الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 27th November,2006 العدد : 178

الأثنين 6 ,ذو القعدة 1427

من حقّهم أن نذكرهم ونشكرهم
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

بدأت الصحافة في المملكة بنشر تراجم لبعض الشخصيات الفاعلة في المجتمع وتعداد مآثرهم وذكر ما قدّموه من خدمات للمجتمع بدافع وطني، وكان من أقدم هذه الصحف جريدة البلاد السعودية فقد كانت خلال عام 1368هـ الموافق 1949م تنشر في الزاوية اليسرى من الصفحة الأولى زاوية بعنوان (في الميزان) بتوقيع رئيس التحرير عبدالله عريف يتناول الجوانب الإيجابية في حياة الشخصية المذكورة من خلال ترجمة لسيرته الذاتية، فنجد أن هذه الزاوية قد تناولت كثيراً من الشخصيات نذكر منهم: السيد إبراهيم النوري، محمد علي مغربي، محمد سعيد العامودي، محمد عمر توفيق، عبدالوهاب آشي، وغيرهم.
ونجد مجلة الأضواء تخصص زاوية بعنوان (شخصيات) وذلك أثناء صدورها عام 1377هـ- 1958م وقد ترجمت لشخصيات كثيرة منها: الشيخ عبدالله بحيري، السيد عبدالعزيز جميل، السيد عمر شمس، السيد أحمد صلاح جمجوم، السيد محمد سعيد العوضي، السيد محمد عبدالقادر محتسب، السيد عبدالمجيد الشبكشي، الدكتور حسن نصيف، السيد محمد إبراهيم مسعود، الشيخ يونس سلامة، أحمد محمد صالح باعشن، الشيخ عبدالرزاق هنداوي، الشيخ محمد نصيف، السيد محمد المرزوقي، الشيخ محمد الطويل، الأستاذ سعد البواردي وغيرهم.
كما نجد الشيخ عبدالقدوس الأنصاري يخصص عدداً ممتازاً من مجلته (المنهل) لشهر رجب 1386هـ - نوفمبر1966م يتناول السيرة الذاتية لأدباء المملكة وبعض رجالاتها من جميع المناطق.
وفي هذا الوقت أعادت بعض الصحف الاهتمام بالرواد واستضافتهم على صفحاتها من خلال ما يروونه من محطات مهمة في حياتهم أو ما يكتبه الآخرون عنهم. ولكن بعضهم مع الأسف لا يتذكر إلا بعد أن تزل به القدم ويغادر دنيانا الفانية.
نذكر من هذه الصحف ما يقوم به الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي في زاويته ب(عكاظ) في الفترة الراهنة بعنوان (تحية وبعد) وكذا ما تخصصه جريدتا (الرياض) و(الجزيرة) قبل عشرين عاماً من استضافة أو تخصيص ملف من عدة صفحات للحديث عن المحتفى به سواء ما يكتبه أو يقوله أو يكتب عنه ممن عاصره، وقد بدأت (المجلة الثقافية) ملحق جريدة (الجزيرة) تطالعنا مع كل إثنين منذ أربع سنوات وقد سنّت سنّة حميدة إذ احتفت بالرواد والبارزين وبالذات في المجال الثقافي، إذ خصصت ملفات لعشرات الأدباء والمثقفين من أبناء المملكة وغيرهم، حيث أشادت بشخصيات ثقافية لم تكن معروفة أو لم تشتهر لنأيها عن الأضواء وزهدها فيها وعلى سبيل المثال ما تم مؤخراً بالنسبة للعالم الموسوعي عبدالرحمن إبراهيم البطحي -رحمه الله-. صحيح أن هناك صحفاً أخرى أشادت به مثل جريدة (عكاظ) وجريدة (الاقتصادية) التي خصصت له صفحتين تحدث فيها الكثير من محبيه، ولكن (المجلة الثقافية) انفردت عن غيرها بما تذكر به وتشكر.
إذ شارك برثائه الكثير من أبناء المملكة من مختلف المناطق مثل : عبدالله مناع، عاشق الهذال، سعد البواردي، فيصل عبدالله القصيمي، محمد الدبيسي، عبدالله حسين العبد المحسن، عبدالكريم الجهيمان، محمد عبدالله السيف، اسماعيل السماعيل، علي بن سالم الصيخان، خالد حسين البياري وكل هؤلاء ليسوا من أهل عنيزة ومن مصر وأمريكا مثل البروفيسور (دونالد كول) من الجامعة الأمريكية بالقاهرة والبروفيسور صالح جواد الطعمة والبروفيسور برنارد هيكل من أمريكا فعندما اطلعت على هذا الملف تذكرت ما كان يتحلّى به أبناء هذا الوطن من الوفاء والتقدير والاحترام فتجدهم عندما تزل بأحدهم القدم يتنادون ويتكاتفون من أجل رفع غائلة ما وقع به صاحبهم، إذا كان يحتاج إلى دعم مادي جمعوا له، أو إذا تعرض لمرض أو لحادث أودى بحياته تجدهم لا يتركونه نسياً منسياً.. بل يذكرون محاسنه ويشكرون ما قدمه ويحنون على ما ترك من عائلة صغيرة ويتعهدونها برعايتهم تقديراً وعوناً منهم لهذا الذي شاركهم قساوة العيش وصعوبة الحياة، وبلفتة سريعة إلى صحافة الأفراد قبل ما يقرب من نصف قرن من الآن نجد جريدة (اليمامة) و(القصيم) و(البلاد) و(قريش) وغيرها تكتب عن الشاعر حمد الحجي وما تعرض له من مرض نفسي وتطالب بمدّ يد العون والمساندة له، فنجد القوائم تنشر بما يجود به البعض.
ثم تعاود المطالبة نفسها بعد دخوله مستشفى شهار وتتبنى المطالبة بتخصيص منزل له.
ولا ننسى الأستاذ علي أحمد حمود أبو طالب والذي تعرض لحادث سير أودى بحياته في 7- 11-1398هـ وهو أحد مؤسسي نادي جازان الأدبي وله نشاط صحفي، وقد تنادى الكثير من أدباء المملكة للإشادة به وتعداد مآثره رغم أنه لم يترك أثراً مطبوعاً يخلده. فهو مجرد موظف بسيط في شرطة جازان.
وقبل ذلك نجد من يذكر ويشكر ويشيد بالفقيد (علي الحمد العبداني) مدير مطابع الرياض وقتها والذي تعرض لحادث مروري بين المدينة وجدة في 20- 3-1379هـ فتوفي رحمه الله، فنجد الكثير من الأدباء والكتّاب ينعونه ويشيدون بدوره رغم أنه لم يترك أثراً مكتوباً لا شعراً ولا نثراً.
ولنذكر بعض أسماء من كتب عنه بعد وفاته. ففي العدد 190 من صحيفة (اليمامة) ليوم الأحد 2 ربيع الثاني 1379هـ، 4 أكتوبر 1959م. نجد في الصفحة الأولى ثلاث مقالات.
الأولى: (العصامي الذي افتقدناه) لسعد البواردي، والثانية: (إنسانيتنا تجاه الفقيد) لعبدالله بن إدريس، والثالثة: (الشاب الذي افتقدناه) لعبدالكريم الجهيمان.
وفي العدد نفسه نجد عبدالله ابن خميس يكتب في الصفحة العاشرة (مات العبداني) وفي العدد (193) من (اليمامة) نقرأ برقية جلالة الملك سعود الذي أمر بصرف راتب فقيد الصحافة علي العبداني من جيبه الخاص لورثته.
وفي جريدة (البلاد) نجد علي مهدي الشنواح يكتب من معهد الرياض العلمي في العدد (207) بتاريخ 4-4-1379هـ بعنوان (من قريب - الزميل الفقيد) وقبله في عدد 29-3-1379هـ يكتب عبدالعزيز الحداد (في ذمة الله)، وكانت الجريدة قد فصلت في خبر موسع تفاصيل الحادث المروري المؤسف فنجد في عدد يوم 21- 3-1379هـ (انقلاب سيارة في طريق المدينة ووفاة السائق ورفيقه.. واختتم الخبر بالقول: (... وقد عثر في جيب الشخص الذي توفي بالمستشفى على تذكرة طائرة مقطوعة من الرياض لجدة بتاريخ 14-3 باسم علي العبدلي - العبداني-. أما الشخص الآخر فمجهول الشخصية).
وفي العدد الذي يليه 22-3- 1379هـ من (البلاد) أيضاً نقرأ تفاصيل أوسع مع صورة الفقيد، ومقالاً بقلم السيد عبداللطيف المي بعنوان (حديث الساعة) يخصصه للحادث وما يلاقيه الصحفيون من حوادث وهم يؤدون عملهم.
وبعد سنوات قليلة يغيب الموت إعلامياً آخر هو (علي القرعاوي) الذي يتبنى موضوعه الكثير من الكتّاب والأدباء، ويجمعون ما كَتب وكُتب عنه بعد موته المفاجئ في نهاية عام 1386هـ فنجد محبيه يخلدون ذكراه بكتاب يصدر بعنوان (كفاح علي القرعاوي) ويشرف على تصحيحه وتبويبه وتنظيمه وتنسيقه الأستاذ القدير عبدالقدوس الأنصاري صاحب مجلة المنهل ورئيس تحريرها.
وقد طبع من هذه الكتاب عشرة آلاف نسخة تحمل تكاليف طباعتها مناصفة معالي الأستاذ عبدالله السعد وزير المواصلات سابقاً ومحمد حسين أصفهاني صاحب مطابع الأصفهاني بجدة ووزع الكتاب على نطاق واسع في المدارس وغيرها وجمع ريعه لصالح أسرته لإنقاذها من مأساتها الأليمة وقد شارك بالكتابة عنه كل من:
عبد القدوس الأنصاري، عبدالله السعد، عبدالله القنيعير، عثمان حافظ، محمد حسين زيدان، محمد صلاح الدين، هاشم عبده هاشم، سباعي أحمد عثمان، أحمد محمد محمود، سيف الدين عاشور، سليمان محمد العيسى، حسين بانبيلة، محمد الشدي.
وكان علي عبدالله القرعاوي قد عمل بعد وفاة والده عام 1372هـ نهاراً في الصحافة وانتسب للدراسة ليلاً، فقد عمل في صحيفة (المدينة) بجدة نهاراً ليطعم أمه وأخواته وزوجة أبيه الثانية بحصيلته من الراتب الشهري وفي الوقت نفسه يكتب بعض البرامج الإذاعية.
هذا النموذج بسيط لما كان وما زال يتحلى به الوسط الثقافي في بلادنا من صور للوفاء، تقديراً ومؤازرة لمن تزل قدمه أو يخونه الدهر حتى ولو لم يكن من المشاهير أو من يشار إليه بالبنان كما يقال فالعبداني والقرعاوي وأبو طالب ومثلهم البطحي لا أثر لهم مطبوع- تركوه ليخلد ذكرهم بعد رحيلهم ولكن مواقف زملائهم لهم تُذكر فتُشكر، أما أن يأتي من يشكك أو يقلل من قيمة وقدر أحد الرموز لمجرد أنه لا يعرفه ولم يجد له أثراً؛ فأمر لا يصح ولا يعقل.
فهل أجمع القوم على خطأ؟
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
أوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved