الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 27th September,2004 العدد : 78

الأثنين 13 ,شعبان 1425

سيرة الحياة والموت معاً
غادة عبدالله الخضير
السير على الأرض.. طبيعة..
السير على الماء.. يقين وثقة..
أما السير على الهواء.. فارتجاف..
والإنسان فقط من يختار طريقة سيره..
وسر خطوته..
* بدء:
أن نرى العالم مرتين.. كحلم عابر.. هذا الذي عشناه وحلمنا به.. ولم يكن بوسعنا أن نصدق أو حتى نفكر أنه سيكبر حتى يتمزق.. ويختلف حتى نحتاج أن نتعلمه من جديد وننفض غبار جهلنا بمظهره الجديد وقلبه الذي يتسع لأكثر من قصة.. وبين هذا الذي خرج من الحلم من دائرة الحلم تماماً وأصبح غارقا في تفاصيل العيش ومفاهيم الأقوى.. وهذا القبول القصير لكل مظاهر التغير.. وكأن العالم خرج من قمقمه، وتهافت الناس على رائحة الاكسجين الجديد الذي يجدد اللحظة ويجعلها باتساع المتعة!!
فرق بين ذاك العالم الذي عشناه وتحول إلى ومضة في ذاكرة، وهذا الذي يغير وجهه كل صباح، ويلعب معنا لعبة من أنا؟ فما أن نكشف سره حتى يغير قناعه بآخر له حكاية أخرى..!!
** رسالة تأمل:
من أين خرج هؤلاء الناس.. أي البراكين أفرغتهم كالحمم، وجعلتهم متهافتين على كل شيء وفي الحقيقة من أجل لا شيء من أين أتتهم قدرة أن يكونوا نوابغ هذا الزمان بمفاهيمه الجديدة ويلبسونه ثوبهم ويضعون عليه مساحيقهم الخاصة.. ويلتفون حول رغباتهم التي حرموا منها لزمن..
ٌأقول لك هذا زمانهم.. أو بدقة أكثر هذه فرصتهم الزمانية التي يستطيعون بها أن يتنفسوا ويبتسموا قليلاً أو ربما كثيراً.
أقول لك الزمن تغير والناس تغيرت..!!
لا.. التغيير سنة الحياة منذ بدء الخلق، ولهذا لن أتكئ على البدهيات كي أفهم.. ولا أملك تفسيراً منطقيا ومقنعاً في آن كي أخبرك به رغم كل الذي قرأته عن هذا الوجه المختلف للحياة.. إلا أن القراءة تجعلني أغرق في الاسئلة لا أكثر.. وتجعل المشكلة أكبر من
علامات التعجب التي أضعها هنا وهناك في الحياة قبل الأسطر..!!
أنا أفهم جيداً كيف هي فرص الحياة وبراعة الحظ فيها، وأفهم جيداً أن الاذكياء فقط من يستشعرون الفرصة في لحظة وصول الحظ.. لكن الذي لم أفهمه بعد.. كيف يصل من لا فرصة له ولاحظ.. أتراها (لعبة التراخي في الحياة) هي من أخرجت تلك الرؤوس من جرارها.. أم أنه زمنهم لعبتهم..!!
الأشخاص الذين ينتقلون بين زمنين يكونون أكثر حيرة من أولئك الذين عاش كل منهم زمنه منفصلاً بغض النظر عن فضائله أو رذائله، إنهم محكمون بما بين أيديهم، وتحت ناظرهم، وبتلك التفاصيل الصغيرة أو الكبيرة المهمة أو المتواضعة العظيمة أو الأكثر سخافة .. أما أصحاب الزمنين الانتقال بين الزمنين فهم الذين يقفون على المتناقضات من وجهة نظرهم متناقضات ولهذا يقفون كثيراً.. للتأمل للحيرة للتساؤل.. ولا يعيشون إلا من فتات إجابات بسيطة تصبح في نهاية الأمر مصدر تهوية جيد لمزيد من التحمل.
هؤلاء فقط يستطيعون الوقوف على تلك الوجوه التي قيدت في زمن حتى تداعت.. وفي الزمن الآخر، في هذا الانتقال، في زمن الانتقال تماماً أطلق سراحها فكانت على موعد مع (اللحاق) الركض السريع كي يتنفسوا أكبر قدر ممكن من هواء أهوائهم..!!
إذن تقولين لي: إنها أقنعة تزين وجوههم التي سكنتها الأتربة؟
كنت مثلك أفكر أنها أقنعة وأحتار في عددها وتراكماتها وتنوعها.. لكن أيضاً لا.. إنها وجوههم الحقيقية هي وجوههم في الأصل لكن لم يكتب لها أن تبتسم هكذا إلا الآن.
ربما آخر الزمان؟ هكذا تفكرين..
وهذا أيضاً لا.. لأن الولادة والموت يؤكدان دوما أن الزمن لم ينته بعد، وأن صورة الحياة الآن ليست تصفية نهائية لكل ما مضى.. انه وجه مختلف فقط يؤكد عذرية الحياة الدائمة في شكل أزمانها..
زمن الأسئلة والرغبات التي تفضي للعدم وتنتهي إليه.
ربما.. أو ربما لا..
قد نقول (وما الفائدة؟ ماذا سنفعل؟ لا شيء يتغير؟ كأن نقول أيضاً لماذا نأكل أو نشرب أو نضحك أو نحزن كأننا انتهينا إلى عدمية الأشياء إلى تجريدها من حركة الحياة.. كأننا نقول: إن الانسان الذي فتح نوافذه وأبوابه للقمر ذات ليلة اكتمال أغلق على نفسه بابه، وأخذ يراقب شمعة، ويسقط على عمرها الذي يتناقص سيرة الحياة والموت معاً..!
زمن قصير ومكثف ويستوعبه قليلاً من الصبر والحكمة والشجاعة..
لنتوقف عند هذا..)
** ما أسعدك للكاتبة الجزائرية: ياسمينة صالح:
ما أسعدك وأنت ترقب شكلك في المرايا وعلى جدران انكسار.. ما أسعدك!
والكائنات تغذي حقولك بالحروب.. وترصد باسم السلام مدارك.. ما أسعدك!
تصور ما مضى! الاشياء هي ذاتها منذ بداية الخليقة الى يوم.. الحشر..
تصور الحروب القديمة.. والغزوات الصغيرة.. والمناطق المحرمة والأسرار.. والكلام الذي يبدأ ب(كنا)
ليعني (انتهينا) تصور..! المصائب المزمنة التي لم تبن مدنا خارج احتمالك.. ما أسعدك!
من أي الفصول جاءت أحزانك اليومية؟ من فصول الخبز والسياسة المنقسمة على الأصحاب؟ لم نقل شيئاً جراحنا مفتوحة للأذى.. لكن وداعنا كان صادقاً، ودموعنا غسلت خطايانا الصغيرة التي من خلالها عشقنا على نسق الأشياء واختلفنا لأجل نفس الأشياء .. تصور..
اليوم.. بإمكانك أن تشاهد نفسك في المرايا، وفي الوجوه دون أن تضطر للعزاء، في ما يشبهك في الرؤى وما يشبهني في البكاء..! بإمكانك أن تجد لغرورنا المقدس اسماً مغمساً في الأعذار.. وأن تطلق على أوضاعنا ما تشاء من الأسماء.. بإمكانك أن تبدأ.. بامكانك أن تنتهي كما تشاء.. قد صرنا نشبهك في منحك، وفي منهجك فما أسعدك..!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved