الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th December,2005 العدد : 135

الأثنين 24 ,ذو القعدة 1426

الغربة الثانية
محمد بن عبدالرزاق القشعمي
ما زلت أذكر ما قاله الدكتور أبو بكر أحمد باقادر وهو يصافح الاستاذ عبدالرحمن بن زيد السويداء عند زيارته في مكتبه بدار (السويداء للنشر والتوزيع) بجوار فندق (الرياض ماريوت) قبل ثلاثة أشهر فقد كنت في زيارة لباقادر بعيد مغرب أحد الأيام قبل ثلاثة أشهر وهو يزور الرياض كمستشار لمعالي وزير الثقافة والإعلام، وكان يسكن في زياراته للرياض في الفندق المذكور، فذكرت له أن دار السويداء بجوار الفندق وما دمنا وحدنا ما رأيك لو زرنا صاحبها فرحب بالفكرة وقال: ما يدريك أنني بحاجة إلى كتاب قد ألفه عن أدبيات القهوة والشاي! وعند استقبال السويداء له قال له باقادر (لقد خلدت اسمك في التاريخ بهذه المؤلفات القيمة والتي لن تنسى لك).
بهذه العبارة قدمت الدكتور سعاد المعجل الجزء الثاني من رواية خالها الدكتور عبدالله حمد المعجل (الغربة الثانية)، ط1، 2005م، دار الساقي.
والذي ألح عليها وهو يكتب الجزء الأول (الغربة الأولى) الصادرة من الدار نفسها عام 2000م حاثا أيها للمشاركة بجزء من هذا العمل.
وهو يقول لها، بأن الكتاب هو الطريق الوحيد نحو حياة خالدة لا موت فيها:( لا شيء يبقى بعد رحيلك عن هذا العالم، الا كتاب يبقى من بعدك).
حتى المقالات التي تكتبين ستضيع يوماً في زحمة الأشياء.. إلا الكتاب).
ولهذا نجد الدكتور عبدالله بن حمد المعجل بعد أن قدم روايته الشهيرة (الغربة الأولى) وغيرها من أعمال يرحل بشكل مفاجئ بحادث سير في شهر آب أغسطس 2001م بالبحرين، نجد ابنة اخته الدكتورة سعاد المعجل تأخذ على عاتقها اكمال العمل أو الجزء الثاني والذي اسمته (الغربة الثانية) والذي صدر مؤخراً، ونجدها تقول في مقدمة العمل:
كنت أسمع صدى كلماته كلما هممت بإمساك القلم، كانت تلك الكلمات هي التي تدفع بقلمي دفعا لأنهي مهمتي وأرسل النسخة الأولى إلى العزيزة مي غصوب لتحلمها معها في طريقها إلى بيروت، ولتخرج الرواية كعطاء لراحل لم يجف نبع عطائه، وبت معها أراه في منامي كل يوم، كان يبدو ضاحكاً بشوشاً كما تعودته دائماً، ولطالما كان يقول لي بأن حلمنا قد تحقق.
خرج أخيرا العمل المشترك كما تخيلناه، وتصورناه، لقد تحقق بالفعل حلمنا أنا وخالي عبدالله بإصدار عمل روائي مشترك، وأصبح الآن واقعا، (الغربة الثانية) على وشك أن تصدر.
ولكنه حلم ناخر كثيراً بكل أسف لتصدر الرواية ونحن في عالمين متباعدين: هو في حضرة الله، وأنا بين الأحياء التعساء، وليبقى هذا الكتاب شاهداً على حياة بلا موت، فالكتاب لا يموت كما كان خالي يرددها دائماً، ولقد صدق حدسه، فلقد اعادت لي (الغربة الأولى) خالي الذي احرقتني لوعة غيابه).
وهكذا قدمت سعاد المعجل (الغربة الثانية) هدية لخالها الذي رحل قبل الأوان قائلة: إلى ذكرى الدكتور عبدالله حمد المعجل.
ولنعد قليلا إلى العمل الروائي الأول (الغربة الأولى) لعبدالله حمد المعجل والذي صدر عن دار الساقي ايضا في طبعته الأولى عام 2000م، الذي أهداه إلى ذكرى والدي ورفاقه، وهو يروي على مدى 352 صفحة قصة تحول الجبيل كقرية خليجية بالساحل الشرقي من الحياة البدائية التي كان يعتمد أبناؤها على صيد المسك أو الغوص في مواعيد محددة للبحث عن اللؤلؤ.. إلى ظهور النفط وقيام الشركات المنقبة والمستخرجة والمكررة والناقلة له.. وانتقال أبناء تلك القرية للعمل في الشركات وما نتج عنها من تجمعات عمالية بدأ الوعي والبحث عن المعرفة والمطالبة بتحسين أوضاعهم ينتشر بينهم، وما تقوم به الشركات من اضطهاد وقهر لهم، ورفض لمطلبهم، وبالتالي الزج ببعضهم بالسجون.. ونجد الناشر يقول في تعريفه لهذا العمل .. في (الغربة الأولى) عالم يختلط فيه الواقع بالخيال ينقلنا المؤلف عبر أحداث فترة تاريخية إبان مرحلة التحول الكبيرة الذي شهدته المنطقة اثناء فترة الحرب العالمية امتداداً حتى حرب الـ 48، وقيام إسرائيل وتهجير الفلسطينيين، وظهور الحركات العمالية، وبداية تكوين المشروع القومي الحديث.
هي أحداث منطلقة من تجربة قرية الجبيل بالساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية إلا أنها يمكن أن تنطبق على أية قرية خليجية أخرى).
وهكذا تأتي (الغربة الثانية) استكمالاً (للغربة الأولى) فنجد عبدالعزيز الذي ينهي دراسته الابتدائية بتفوق في المدرسة الوحيدة في القرية ينتقل إلى الأحساء ليدرس في تحصير البعثات في وقت اشتد فيه الصراع والأحداث السياسية في المنطقة فمن أحداث فلسطين إلى نشاط الضباط الأحرار بمصر وغيرها. وتقوده خطاه في بعثته إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليدرس هناك دراسته الجامعية، وينشط مع الطلبة العرب في الاتحاد الطلابي وتنتقل هموم الوطن إلى هناك.. ويقلب صفحات الدفتر القديم الذي سجل به مذكراته أثناء قدومه إلى أمريكا.. وهو يستعد للعودة إلى أرض الوطن بعد سنوات الدراسة.. وكان أخوه محمد الذي يكبره في ولاية (ميتشيقان) في طريقه لحضور اجتماع اتحاد الطلبة العرب فأخبره أحد الناشطين من أبناء العراق بأن أنشط مناضلة في الاتحاد هي من أبناء قريته (الجبيل) وفوجئ بأنها (نعيمة) ابنة (سارة) التي كانت متهمة من قبل أهالي القرية بأن لها علاقات مشبوهة وأنها قد اختفت فجأة مع الاستاذ زياد.
وقد انتهت الرواية بمأساة الحادث المروري الذي أودى بحياة أخيه محمد وهو في طريقه إلى واشنطن لمرافقة أخيه عبدالعزيز الذي كان ينتظره للعودة إلى الوطن.. وهكذا عاد بشقيقه داخل تابوت تماماً كما انتهت حياة عبدالله المعجل في حادث مروري، وعاد في تابوت ايضا.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved