأكون أنا دون غيري يهذي وسط الملائكة البشرية، وكما أتصور وكما وصلني من أصداء قرائه على اختلاف مستوياتهم الفكرية وتباين مراحلهم العمرية كان هناك تواصل حميم شفاف بينهم وبين هذياني، لأنه ببساطة قدم لهم ذلك الصامت المرتج داخلهم دون استطاعة منهم في البوح به، وصاحبة الهذيان استطاعت ذلك كأنثى داخل مجتمع عاقر لإبداعها وفكرها لأنه ببساطة تعتبر في عينه متهمة عليها تبرير إبداعها خاصة إذا ما كانت شاعرة.
* هناك من تقول إن الفنون الإبداعية باتت تتداخل وتمتزج.. كيف ترين ذلك؟
** لكل فن قيمته الخاصة، والمبدع الحقيقي هو الذي يستطيع أن يبدع في كل شيء حتى في علاقته مع نفسه حينما يجد أنه في غربة بشرية ولا يملك سوى القلم، إلا أنه تظل لكل فن سماته وخصائصه الفنية والتقنية، فمن استطاع أن يمزج كل ذلك في آن واحد بتقنية خاصة وتمكن محترف فهنيئاً له، وسنصفق له جميعاً كما أحسب، أما إذ كذب عجزه، وأراد أن يكون سلطان عصره، وخليفة وعده، فلن يكذب علينا نحن القراء، وإن طبل له أصحاب الدعاية النقدية؛ وشهرة العمل ليست معياراً للنجاح كما أحسب، إن علمنا يقيناً أن الشيطان أكثرنا شهرةً في العالم وتنتظره جهنم وبئس المصير.
* كيف تكتبين القصيدة..؟ وهل الفكرة هي التي تحتم عليك قول الشعر؟
** لا تسألني هذا السؤال من فضلك، لأني أجهل الإجابة، ولن أقول لك مقولة الشعراء أن شيطاني يأتيني فجأة ليصب في رأسي الكلمات وأصبها على الورقة لتكتب القصيدة متكاملة كما يفعل غير من أصحاب الشياطين الشعرية!!، إنما يا سيدي هو مجرد شعور قد يكون خانقاً ويندلق عليَّ لأيام وأيام دون جدوى في امتناع انسكابه على تفاصل حياتي اليومية، حتى أصل إلى حد الانسكاب الذي قد لا يتجاوز لحظة في كتابة نص ما أو كتابة كلمات يصل عددها أحياناً إلى أربع وحتى اثنتين كحال نص (حبة العنب) الذي أذكر أني بعد منتصف الليل وبعد أرق منعني النوم، اتجهت لورقة بالية بجواري لأكتب كلماتها الأولى (سوف تسقط حبة العنب في فمك) فقط وأحياناً يا أخي يبقى النص لدي مجرد خربشات شيطانية مدة طويلة تنتظر لحظة الاندلاق التي تبحث عن فنية التجسيد للكلمات وتقنية الصوت الشعوري كحال نص (هذيان) الذي وصل عمره ستة أشهر حتى استطعت أن أفطمه مني.
* عرف عنك كتابة قصيدة النثر.. هل تكتبين الأجناس الشعرية الأخرى؟
** يهمني المشهد الشعري العربي كثيراً وكذلك المحلي كمتابعة صحافية وليس كشاعرة، وفي رأيي أن الشعر ليس له عنوان وليس له وطن يمكن تحديده لنطرق بابه ونستأذن الدخول، ولا شك أن الوصول إلى العالم العربي مقصد نبيل في إيصال بوح الشاعر للجميع ما دام اختار ذلك، لكنه بالنسبة لي ليس هدفاً أقصد إليه قصداً، وأجهد نفسي لأجله جهداً، ولعل المقربين من صاحبة الهذيان يعلمون جيداً أنها لم تسعَ لذلك بإصرار قد يصل إلى الفجاجة التي نلحظها من بعض الشعراء على بوابات الشبكة العنكبوتية حتى أني أستغرب ذلك الانسكاب اليومي في كتابة قصائد لذات الشاعر أو الشاعرة في عدد كبير من المواقع العنكبوتية، فالشعر على حد علمي ليس سهلاً لهذا الحد من الفوضى وحتى على صفحات الصحف المحلية والعربية الذي يجعل من الشعراء الشباب يتملقون ويتقربون لأجل النشر فقط وإن كان على حساب نصه حذفاً وتغييراً، ورغم أني أملك في أغلبها صداقات تمكنني ذلك، لكن اعتزازي الكبير بكرامة نصوصي كونها خلقت من زجاج، لا أسمح أبداً بتغيير كلمة فيها أو عنوان لمجرد النشر، وأفضل حبسها في ظلام مكتبي حتى أستطيع أن أجمع شملها داخل دفة إصدار يصل بها إلى حيث كتب الله لها، ولهذا قد لا أصل إلى العربية وربما بعد موتي إن جاز لي التمني بذلك.
أما النضج الشعري يا سيدي فليس محكوم بعمر أو مكان أو نطاق محلي أو عربي حسب ما أعتقد إذا ما كان قصدك الوصول إلى الفنية الشعرية في القصيدة، فقد يكون الشاعر وصل إلى الشهرة المحلية أو العربية ولا يملك سوى بضعة نصوص وصلت للنضج الفني، ولا شك أن المحلية بوابة الانطلاق إلى العربية، خاصة إذا ما كان هناك دعم في إيصال الصوت إلى الخارج.
* هل تكتبين قصيدتي العمودي والتفعيلة..؟ أم تراك تحرصين على قصيدة النثر فقط؟
** لا يا سيدي، لا أكتب قصيدة التفعيلة التي أحب تذوقها فنياً وشعورياً ولا أحب كتابتها، ولا أكتب القصيدة العمودية الكلاسيكية لأني لا أنسجم معها إلا مع قليل القليل، فقد حرصت طوال فترة تجربتي المتواضعة على أن أخلق صوتاً خاصاً بي ولسي مستنسخاً ممن هم قبلي، وإيجاد خط درامية لا يحاكي أحداً سوى الكائن البسيط داخلي، ونصوصي أحسب أنها أوقعت الكثيرين في حيرة نقدية ليصنفوا خطها الإبداعي ومدرستها، وسأظل أكتب شعري وفق قواعدي وقانوني الخاص بي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved