الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 27th September,2004 العدد : 78

الأثنين 13 ,شعبان 1425

حسين سرحان.. ظلم نفسه (بالعزلة) في حياته فهل ظلمناه بالإهمال بعد مماته؟
راجع أوراقه وتهجى حروفه وحاور أبياته
د. علي بن محمد الرباعي الباحة

إذا كان المتنبي (مالئ الدنيا وشاغل الناس) فذاك مجد صنعه لنفسه وهدف سعى إليه بقدراته، واشتغل عليه بوفرة حضوره وكثافة اعتداده بنفسه وخصوبة نتاجه في عمره غير المديد!!
أما ضيفنا اليوم فإنه وإن شارك المتنبي في الفكرة إلا أنه خالفه في الآلية، فقد اعتاض عن الأحياء بالعزلة، إلا أن الحياة كانت حاضرة (وجدانيا) بكل أبعادها، وهذا ظاهر في شعره ونثره..
شاعرنا ارتضى الانطواء فأبت عليه الأضواء.. ذهب للظل فظلت صورته تحت الضوء.. وجلس في الهامش وتربع نصه في المتن.. ذلكم هو: حسين بن علي بن صويلح بن سرحان العتيبي، يتصل نسبه بقيس عيلان المنحدر من بني سعد من هوازن.. ولد بمكة المكرمة عام 1334هـ وبين الحرم المكي ومدارس الفلاح تزود ببعض المعارف، ثم التحق بالعمل بوزارة المالية واشتغل بجريدة البلاد مشرفاً على الثقافة 1367هـ 1368هـ، وكانت جل ثقافته باجتهادات وقراءات شخصية.. ظهر الزهد مبكراً عليه، وربما كان للألم دوره وللمزاج الحاد فعله.. ومن يستعِد أسماء وعناوين مؤلفاته سيرى بوضوح ما يؤكد ما ذهبنا إليه، (فالطائر الغريب وأجنحة بلا ريش) من أهم نتاجه الذي ربما لم يطبع إلا مرة واحدة. توفاه الله عام 1413هـ ودفن بمكة، ويسعدني تقديمه هنا من خلال شعره، عساي أصل وأُقرب لكم صورة من صور لا تنتهي من حياة هذا العملاق:
سألته:
من أنت؟
أنا الكأس والساقي أنا الهم والهوى
أنا الطير أغفى مرة ثم غردا
كأني وراء الليل ألهثه سرى
وصبحاً أراعي الجوهر المتفردا
تأمل فكم ثوب يقوم بلا فتى
وكم غصن بانٍ عاد سيفاً مهندا
بماذا اشتغلت؟
تبلد الذهن بالأهواء واشتغلت
بنات قلبي بأمر غير مفهوم
لا في السماء ولا في الأرض أنشده
فإنه مثل غيلان الدياميم
أتبتغي الشر لا تدريه؟ هل كُتبت
عليك قسمة شقوٍ جد محتوم
إني لا بصر لا أرنو إلى أحد
وقد أذوق فلا أحظى بمطعوم
أعدو هناك وأعدو هاهنا وهنا
لا يُعرف الظلم إلا عند مظلوم!!
أبلغت بك السوداوية هذا الحدّ؟
فلا تُهجني يا رصيف الهوى
ولا تشط الماء عن موردي
لا تصدق النائم أحلامه
إذا أحس الشوك في المرقد
مقلته حيرى وراء المنى
سباحة في الأفق الأبعد
ضلت ركاب القوم ثم اهتدت
وهو حبيس الأرض لا يهتدي
طليح إعياء رثيث القوى
فكيف تلقاه يد المسند
وماذا في نفسك؟
وفي النفس ما فيها من البشر والمنى
وفيها عقابيل من الحسرات
رأيتك يا نجمي فهلا رأيتني
وكيف تراني في قدار فلاة
منحتك من شعري بواكير غرسه
وأهديتك المختار من خطواتي
وقال أصيحابي لقد فاتك الهوى
ألا رب شيء عاد بعد فوات!!
كيف أنت وفصول السنة؟
الربيع الجميل صار خريفا
والمليء الحفيل أمسى سليبا
وعلى الروح أوصدت ألف باب
تتحداه أن يطيق الهروبا
أخفقت في الطلوع شمس حياتي
ليتها آذنت إذاً أن تغيبا
كنت من عشاق الصيد فما غالب صيدك؟
يا لفتة الظبي في عين وفي جيد
مُنّي علينا بمكذوب المواعيد
عوجي علينا وهاتي ما كذبت به
أليس توصين في الدنيا بتنكيد
أواه يا ظبي في جوف الكناس لقد
رميت قلبي رمياً غير مقصود
وقد أعود إلى الدنيا فأذكرها
إذا أردت فقولوا للمنى عودي
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved