الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 27th November,2006 العدد : 178

الأثنين 6 ,ذو القعدة 1427

حكايات
أي مستقبل للإنسان
محمد بن أحمد الشدي

كلما تقدمت مسيرة الإنسان على سطح هذا الكوكب.. كلما زادت حيرته وقلقه وخوفه من المستقبل!.. وهذه الظاهرة أصبحت في هذا العصر مرعبة إلى حد الوجوم والنظرة المتشائمة، والإحباط أخيراً.
هذا الكلام ليس فرضية شخصية.. ولا نظرية جديدة.. وإنما هو تقرير جمعي اتفق على تأكيده عدد كبير من الباحثين في ميادين الفلسفة والتاريخ والسلوك والأخلاق وعلوم البيئة.. فمنذ الحرب العالمية الأولى حتى الآن والبحوث والدراسات تتناول هذا الموضوع، وهو الخوف من المستقبل، ليس على مستوى الفرد بل على مستوى المجموعات الإنسانية التي تعيش في شتى بقاع الأرض.
ومن أحدث الكتب التي صدرت في أمريكا كتاب (مستقبل الإنسان)، وهذا الكتاب كان محور ندوة علمية في إذاعة لندن، حيث اعتبره المشاركون في الندوة صرفة مروعة تدعو حكومات العالم إلى كثير من الجهد والتعاون لتفادي كارثة فناء الجنس البشري، سواء من جراء اشتعال فتيل الأسلحة النووية أو من جراء تلوث البيئة أو جراء الأمراض والأوبئة التي لم يستطع الطب السيطرة عليها حتى الآن وفي مقدمتها مرض الإيدز.
وأجمل تعليق سمعته من أحد علماء الندوة هو أن الإنسان أشبه ما يكون بالطفل الصغير الذي يحطم لعبته ثم يبكي عليها، فقد قارن هذا العالم بين الإنسان البدائي في العصور السحيقة وبين الإنسان المتحضر الذي يعيش في هذا القرن، وخرج بنتيجة أن الإنسان البدائي بدد رعبه وخوفه عن طريق تذليل صعوبات الحياة بوسائله الضعيفة ومعارفه البسيطة، في حين أن الإنسان المتحضر أصبح أسير الخوف مما تصنع يداه، وكان المفروض فيه أن يجعل الحياة أكثر هدوءاً وجمالاً وسلاماً.
وقال ذلك العالم: إن الإنسان الحديث هو الذي اخترع الأسلحة المدمرة، وتفنن في تطويرها بحيث أصبحت القنبلة الذرية الواحدة تقتل مئات الآلاف من البشر في لحظات، وهو الذي صنع الفقر نتيجة احتكار الموارد في أجزاء معينة وحرمان أجزاء أخرى منها، حتى أصبحنا نرى في القرن العشرين انتشاراً مخيفاً للمجاعات كالذي يحدث في القارة الأفريقية، وهو الذي كان سبباً في ظهور أمراض غريبة فتاكة مستعصية على العلاج. وتساءل العالم في النهاية عن سر بكاء الإنسان وخوفه من المستقبل وهو الذي كان سبب الخوف منه.
وقال: إن الحساة جميلة وغنية ويجب علينا كبشر أن نحياها برغبة وحب كما تحياها الطيور لا كما تحياها الحيوانات في الغابات المظلمة. ولكي نستحق الحياة الجميلة على وجه هذا الكوكب علينا أن نتعاون كأسرة واحدة، نمنع الحروب ونوفر الغذاء وننظف البيئة، ولتعم الديمقراطية بين كل البشر. فالخوف من المستقبل خوف وهمي إذا تصرف الإنسان بعقل وحكمة وضمير حي.
وأجمل عبارة شدتني إلى حديث هذا العالم هي قوله: إننا - أي سكان هذه المعمورة - نركب في سفينة واحدة، ولا ينبغي أن نسمح لأحد أن يخرقها لأننا في النهاية سنغرق جميعاً.
إنني أدعو إخواني المسؤولين في الإذاعة والتلفزيون وفي جميع وسائل الإعلام إلى عقد ندوات علمية وفكرية شبيهة بهذه الندوة التي أشرت إليها، لأن ذلك كفيل بتوعية أفراد المجتمع وتزويدهم بكثير من المعلومات القيمة عما يتهدد العالم من أخطار من جراء الحروب والتلوث والانحراف. فالمعرفة هي المفتاح الذهبي لتقويم النفس وتهذيب السلوك والتخلص من الخوف والقلق في كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية.
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
أوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved