الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 27th October,2003 العدد : 34

الأثنين 1 ,رمضان 1424

بمقدمة ضافية من الخويطر
الأستاذ عبدالله القرعاوي يستعيد ذكريات نصف قرن

* الثقافية سعد الدحية الزهراني:
حياة مديدة حافلة بالكد والعطاء معاً، تلك التي يستعيدها الأديب الكبير عبدالله بن حمد القرعاوي في كتابه: «ذكريات نصف قرن» الذي يتذكر فيه نشأته وحياته العلمية والعملية وسفره إلى مصر وألمانيا للدراسة ثم عودته وتقلده وظائف ومناصب عدة في المملكة، إنها رحلة ممتدة ما بين عنيزة ومكة المكرمة ومصر وأمريكا والرياض ومرحلة عملية طويلة قضاها القرعاوي موظفاً بوزارة العمل إلى مدير إداري بجامعة الملك سعود إلى وكيل لوزارة الصناعة إلى عضو مجلس الشورى. ينقل القرعاوي عبر ذكرياته للأجيال الجديدة خبراته وتجاربه بتلقائية بينة تهدف إلى ان تستفيد هذه الأجيال وتفيد أيضاً في تطوير البلاد. قدم الكتاب معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر، كما تضمن الكتاب مقالات لغازي القصيبي ومنصور الحازمي وعبدالعزيز السالم وعبدالله مناع وسليم السليم وفهيد الشريف وغيرهم تناولت شخصية القرعاوي وتاريخه الحافل بالعطاء والتفاني والانتماء للوطن.
وهنا نعرض لكم نص مقدمة الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، حيث كانت:
* المؤرخ يتصيّد مادته من الحقائق التي ترد في منابع التاريخ نفسه، رؤية، أو مشافهة، أو قراءة.. وكتابة المذكرات من أبرز مصائد المعلومات للمؤرخ، لأن كاتبها يذكر ما فعل، أو رأى، أو سمع، أو تحليلاً لكل ذلك، فإذا كان موضع الثقة، وعُرِفَ عنه عدم التحيز، فهو ضالة المؤرخ، يلتقطها متى وجدها، ويبحث عنها في مظانها، ويضنّ بها ان تفلت.
أمامي الآن مذكرات رجل أمين كما أعرفه جيداً فهو ابن عمتي، وعشت معه في بيت واحد، ونحن في عمر تتبين فيه حقيقة المرء قبل ان يدرج إلى الحياة التي يتمكن فيها من معرفة تغطية ما بداخله فلا يظهر على ظاهره.. أرى البراءة التي كنت أعرفها فيه، والصدق الذي يتحلى به، والخُلُق الذي هو صفته، متمثّلاً في تصرفه مع الذين يتصل بهم.
من هنا أجد ان مذكراته هذه، التي نشرها في «المجلة العربية» تباعاً، مصدر من مصادر تاريخ حقبة مهمة من حقب سيرنا، خاصة في مجال التعليم، وما كان عليه المجتمع، وكانت حقبة ممتعة لما اتصفت به من جهاد وعراك مع الحياة، طمعا في العلم، وادراكا لأهميته وقيمته، وحاجة الفرد له في مستقبله.
تؤرخ هذه المذكرات لبدء اليقظة الفكرية والثقافية، والطموح إلى بلوغ أرقى درجات العلم، وتحدد بفخر تجاوب المسؤولين، سواء في الإدارة التعليمية، أو في أعلى مستويات الدولة، وحرصهم على سبق الزمن، تعويضاً لما فات مما كانت تقصر عنه الإمكانات المادية، والعُرف الاجتماعي، والتردد في قبول ما هو جديد، احتياطا وحذرا.
وقد سار في هذه المذكرات من سنة لأخرى، منتهزاً فرصة مرور كلمة عارضة ليخرج عن الخط الذي رسمه ليأخذ منها فائدة للقارئ، يجد ان اصطيادهما مهم، وكان يربط حوادث السنة اللاحقة بالسابقة، حتى تكتمل الصورة، ولا تنقطع، ويكون القارئ في المنزلة التي فيها الكاتب من التصور والادراك، فهو مثل الرسام يحرص على دقائق الأمور، لأن فيها اكتمال الصورة.
وقد أحاطت هذه المذكرات بسنوات عديدة، وسدت ثغرة ربما لا يسدها غيرها. وفي مثل هذه المذكرات كلمة واحدة، تَذْكر اسم شخص، أو مكان، أو تحدد سنة، تكون بمثابة كتاب كامل، لأنه يتوقف على صحتها أمر كبير، وقد يكون هناك باحث يجري لاهثاً ليجدها، فتكون له بمنزلة المنقذ، ويجد فيها ضالة، ويجد فيها درة ثمينة.
هذه المذكرات ستكون لمن عاصر هذه الحقبة اجترارا ممتعا لما عرفه وعاشه، وستكون للشباب الذين جاءوا فيما بعد، ولم يمروا بالصعاب التي مر بها كاتب المذكرات وزملاؤه، بمثابة مجال واسع للمقارنة، والخروج بحكم صادق عن القفزة التي قفزتها بلادنا في مجال التعليم، والتعليم خير مقياس للسير في الجوانب الأخرى من حياة المجتمع.
جرت العادة ان تشمل المقدمة نبذة عن المؤلف، ولكن هذا ليس في الذهن هنا، لأن في المذكرات عن هذا الجانب ما فيه الكفاية.
بقيت كلمة: ليت كل متعلم يكتب عن معاناته في سبيل التعليم والحياة، أو عدم معاناته لأن السبيل كان ميسراً، وتكون هذه عادة تستمر حتى يتصل الحديث، ولا ينقطع، وليت هذه وأمثالها تجمع، وتدرس، ويُخرج منها بصور صادقة لوقع خطونا، وما أنجزناه، وما سوف ننجزه في ضوء التخطيط الذي وضعناه برضانا، وانطلاقاً من استقلالنا في بلادنا، حسبما تقتضيه حاجتنا، دون تقليد أعمى، ونقل ما عند غيرنا دون تحقيق وتمحيص، مما يجعلنا نسخة من غيرنا، وتضيع شخصيتنا، والشخصية سمة الروح الوطنية.


عبدالعزيز الخويطر

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved