الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 27th December,2004 العدد : 89

الأثنين 15 ,ذو القعدة 1425

رسالة أحمد شوقي إلى فاروق شوشة
شعر: فؤاد بركات
بعد أن حضرتُ أمسية في معرض الكتاب.. وسمعت الأستاذ فاروق شوشة بإلقائه البديع.. يرسل رسالة إلى أحمد شوقي.. يخبره فيها عن رفض شعراء الحداثة للأوزان والقوافي.. بسبب الرتابة القديمة.. ولأن الدنيا تتجدد وعندما عدت إلى بيتي.. كان بانتظاري شيطان شعر أمير الشعراء.. وقد أملى عليّ هذه القصيدة رداً على الأستاذ شوشة.. قال أمير الشعراء:
فاروق يا راوي الأيام من شعري
خطابُك العذب أندى العشبَ في الصخر
البعضُ حيٌ.. ولا حيٌ يراسله(1)
وأنت تكتب لي حتى إلى القبر
أرسلتَ تخبرني عن خلقكم لغةً
للشعر مشبعةً بالفن والسحر
نصالُها في عمود الشعر يغرسها
من حرّرَ الشعرَ من وزنٍ ومن بحر
حتى القوافي رأوها حاجزاً سمجاً
يَحُدُّ من دفقة الإشعاع في الفكر
فالشعرُ أيُّ كلام.. كلُّ خاطرةٍ
تموج في الرأس.. نُلقيها على الحبر
وكلما ضاق مهمومٌ بزفرته
أو صاح من ضُره يا كاشفَ الضر
أو مالَ نحو طبيب الجلد يخبره
عن حكّةٍ.. صار فيكم شاعرَ العصر
لا تحسب الشعر يعلو النثر في شرف
قد شرَّفَ النثرَ آيُ الله في الذكر
نَهجُ البلاغةِ.. قسٌّ.. في فصاحته
وأكثمٌ(2) غُررٌ.. تبقي على الدهر
ما عَلّمَ اللهُ نَظْمَ الشعر مُرْسَلَهُ
لكنْ.. حديثُ رسولِ اللهِ.. كالدر
الفكرُ ماسٌ.. ويغدو حين ننظمه
عِقْداً تُعلِّقهُ الحسناءُ في النحر
مكثفٌ.. مثلما خبأتَ متئداً
حقلاً من الزهر في قارورة العطر
وشاعرٌ كلُّ من تكويه فكرتُه
إنَّ البخور.. يبوحُ الطيبَ في الجمر
مَنْ نحن.. لولا زهير قام ينصحنا
أو لم نذق حسرةَ الخنساء في صخر
ولم ننل من أبي تمامِ نشوتنا
وما أفاق أبو نوّاسَ من سحر
لا بحتريّ إلى الإيوان يُدخلنا
أو منبجيٌّ(3) يناجي الورقَ في الأسر
نسمو مع المتنبي اعتلى قمماً
الغصنُ للطير.. والعلياءُ للصقر
فاروقُ.. من للقوافي حين نهجرها
والشعر كالمهر.. إن قيدته يجري(4)
ما جدد العطرَ كسرٌ في زجاجته
بل إن نلونَ ما نجنيه من زهر
الشعرُ صنعةُ من عانى ليسعدَنا
وكابدَ الليلَ في جَهدٍ وفي صبر
وقام في غده.. بالفنِّ يُمتعُنا
والنقشُ يُظهرُ كم عانيتَ في الحَفر
قد حرروا الشعرَ من وزنٍ وقافيةٍ
ووصمةٌ أن يُسمّى الفنُّ بالحُر
ما حرروا الطبَّ من تعقيم آلته
ولا المهندس مستغنٍ عن الجبر
إن القيودَ مطايا مَنْ يُطوعُها
وتترك الهاويَ المسكينَ في خُسر
ودون وزنٍ له.. يعلو.. وقافيةٍ
يظلُّ في النثر ما يدعونَ بالشعر
إن الرتابة إيقاعٌ يرافقنا
ما دام يُسمع نبضُ القلب في الصدر
والشعر كالرقص، والإيقاعُ يُسعفنا
في نقرة الحزن أو في دبكة(5) النصر
فاسحبْ نصالكَ إنَّ الشعرَ ما رفعوا
عموده.. فوق أبراج من السحر
حفيدُ شوقي.. فزدْ في زهر روضته
ومرتعُ الشعر مثلُ النيل في مصر

القاهرة.. الخميس 2811999م

(1) إشارة إلى الشاعر اللبناني جوزيف حرب.. وقصيدته (لماذا لم يراسلني أحد) التي قرأها في نفس الأمسية.
(2) كتاب جمع خطب الإمام علي، قس بن ساعدة الايادي أسقف نجران، أكثم بن صيفي خطيب العرب.
(3) أبو فراس الحمداني أمير منبج وشاعر الروميات.
(4) يقول أبو تمام (الأفكار مثل مهر السباق.. كلما قيدته ازداد سرعة
إذا ما قيدت رتكت وليست
إذا ما أطلقت ذات انطلاق)
رتكت: أسرعت
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved