الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th December,2005 العدد : 135

الأثنين 24 ,ذو القعدة 1426

«نص أنثوي».. هل هو اتهام؟
* الثقافية - فاطمة الرومي:
هموم الأنثى هي بلا شك جزء من الهم الإنساني الذي يشكل مصدراً من مصادر الإبداع، لكن كثيراً ما نقرأ مقولة (نص أو نصوص أنثوية) وكأن هذه الصفة مأخذ من المآخذ، مع أن ثمة كتاباً كتبوا بدقة متناهية عن تفاصيل الأنثى فهل يحملنا هذا على توجيه أصابع الاتهام إليهم بحجة أنه ربما تقف خلف الستار امرأة؟
وهل المقصود بهذه التسمية تلك النصوص التي كتبتها أنثى أم هي تلك النصوص التي تحكي تفاصيل الأنثى؟
وهل من الأحرى بالقاصة النأي بنفسها عن هذه التفاصيل التي هي جزء من حياة الأنثى حتى لا توصم نصوصها بالأنثوية؟
هذه التساؤلات توجهت بها الثقافية لعدد من القاصات لمعرفة رأيهن فيما يطلق عليه البعض (نص أنثوي) حيث كانت المحصلة هذا التحقيق القصير.
في البدء تحدثت الأستاذة شريفة الشملان القاصة المعروفة بقولها: قد لا نستطيع التخلص من كوننا بشرا، هذه الصفة البشرية تحمل معها بعض مكوناتنا الصغيرة، دقائق حياتية، كيف نعيشها سواء ذكورا أو إناثاً، كل فرد منا ذكر أو أنثى يحمله الله هرمونات ذكرية وأنثوية، في الذكر تكون الهرمونات الذكرية هي السائدة والأنثوية هي المتنحية، والعكس صحيح بالنسبة للأنثى، لذا لا القاص يمكن أن يتخلص من دقائق حياته ولا القاصة، وكل منهم مقتدر على وصف حياة الآخر وما يمكن أن يعتمل بداخله.
ولكن لنسأل أنفسنا لماذا نهرب؟ ولماذا نتقوقع؟. ولماذا يجب أن ننكر ما وضعه الله فينا، ولا نفرح بالهبة المشتركة بيننا؟. عن نفسي لست ملزمة بالانسلاخ من القصة ولا من محاورها أو فكرتها، عندما يكون الراوي ذكرا فإنني ألتزم بكل ما يوحي بالحياة بالنسبة للرجل أو الشاب وما يمكن أن يفكر به، وليس الرجال بمعزل عنا في حياتهم، نحن نعايشهم منذ صغرنا إخوة وآباء وأخوالا وأعماما ومن ثم أزواجا وأبناء. وأما كون النص الأنثوي يحمل دقائق الأنثى فهذا مالا أخشاه ولست في حاجة للتخلي عنه، أو الاعتذار عنه، ولتوصم كتاباتي بالأنثوية، فهذا يؤكد هويتي ويقربني في الحقيقة من الصدق في الكتابة والإبداع، لا يعني أنني لا أستطيع الكتابة بصفة رجل وأظن أنني كتبت باقتدار نصوصا على لسان ذكور وكان فيها صدق الوصف والتعبير. أحيلك للقصة القصيرة (عندما صرت حماراً) في آخر مجموعة لي (مدينة الغيوم).
كما تحدثت القاصة والكاتبة هدى المعجل موضحة في سياق إجابتها أن المرأة كما ثبت في علم النفس تميل بطبيعتها إلى الاهتمام بالتفاصيل والأمور الدقيقة حيث تقول: كما نعلم أن الأدب أدب بصرف النظر عن جنسانية كاتبه.. فالقضايا التي نجدها ونلمسها في أدب الذكور، نجدها ونلمسها كذلك في الأدب الأنثوي.. والأسس الفنية المتوفرة والتمحققة لدى الذكر هي نفسها الأسس الفنية المتوفرة عند المرأة، وقد يعنى الذكر بهم الأنثى في نصوصه.. والعكس صحيح أيضا.
فهل يحمل شعر (نزار قباني) على الأدب الأنثوي طالما أنه يعنى بالمرأة وهمومها..؟؟!
نتفق في أن المرأة كالرجل.. جزء من المجتمع، والحديث عنها حديث عن المجتمع، وقضاياها جزء من قضايا المجتمع.. نعم الدراسات في علم النفس الحديث أثبتت أن المرأة في طبيعة تكوينها النفسي تميل إلى الاهتمام بالتفاصيل، والأمور الدقيقة، ومتابعة اليوميات وتفرعاتها لمن هم حولها.. بينما الرجل يميل إلى العام والمجمل في تصوره للحياة، وصبغه بصبغة نهائية وقطعية.. فلا غرابة أن تحكي بعض نصوص المرأة تفاصيل الأنثى.. فقد قدمت الروائية المصرية (مي التلمساني) بمهارة فائقة، مذهلة ومتمكنة تفاصيل موت جنينها في رحمها وتحول هذا الرحم إلى قبر.
فقط يحتاج الكتاب أن يتمكن من أدواته ذكراً كان أو أنثى.. ولست مع نأي القاصة بنفسها عن تفاصيل حياة الأنثى كي لا توصم نصوصها بالأنثوية.. فمتى ما تمكنت من أدواتها أبدعت.. وقد تمكنت الروائية اللبنانية (هدى بركات) في روايتيها (حارث المياه) و(أهل الهوى) من الخروج من شروط حواء ورصد حياة الذكر بطريقة ناجحة جداً.. كذلك (أحلام مستغانمي) في (ذاكرة الجسد) و(غادة السمان) في (ليلة المليار).
القاصة والإعلامية فوزية الشدادي الحربي قالت مجيبة:
النص الأنثوي ليس اتهاماً بقدر ما هو فضيحة!!!
فالقاصة عندما تنسج خيوط حكاية ما بكل تفاصيلها، أعتقد أنها تتجرد من ذاتها وتمارس حقها الأدبي في جعل الصورة تكون أوضح، لكن بمجرد مرورها بين يدي القارئ تجده يلبس القاصة حتى التفاصيل الدقيقة وهذا يحجم قدرات القاصات ويجعلهن يلونّ قصصهن بالخطوط الحمراء.
في نظري أن كل ما تكتبه القاصة بأناملها الأنثوية متهم حتى وإن لم يكن نصا غارقا في الأنثوية - كما يقولون -.
أما عن سؤالك هل الأحرى بالقاصة أن تنأى بنفسها عن هذه التفاصيل حتى لا توصم نصوصها بالأنثوية؟ فهذه في رأيي مشكلة حقيقية أن نؤطر الأدب ونجعل النصوص القصصية مربوطة بسلسلة من الأخطار والمخاوف، هنا يصبح النص الأدبي بلا أدب وبلا نكهة.
أما الروائية قماشة العليان فتبدي اعتراضها على ما يسمى بالنص الأنثوي بقولها:
هو انتماء للجنس أكثر منه وصفا للنص.. نعم تتردد كثيراً مقولة (النص الأنثوي أو النص النسوي) ويقصد أن كاتبته هي امرأة (أنثى) وليس حتميا أن يكون النص مؤنثا وهذا يعيدنا لجدلية الأدب النسائي والأدب الرجالي فلا نكاد نجد فرقا بينهم عدا أن أحدهم رجل والأخرى امرأة، فالنص تتدخل فيه خلفية الكاتب الثقافية ورؤيته الحياتية وبيئته الاجتماعية بغض النظر عن جنسه، فقد كتب ألبرتو مورافيا روايته (امرأة من روما) على لسان امرأة وتحدث فيها عن أدق خصوصيات المرأة ومع ذلك لم يوصم نصه بأنه أنثوي، ولم يسأل الكاتب لماذا كتب امرأة من روما وليس رجلا من روما.. لأن الكاتبة أنثى فستفتح المجال على مصراعيه للآخرين بدأ بتتبع خطى الأنثى في نصها وانتهاء بالتكهنات حول إذا ما كانت هي صاحبة التجربة الروائية أو القصصية.. والله المستعان على كل الأحوال.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved