الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 27th October,2003 العدد : 34

الأثنين 1 ,رمضان 1424

قراءة في العدد الماضي
إعداد :اللجنة

الثقافة.. يا وزارة الثقافة!!
في العدد الماضي نشرت هذه المجلة آراء ثلاثة من أدبائنا عن الهيئة الاستشارية التي شكلتها وزارة الثقافة والإعلام.. اثنان منهم كانا من أعضاء الهيئة.. وكلهم تكاد تكون آراؤهم تجمع ان الوزارة تتعامل بأسلوب الروتين (البيروقراطية) من قضية كانت غائبة عن المشهد الثقافي المحلي عشرات السنين.. فهل تريد بأسلوبها الروتيني السلحفائي أن تضيف إليها سنوات أخرى؟
لقد كان عنوان الموضوع مثيراً، لا مؤثراً وهو (لا اقتراحات.. ولا توصيات.. بل اجتماعات: وزيارات)!!! مما يجعلنا نضع عشراً من علامات التعجب أمام التحرك «السلحفائي» للوزارة!!!!
ونحن حين نركز على قضية «الثقافة» فلأننا نؤمن أن الحضارة.. أي حضارة تقوم على ساقين.. بحيث تعد في غياب أحدهما مجرد حضارة عرجاء.. أو أن أحد ساقيها مصاب بالشلل المعوق.. هذان الساقان يرتكزان حياة، وموتاً على:
* التطور المادي: وقد قطعت بلادنا فيه شوطاً كبيراً.
* التطور المعنوي: أو الإنساني.. ويتمثل في «الثقافة» التي هي محور حديثنا.
إن أي شعب من الشعوب لا ثقافة لهم، شعب «متخلف» إن لم يكن «أمياً» حتى لو حمل بعض أبنائه شهادات «الجامعة» أو «الماجستير»، أو «الدكتوراه» لأن هذه الشهادات لا أثر لها ولا قيمة في غياب «الثقافة» التي لا تقوم بالشهادات.. وحضارتنا السابقة التي نفاخر بها دائماً لم تقم على الشهادات.
إذن، قد تسأل يا معالي الوزير ما المطلوب؟ وهو سؤال موضوعي ومنطقي.
والجواب هو ان يكون تفعيل الثقافة حسب الأهمية.. ويبدو لنا أن أبرز ما تعانيه الثقافة في بلادنا هو عدم انتشار الكتاب السعودي.. فالنوادي الأدبية، والمؤلفون، والمؤسسات الناشرة لديها مجموعات كبيرة من الكتب المكدسة في المستودعات.
فالمطلوب أولاً تفعيل هذه القضية بايصال الكتاب السعودي إلى كل الأقطار العربية.. وهذه القضية لكي يكون أثرها وتأثيرها فإنها ستصطدم بعقبتين هما:
1 غلاء الطباعة في الداخل مما يجعل للكتاب السعودي القدرة على المنافسة في الأسعار قياساً إلى ما هو حاصل في بيروت.. والقاهرة.. وحتى بغداد.
فهل ندعو الوزارة إلى سرعة إنشاء مطبعة ضخمة تقدم أسعاراً معقولة.. ويأتي هذا الطلب متجاوباً ومنسجماً مع قرارها الأخير الصارم بعدم الطباعة في الخارج.. وبالتالي منع دخول أي مطبوعات لمؤلفين سعوديين تطبع خارج المملكة.. وهذا فيه نوع من شد الخناق لا يقلل من أثره إلا انشاء مطبعة ضخمة خاصة بالوزارة.. وهذه المطبعة بأسعارها المعقولة سوف تجبر المطابع التجارية على الحد من ارتفاع الأسعار التي لو تم دراستها ومقارنتها بأسعار الطباعة في القاهرة وبيروت لتكشفت الأسعار المبالغ فيها داخل المملكة.. وإنشاء المطبعة سوف تستفيد منه الوزارة لطباعة الكتب، وبخاصة الكتب العلمية المتخصصة، إذ توجد عشرات الرسائل لم تطبع لعدم قدرة أصحابها على تحمل نفقات طباعتها، إلى جانب قلة عدد الذين يكتبون فيها، كما ان مراكزنا الثقافية.. ومكتباتنا العامة تزخر بمئات من كتب التراث التي لم تحقق ولم تطبع.. والوزارة بامكاناتها المفترضة ان تقوم بخدمة جليلة لقرائنا، واحيائه وتيسير أسعار بيع كتبه.
2 ارتفاع أسعار نقل الكتاب السعودي .. ولأن الخطوط الجوية السعودية هي الوسيلة الوحيدة المناسبة للنقل فان الوزارة بامكانها استخراج امر من الأمير سلطان بن عبد العزيز بصفة سموه رئيس مجلس ادارتها وهو من المحبين والمشجعين للثقافة.. هذا الامر الذي يسمح بنقل الكتاب السعودي على رحلات السعودية الى الأوطان العربية دون مقابل مثلها كمثل الصحف والمجلات.. ولأن الثقافة قضية تمس الوطن كله فعلى كل جهة حكومية قادرة على المساهمة في خدمة الثقافة المبادرة بالدعم والمشاركة.
والحديث عن هموم الثقافة يطول، ويطول لأنها هموم كبيرة.. واستشرت بالتقادم .. فلعل في كلامنا هذا شيئا من تلمس بعض مشاكل هذه الهموم.. وسنحاول في كل عدد ان نطرح هماً من الهموم الثقافية التي لا تنتهي فالى العدد القادم ان شاء الله مع املنا في اطلاع الوزراء على ما يكتب حتى لا يذهب مع الريح.
الشاعرة الأمريكية .. والغريب
على الصفحة «5» من العدد الماضي امامنا قصيدتان.. يمكن ان يطلق عليهما «نثر فني» الاولى لشاعرة أمريكية اسمها «بت ينوسك بايلغر» بعنوان «شاعرة امريكية تحلم في العراق» وهي في الحقيقة انها تحلم للعراق، وبالعراق وهي مسكونة بالمشاعر الانسانية النبيلة.. وهناك غيرها من الأمريكيين، والامريكيات اللاتي يحلمن كما تحلم رغم طغيان الصهيونية، واليمين المتصهين للقرارات السياسية الامريكية!!
وهذه الشاعرة تعرف جيدا ما تتركه الحروب من آثار مختلفة ومتنوعة تستمر الى اجيال، واجيال وتعرف ان عملية الهدم اسهل واسرع من عمليات البناء النفسي، والمادي.. لهذا لم تجد امامها غير الدعاء الى الله.
ألا يجعل طفلا عراقيا يتعرض للخطر من أي ابن او ابنة أمريكية.
وألا يتعرض للموت من الاصابات المرضية.
وألا يواجه الخطر من الفقر والمجاعة.
وان يكون ما نريده للعراق هو ما نريده لانفسنا : الأمان، والحياة، والسعادة والحرية!!
ونقول لهذه الشاعرة لقد جاء دعاؤك متأخرا فقد وقع الفأس في الرأس.. وعلى ادارة بوش ان تدفع الثمن غاليا من دعاء أمثالك الامريكيين المدفوعين بالقوة للدخول في مستنقع أكبر من مستنقع «فيتنام».. واذا تمادت الى ابعد من العراق فستكون نهايتها.. فهي الآن تصعد الى الهاوية.
أما القصيدة الثانية فهي للصديق «المنتشر نثرا وشعرا» في كل صحيفة ومجلة.. ومع ترحيبنا بمشاركاته الا اننا نخشى ان يكون هذا الانتشار على حساب «نوعية» ما يكتب، وتأثيره على القارىء الحقيقي.. هذا الصديق «عبد الله السهمي» ونحن لسنا شخصاً له مزاجه الخاص، وحالته النفسية المتغيرتين، بل لجنة قرأ كل منا قصيدتك بعنوان «القريب» وهو عنوان لرواية لانشك بصفتك ناقداً تعرف اسم صاحبها.. ونحن لا نود ذكره حتى لا تظن أننا نوهمك بما لا تحب ان توهم به.
وموضوع القصيدة كما اردت ان تسميها ليس جديدا على القارىء المثقف، الى حد اصبح قاسما مشتركا بين اغلب المبدعين في الشرق والغرب.. فالغرب، والاغتراب بشقيه «المادي والجسدي والنفسي» ما عادا يقدمان شيئا جديدا.. الا من عاشهما حقا .. وكانت له تجربته «الذاتية»، لأن الاغتراب الى جانب انه شقان كما أسلفنا فهو ايضا قد يكون «افتعالا» مقصودا لذاته، فارغا من مصداقية التجربة.. وقد يكون انفعالا تابعا عن معاناة التجربة، فهو هنا يتدفق تدفق الدماء داخل الشرايين والاوردة بكل سخونته.
وقد ذكرتنا بقصيدتك فشل ناقد الشعر في كتابة الشعر مثل طه حسين.. ربما لأن النقد بأدواته، وأساليبه بمرور الزمن فقد الناقد روح الشاعر المتدفقة دون حدود، أو سدود.. فالشاعر كالزهور «والناقد كالبستاني الذي اذا كان يعرف كيف يتعامل مع الزهور ويحرث ارضها، ويتعهدها بالسقي، والحماية.. ويعرف أنواعها.. لأنه لا يمكن ان يكون زهرة.
وقصيدتك تجاوزا فيها قتامة.. وفيها عتمة لانها افتقرت الى الغنائية التي نعدها من عناصر القصيدة العربية القديمة، والحديثة.. كما انها تفتقر الى الايقاع الموسيقي الداخلي الذي لا تخلو منه اي قصيدة.. كما انها لا ترتبط بالتوزيع التفعيلي الذي يجعلنا نصنفها على أساس انها قصيدة تفعيلة.. وأمام «العتمة الطلسمية» لم نجد ما يشعرنا بما نسميه «الرعيشة الفنية» وبعض الألفاظ ليس فيها ذلك «الايحاء الفني الشعوري» مثل لفظة «طبطب» .. لكننا نجدك كما تريد ان يكون كلامك «النثري» قصيدة فيما يأتي:
وباح الغريب بسرِّ دمٍ لم تطأه الجراح
سينقرنا القمح يوما
لنعرف ان العقاقير بعض الصباح
ووضعك للقوسين يجعلنا نسأل: أهو نوع من «التضمين» أو الاقتباس كأضعف الإيمان؟
الجواب ربما جاءنا منك.. وأنت كالعيون في الصباح، مع الاعتذار للشاعر «المهلهل» مع شكرنا العميق لتواصلك مع المجلة.
مساقات.. الفيفي
الصديق العزيز مع الاحتفاظ باللقب الاكاديمي «عبد الله الفيفي» باحث يفيدك لأنه فيما كتب تحت عنوان «البنية الشعرية.. عند العرب مستوى الصوت والدلالة» لم يكتب من فراغ» وانما عن «امتلاء» يجر بك نحو الشواطىء المهجورة في تراثنا الشعري بأسلوب، ولغة العصر.. وهو توجه نبيل نتمنى ان يسهم «الاكاديميون» من خلال معارفهم المعاصرة لاحياء هذا التراث الموغل في العصور القديمة منذ العصر الجاهلي.. مرورا بعصر صدر الاسلام.. والأمويين.. والعباسيين!
ومن خلال ثبت المراجع والمصادر لدراسة الصديق «الفيفي» التي بلغت كما احصيناها «10» في دراسة قصيرة احتلت اقل من مساحة صفحة من صفحات المجلة «من خلال ذلك يعكس لك الجهد الكبير الذي بذله.
ونحب ان نقف مع صديقنا «الفيفي» بعض الوقفات:
1 اننا حين ندرس أثرا من الآثار أليس من الموضوعية دراسة «المؤثر» زمكانياً كالأثر مستقلا عن «المؤثر» المتمثل في «الزمان» والمكان / البيئة الاجماعية يضاف الى ذلك «الحالة النفسية» لصاحب الأثر يجعلنا امام تصورات، واستنتاجات تبعد عن واقع الحقيقية.
2 بالنسبة للغنائية في الشعر العربي ظاهرة سبقت الشعر الحديث بحيث جاء الشعر ترجمانا لها الى حد اننا نعرف ان العرب كانوا يقولون انشدنا من شعر ابن ابي ربيعة مثلا.. وهذا يعني ان «الانشاد» الذي نعني به «الغنائية» هو الاساس والاصل في الشعر.. والقصيدة العربية القديمة، او الحديثة حين تخلو من «الغنائية» لا تجد الصدى المنشود لدى القارىء / المتلقي.. ولهذا قال شاعر كبير مثل «الزهاوي» حسب اعتقادنا:
اذا الشعر لم يهززك عند سماعه
فليس خليقاً ان يقال له شعر
فالغنائية نتوجه للأذن مركز «السمع» فتوجد تلك «الرعشة الفنية» التي تقود الى المتعة النفسية الحسية».
3 ظاهرة «الكذب» او «الفائدة» في الشعر العربي تحتاج من صديقنا «الفيفي» وقفة دراسية اجتماعية نفسية بيئية.. لأن العرب من عباراتهم المشهورة «أعذب الشعر أكذبه».
4 أما ظاهرة التكرار فستقابلك أيها الصديق في كثير من قصائد الشعر الجاهلي على الاخص وبعض النقاد ينظر اليها كجزء من مفردات «المعجم الشعري» التي يتميز بها شاعر عن آخر.. او يلتقي فيها شاعر مع غيره، ولا يعدونها عيبا بقدر ما يعدونها مكونا من مكونات هوية الشاعر!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved