الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 26th December,2005 العدد : 135

الأثنين 24 ,ذو القعدة 1426

المملكة العربية السعودية
التسمية والتمكين «3»
التسمية الفاصلة
يحسن بنا في هذا المقال، وقبل النفاذ إلى صميمها، أن نمهد لها بالإشارة إلى التسمية التي بها تعرف الأمم، والأحسن من ذلك أن نقفل نحو القالة الفارطة، ضبطاً لأواصر الكلام، إذ كنا عرضنا للراية الخضراء (لا إله إلا الله محمد رسول الله) عرضاً غير مجز لكنه يمنح الموضوع إطاره أو وعاءه الذي تتدفق فيه (المملكة) لتبقى، وهي داخله، نظاماً ملكياً يخزن في أطوائه معنى الخلافة ومقاليدها، حتى يسهل علينا اليوم المرور على كلمة (العربية) بوصفها المنتمى الأثني البعيد الذي إليه يعود أغلب الشعب، وبوصفها عند بعض الشعب المنتمى الثقافي والشعوري الذي يعلو على نزق (العرق).. فإذا كان الأولون (عرباً) فالآخرون (عروبيون).. وغير منكور ولا مردود في أن وحدة الشعور في مستواها النضيج تفوق في محصولها وحدة الجنس... ومن أجل هذا الغرض قامت كلمة (السعودية) كي تمحو الفروق وتوحد الواقع.. ولنا مع هذه الأخيرة وقفات متعددة لكن في نقاط تطبيقية متفرقة.. وعموماً تظل هذه العناوين (المملكة) (العربية) (السعودية) تحديدات متراكبة متراحمة في شكل دوائر تحوط بعضها بعضاً، لذلك فهي تتحاضن ولا تتحاك.
لقد أنشأنا خلال المقال أنه يحسن بنا أن نقف ولو بإشارة وامضة على أسباب تسمية الأمم، ولأنه لا بد من الوفاء بما تعهدنا به، فلسنا نعلم أشفى ولا أوفى، أو كما تقول المناطقة ليس اجمع ولا أمنع من (برنارد لويس) كاتباً ومؤرخاً عالج أسامي الأمم حيث ظن على سبيل الخلاصة أنه ليس هناك (أمة من الأمم تسمي نفسها بالموقع الذي تقيم فيه بالنسبة إلى غيرها) وهو في ظنه هذا إنما يفيد حكماً راجحاً إذا نحن تثبتنا من أن الظن في لغة المنطق أو منطق اللغة ليس إلا القول الراجح مع احتمال النقيض المرجوح.. ما يزيدنا ارتياحاً في أن الأقوال الراجحة حول التسمية لا تعدو كونها أسماء يطلقها الغرباء على الأمم أو على الأمكنة.. ف(مصر) مثلاً تعود في رأيي إلى (مصر بن حام) وهو اسم رجل من سحيق التاريخ، ومن ثم أطلق عليها العبريون اسم (مصر إيم) بمعنى المصريين، ومن بعد ذلك ومن قبله أشاع عنهم اليونان اسم (ايجيبت) وتعني الأرض السوداء، وهناك (اليمن) ذات المعنى الجهوي نسبة إلى جهة اليمين،
و(الشام) أيضاً نسبة إلى الشمال، ومن نفس الوادي تأتي (المغرب) إلا إذا طابقنا من يقول بأولوية الزمان، فإنها على هذا المسلك قد سميت على ظرف الزمان.
و (السودان) اسم خلعه العرب على ذوي السحنة السوداء... فكل من شاء أن ينقب خلف المسميات فلن يخرج عن قاعدة (لويس) في تسمية الأمم.
لا نجدنا في حاجة إلى إعنات وروية أو مراجعة نفزع بها إلى مادة التاريخ، تاريخ الجامعات أو الدول، لكي ندفع حجة القائلين بأسبقية الأسماء أو الأمكنة وكأن الأسماء في هذا المساق توقيف من الخالق سبحانه.. يقيناً فينا أنها ليست سوى تلويحات ثعبانية كانت تحاول نزع الثقة عن اسم (السعودية) عبر أساليب مرتجة أفسدنا بعضها في المقال الأول، فهي تلويحات تنبو عنها ملابسات الواقع الموضوعي.
ف(السعودية) هذا العنوان الضخم الذي بلغ نخاع المجتمع ينضوي تحته شعب لا يمكنه، وان تشطر آحادهم، غير أن يكونوا سعوديين، فإنه من وراء الطاقة أن يتصور أحد من الشعب حال هذه البلاد قبل أن يستقر اسم (السعودية) عليها، ولا نحتاج إلى عناء كبير لنؤكد هذا الرأي إلا إذا دعونا النظر في الواقع المعاصر بمقارنته مع التاريخ القريب والبعيد ضرباً من العناء.
وأنه لحقيق بنا الإيقان بأن المغفور له (الملك عبدالعزيز) حيثما جاء كان مجيئه فاصلا تاريخياً.
ومن سنن الفواصل أنها رغم تحققها في التاريخ على أنها جزء لا يتجزأ منه، فإنها من موقف آكدي آخر يجيز عليها أن تكون جزءا يتجزأ من ذلك التاريخ، إذ توافرت فيه أشراط المثنوية والانفراد، لتكون (السعودية) أو (المملكة العربية السعودية) هي التحقق الوجودي لذلك الفاصل الذي مضى عليه أكثر من قرن من الزمان، وهذا المسافة كفيلة بأن تعطي أي الفاصل أو تسلبه معناه... ولن يسلم حديثنا هذا عمن يقلل من قيمته، لكنه مهما فعل، فليس في وسعه المطالبة بما يفوت ذرعنا أو يخرج عن طوقنا في نقض رأيه وتسفيهه إلى حد لا سبيل إلى المبالغة في بعد مداه.


نايف فلاح
Nf1392@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved