الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 27th December,2004 العدد : 89

الأثنين 15 ,ذو القعدة 1425

دعوة إلى الاهتمام بالدراسات اللغوية
عبدالله بن حمد الحقيل
عنى اللغويون والنحويون منذ القرن الأول الهجري بالاهتمام باللغة العربية وتعزيز دورها والكشف عن أسرارها وخصائصها لما للغة العربية من مكانة وجليل شأن. فلغتنا العربية مصدر فخرنا وموضع اعتزازنا، فهي لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة وتراثنا الثقافي الجليل. ومن هذا المنطلق يأتي الاهتمام إلى ضرورة العناية بفقه اللغة العربية والحرص على الدراسات اللغوية وأثر الاشتقاق والبحث والتعريف والترادف والتضاد في دلالة الألفاظ وثراء اللغة العربية وخصائصها الصوتية.
لقد عرفت اللغة العربية ألواناً مختلفة من التآليف والمصنفات اللغوية عبر تاريخها الطويل. ولقد اندفع الكثيرون من علماء اللغة في تدوين تراث اللغة العربية لحفظها وتباروا في فنون التأليف بجهود علمية كبيرة. فمن يطالع معاجم اللغة وحرصها على ترتيب الألفاظ، ومن يطالع كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي يجد القدرة اللغوية، وكذا (لسان العرب) لابن منظور و(القاموس المحيط) للفيروز ابادي و(الصحاح) للجوهري و(تاج العروس) لزبيدي يدرك الجهود العظيمة لأنواع التصنيف اللغوي. ولم يتوقف أسلافنا على ذلك بل بحثوا وطرقوا ميادين فلسفة اللغة وفقهها وأسرارها كما عمل أبو منصور الثعالبي في كتابه فقه اللغة وسر العربية. وانبرى الكثيرون من علماء اللغة يجمعون غرائب اللغة ونوادرها وشواهدها من أمثال أبي زيد الأنصاري في نوادره والأصمعي وقطرب وإضرابهم.
لقد خاض القدامى ميادين اللغة وصنفوا التآليف الضخمة و اشتغلوا بعلومها وآدابها وفقهها وأسرارها، تجلى ذلك في كتبهم عن أصول اللغة ككتب الثعالبي وابن جني وابن فارس والسيوطي، كما حذا حذوهم بعض المستشرقين الذين حرصوا على دراسة علوم اللغة والدراسات اللغوية وإشادتهم بالتنظيم المنطقي في بناء اللغة، والفضل ما شهدت به الأعداء. ان الاهتمام بالدراسات اللغوية واجب أبناء اللغة وعلمائها للنهوض بها والاهتمام بما ستتحق من خدمة وعمل في مجالاتها الواسعة والبحث المتواصل لبلوغ العربية مكانتها العالمية السامية والكشف عن أساليب العربية وطرائفها في وحدة التعبير وتأدية المعاني والعناية بلغة الضاد وبتراث العربية الخالد. إن علينا أن ندرك كل ما يتعلق بعلم اللغة ودلالاتها اللغوية وطرق تركيبها وقواعدها، ومدى سعتها اشتقاقا ومجازا وتنوعا، وما فيها من استفهام وتقرير ودقة تركيب، وما فيها من قدرة وطاقة في استيعاب اللغات والحضارات الأخرى. ولقد أمد القرآن الكريم اللغة بمزيد من العبارات والألفاظ ذات الدقة والتصوير البديع فكانت خير لغة حفلت واستوعبت هذا الكم والزخم من الكلمات والألفاظ والاتساق بين المعاني والألفاظ مما جعل عددا من علماء اللغات الأخرى يعبرون عن عجزهم ويذكرون أن في اللغة العربية من الموسيقى والجرس والاتساق اللفظي والإيقاع ما لا يمكن ترجمته إلى لغاتهم.
ولقد كان لأعلام اللغة الأوائل دور كبير في تأسيس النظريات اللغوية وبذلوا جهودا عظيمة وحققوا نتائج ممتازة في إرساء نظام من القواعد يتيح تفسير التعبيرات اللغوية الصوتية والأنماط التعبيرية وفهم الحقائق والخصائص، ومن يطالع كتاب (مقاييس اللغة) لابن فارس والتهذيب للأزهري والجمهرة لابن دريد والأساس للزمخشري والمفردات للراغب وفصيح ثعلب والألفاظ الكتابية للهمداني وفقه اللغة للثعالبي سيدرك قوة اللغة وسعة مفرداتها وإعجازها اللفظي والمعنوي وما تزخر به من نظام نحوي وأوزان صرفية ومن إعراب وبناء واشتقاق وحركات وسكون وقياس واشتقاق وغير ذلك من دقائق اللغة وأزاهيرها وخصائصها وفقهها وصيغها ودلالتها ومعاني المفردات والصيغ وغير ذلك مما هو مدون في المعاجم اللغوية ويدل على نضجها ومكانتها في نقل المعرفة والعلوم الإنسانية ومدى سعتها اشتقاقا ومجازا. ولقد مضى على نزول القرآن الكريم ما يزيد على أربعة عشر قرنا بادت خلاله لغات ولا زالت العربية تعيش بحيويتها وجمالها ورونقها وفصاحتها. فقد شاءت إرادة الله أن يختم رسالاته إلى خلقه بالقرآن الكريم مما زاد اللغة العربية خلودا وشرفا وتجددا في كل وقت وحين.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved