الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 26th June,2006 العدد : 159

الأثنين 30 ,جمادى الاولى 1427

رَأَيْتُ النَّخْلَ يَبْكِي
شعر: يحيى السَّماوي

إلى الأخ الشَّاعر المبدع: عيسى جرابا صَدَى لقصيدتِهِ (رَجْعٌ عِراقِيّ)
سَمِيْرَ الشِّعْرِ عَفْوَكَ يا سَمِيْرُ
عَصِِيَّاتٌ عَلَى سُفُنِي البُحُوْرُ
أُحَشِّمُ أَحْرُفِي فَتَفِرُّ مِنِّي
وتَهْرُبُ مِنْ خُطَى قَلَمِي السُّطُوْرُ
تَوَسَّلْتُ القَرِيْحَةَ فَاسْتهَانَتْ
بصَوِتي واستَخَفَّ بِيَ السَّعِيرُ
وكُنْتُ إِذَا أَشَرْتُ لَهَا أَتَتِْني
كمأمورٍ أَشَارَ لَهُ أَمِيْرُ
تَسِيْرُ كَمَا أشَاءُ فَلا (طَوِيْلٌ)
يُعَانِدُ إِنْ حَدَوْتُ وَلا (قَصِيْرُ) (1)
لَهَا كِبَرٌ فَمَا عَرَفَتْ (زِحَافاً)
ولا (خَبْناً) إذا طَالَ المَسِيْرُ) (2)
يُنادِمُ نَارَها قَلْبِي.. فَحِيْناً
يُنِيْرُ بِهَا.. وَحِيْناً يَسْتَنِيْرُ
هُمَا ضِدَّان لَكِنْ فِي وِفَاقٍ
وفَاقَ الجَمْرِ نَادَمَهُ البَخُوْرُ
سَمِيْرَ الشِّعْرِ عَفوَكَ يَا سَمِيْرُ
حُقُوْلُ قَرِيحَتِي ظَمْيَاءُ بُوْرُ
فَطُوْلُ تَغَرُّبٍ عَنْ نبْعِ (ضَادٍ)
يَبُلُّ بِهِِ حُشاشَتَهُ الحَسيْرُ (3)
أضَرَّ بجَرْسِ حُنْجُرَةٍ صَدُوْحٍ
فَهَل لِيِبيْسِ حُنْجُرَةٍ عَذِيْرُ؟
سَمِيْرَ الشِّعْرِ - لا زَعْمْاً - فُؤَادِي
وَقَدْ خَضَّبْتَهُ حُبًّا شَكُوْرُ
نَسَجْتَ مِنَ الرَّفيْفِ لَهُ وِشَاحاً
حَوَاشِيهِ الجَدَاوِلُ والزُّهُوْرُ (4)
أتانِي وَالجَفَافُ يُشِلُّ عُشِْبي
فَضَاحَكَني القُرُنْفُلُ والغَدِيْرُ
لَبِسْتُ وَكَانَ مِنْ حَسَكٍ قَمِيْصِي
فَدَثَّرَني الزُّبُرْجُدُ وَالحَرِيْرُ
وَلَوْلا أنَّ لِي وَطَناً سَجِيْناً
يَدُوْرُ عَلَيهِ حَوْلَ السُّوْرِ سُوْرُ
وَأَهْلاً لا يُسَامِرُهُم أَمَانٌ
وَرَوْضَاً لا يَمُرُّ بِهِ العَبِيْرُ
نَصَبتُ عَلىَ ضِفَافِ اللَّيلِ تَخْتاً
بِهِ يَنْسَى رَزَانَتَهُ الوَقُوْرُ
بَلَى.. لَطَمَتْ حَنَاجِرهَا الأَغَانِي
وشَقَّتْ زَيْقَ عَفَّتِهَا الخُدُوْرُ (5)
وَسَدَّتْ بَابَها خَجَلاً شُمُوْسٌ
وَفَرَّتْ مَن هَوَادِجِهَا بُدُوْرُ
وَأَغمَضَتِ الحُقُوْلُ الُعشْبَ لَمَّا
تَعَطَّلَ في اليَنَابِيْعِ الخَرِيْرُ
رأتْ وَطَناً يُسَاقُ إِلَى جَدِيْدٍ
مَنَ البَلْوَى تُحِيقُ بِهِ الشُّرُوْرُ
وَدِجلَةَ - غَادَةَ الأَنْهَارِ - تُسْبَى
يَعِيْثُ بِهَا الغُزَاةُ وَلا مُجِيْرُ
فَلَو أنَّ النَّخِيلَ - الشَّعْبَ - حُرٌّ
طلِيقُ السَّعفِ لَم يَسْجُنْهُ جُوْرُ
لَمَا وَلَغَتْ بِدِجلَتهِ ذَئابٌ
ولا رَاعَتْ عُيُونَ مَهَا جُسُوْرُ (6)
أَذَلَّهُمَا بِسَوطِ القَهرِ طَاغٍ
خَلائِقُهُ الحَمَاقَةُ وَالغُرُوْرُ
وَجَلاَّدُوْن لم ينبِض بِعِرْقٍ
لَهُم مَا طَالَتِ البَلوَى شُعُوْرُ
(أَشاوِسُ) في الوَعِيْدِ وَيَوْمَ غَزوٍ
فَجِرْذانٌ تَضِيْقُ بِهِم جُحُوْرُ (7)
تَنَمَّرَتِ الخِرَافُ على حَبِيْسٍ
غَدَاةَ تَخَرَّفَتْ فِيه النُّمُوْرُ (8)
وَمَا جَنَحَ الشِّرَاعُ بِنَا وَلَكِنْ
رَبَابِنَةُ السَّفِينَةِ لا العَشِيْرُ
ولا كَانَ الطَّرِيْقُ ضَرِيرَ شَمْسٍ
وَلِكِنَّ الدَّليْلَ هُوَ الضَّرِيْرُ
رَأَى تِبْراً فَأَغْمَضَ عَيْنَ عَقْلٍ
و(كُرْسِيًّا) فَزَاغَ بِهِ الضَّمِيْرُ (9)
على ريشٍ يَسيْرُ وَكانَ يَوْماً
يَعِزُّ عَلَيهِ في الكُوْخِ الحَصِيْرُ
كَفَرْتُ بنعمَةِ التَّحرِيْرِ يَأتي
بِهَا وَحْشٌ ومُرتَزِقٌ أَجِيْرُ
إذا أُسِرَ الذِّمَارُ فَكلُّ أُنْثَى
بِهِ أَمَةٌ وَكُلُّ فَتَىً أَسِيْرُ (10)
أدُجِّنتِ الكَرَامةُ؟ أيُّ عِزٍّ
لأَرْضِ النَّخْلِ يَحكُمُها سَفِيرُ؟
مَشَيْنَاهَا (وَمَا كُتِبَتْ عَلَيْنَا)
بَرِيءٌ مِنْ تَخاذُلِنَا القَدِيْرُ (11)
وَلِي عُذْرِِي إذا يَبِسَتْ حُرُوْفِي
عَلَى شَفَتِي وَجَفَّ صَدَىً أَثِيرُ
تقَرَّحَتِ الرَّبَابَةُ.. وَالمَرَايَا
مُقَرَّحَةٌ.. وَخُبْزِي والنَّمِِيْرُ
أَيُغوِي سَعْفُهُ المَحرُوْقُ طَيْراً
نَخيلٌ؟ والعَصَافِيْرَ القُبُوْرُ؟
هَرَبْتُ إليْهِ مِنِّي بَعْدَ عَشْرٍ
وَنِصْفِ العَشْرِ فَارَقَها الحُبُورُ
رَأَيْتُ النَّخْلَ - مِثْلَ - بَنِيْهِ - يَبْكِي
فَيَمْسَحُ دَمْعَ سَعْفَتِهِ الهَجِيْرُ

alsamawy@adam.com.au

(1) الطويل والقصير: من بحور الشعر.
(2) الزحاف: تغيير يلحق ثاني السبب الخفيف أو الثقيل في عروض الشعر. والخبن: حذف ثاني الجزء الساكن من التفعيلة.. والزحاف والخبن من عيوب القصيدة.
(3) يبل: يروي. الحسير: الضعيف، الكليل.
(4) الرفيف: الخصب، ومن الأخلاق: أحسنها.
(5) الزيق: فتحة الثوب عند الصدر.
(6) إشارة إلى بيت علي بن الجهم:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
(7) إشارة إلى هرب صدام حسين ومعاونيه وأتباعه دون قتال فسلموا بغداد للمحتل.
(8) تنمرت: أصبحت نموراً. تخرفت: أصبحت خرافاً.
(9) إشارة إلى بعض حفاة المنافي الذين سرقوا مئات ملايين الدولارات بمشاركة أولياء أمورهم؟!
(10) الذمار: كل ملك يتوجب الدفاع عنه، والمراد هنا الوطن.
(11) تحوير للبيت العربي:
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved