الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 27th November,2006 العدد : 178

الأثنين 6 ,ذو القعدة 1427

أكرهك
ميرا الكعبي
كم أكرهك وأتمنى أن أستيقظ في صباح لا تكون أنت فيه! كم أكرهك وأحب كرهي لك! على الرغم من أن وجودك في حياتي أهم حدث على الإطلاق. إنني أكرهك وأتمنى البعد عنك، لكنني أجدني في كرهي لك مشدودة إليك، كم أكرهك وأتمنى البعد عنك. كم أكرهك وأحب البهجة التي يبعثها وجودك في حياتي، كم أكرهك وأحب كرهي لك حتى الثمالة. أكرهك وأحب البهجة التي يمنحني إياها كرهي لك، وأعقد علاقة صداقة ما بين المحبة والكراهية. كنت أكرهك لكنني معك اكتشفت أني كنت منك أتعلم كيف أحب!.
أكرهك وأرددها على مسمعك في اليوم عشرات المرات، ربما لأنني أحاول أن أقنع بها نفسي. أكرهك وأجدني في بعدك أحنّ إليك، وأشتاق إلى بثّك كراهيتي لك. كم أعشق كراهيتي لك! كم تجعلني أحبك لأن معك صرت أجيد فن الكراهية، وأنا من قبلك ظننت أنني لا أعرف سوى الحب، معك اكتشفت للكراهية مفردات أخرى ومفردات أكثر روعة لم أكن أشعر بها من قبل.
أكرهك وأكره هذا التبلّد الذي تحيا به، وأتساءل: كيف لا زلت تحبني؟! كيف لا زلت تحب فتاة تكرهك؟! أكرهك وأتمنى من وجهك أن يمضي بعيداً عني. إنني أكرهك، وإني لأستمتع بكراهيتك وببغضك وبكل المواقف العدائية التي أقوم بها تجاهك. الكراهية هي مصيري الحتمي معك، فلماذا لا زلت هنا؟!
ارحل، اجمع سخافاتك قصائدك، واجمع عواطفك ومشاعرك وأحزانك، اجمعها وامنحها لأي عابر سبيل تقابله، أو فلتوزعها أمام باب مسجد ما كصدقة أو إحسان للفقراء! أرجوك اجمع حماقاتك وارحل بعيداً عني. تقول بأنك تحبني، لكنك لا تثير فيّ سوى الكراهية تجاهك، من أين لك هذا القلب لتعشق به نصف الكرة الأرضية؟! ولتثير به كراهية نصفها الآخر تجاهك؟!
أنا لا أحبك ولن أحبك فارحل عني، فكل محاولاتك البريئة في المحبة تذهب سدى. أنا لا أحبك، لكنني لأحب كرهي لك، وأستمتع بعدد المرات التي أجاهرك بهذه الكراهية، فلترحل عني.
اعشق كما تشاء، وأحبب من تشاء، لكنك عني فلترحل؛ لأنك عليّ أنا لن تقدر! وعلى محبتي لن تقدر، فارحل.
لا أحبك، وكأني أفتقد شيئاً عزيزاً في اليوم الذي لا أبوح لك بكراهيتي نحوك! كم أكرهك، وكم أود أن أتشظى كراهيةً وأوزع ما في قلبي نحوك من بغض على نصف الكرة الأرضية. كم أكرهك ولا أحبك ولن أحبك، وتظن أني سأحبك! هيهات.. هيهات، وأتمنى وأثمل من كأس التمني! كم أتمنى موتك من حياتي كي ترحل عني وعن كل الكوابيس الليلية التي أبصرك فيها، كم أتمنى أن أستيقظ ولا أجد لك وجوداً في حياتي، من أين دخلت؟ من أين قد أتيت؟ من أين؟
كم لا أحبك! وتظن أني سأحبك؟! سامحني لا أستطيع أن أحبك، لا أستطيع إلا أن أكرهك، حينما أتلفظ بكلمة أحبك تخرج باهتة.. تخرج بلا إيقاع موسيقي، على العكس من كلمة أكرهك، فحينما أبوح بها أشعر بها تخرج مع كل نبض.. مع كل وريد.. مع كل نفَس، أحس بها وبموسيقاها شيئاً عذباً في نفسي.
أكرهك وإني في اليوم الذي لا أراك فيه أشتاق إليك، أشتاق للحديث معك، وأبادرك بالاتصال كي أبوح لك بكم أني أكرهك، وإني في اليوم الذي لا أراك فيه أسعى إلى مخابرتك هاتفياً، كي أبوح لك بكل مشاعر الكراهية الموجودة في هذا الكون.
أكرهك وقدري هو أن أكرهك! مهما حاولت أن أحبك أكتشف سذاجتي؛ لأن قدري هو أن أكرهك حتى الأبد. أكرهك ليس لشيء سوى لأنه قدري معك أن أكرهك، فمن الغباء معاندة الأقدار، وصدّقني سأحبّ حتماً سأحب كثيراً في حياتي، سأحب كما أحببت، لكن مثل كراهيتي لك لم أكره أبداً! وإني سأحزن وسأبكي يوم فقدك؛ لأنني لم أجرب قبلك أبداً أن أكره شخصاً كما كرهتك.
تطلب مني المحبة؟ عليك أعلنت الكراهية حتى الموت، لا تلتمس العذر ولا الصفح سوى أنه قدري أن أكرهك، كم أكرهك! كم أكره حبك لي، وأشتاق إلى سماع كلمة (أحبك) منك كي أستدعي كل مشاعر الكراهية نحوك وأفجرها في وجهك. وأرجوك ودموع عيني تبكيك كي تبقى أطول.. كي أستمتع ببغضي لك أكثر!.
أكرهك وأتمنى لو يتسنّى لي أن أستمر في كراهيتك حتى آخر العمر؛ لأن وجودك في حياتي أجمل حدث على الإطلاق. تحبني؟ فلتحبني حتى الغد..! لكن معي لن تجد سوى الكراهية، أصبحت أعشق كرهي لك، أتعلم..؟ إنني كلما سرّحت شعري أمام المرآة أستمتع بترديد كلمة أكرهك بشتى الأشكال، وحينما أنام أراك في الأحلام بطلاً لكوابيسي! وتظن أنك ستصبح فارس أحلامي وبطلاً في حياتي؟! هيهات.. لكنك حقيقة لن تكون فارساً سوى في كوابيس الليل! فما أروعك من فارس!.
أنا لن أحبك، أنا لن أقبل بمحبتك، أنا لا أريدك، أنا لا أعشق سوى كراهيتي لك، فلماذا لا زلت تصرّ على محبتي؟ لكن فلتعلم أنك ستظل دوماً أروع وأجمل شخص كرهته في حياتي!.


Mira@alwatan.com.sa

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
أوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved