الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th February,2005 العدد : 95

الأثنين 19 ,محرم 1426

تعقيباً على موضوع ابن حسين وحمد الحجي
الأحكام النقدية ليست توقيفية
حمد الحجي، شاعر بائس لا شاعر متبائس، تحمل كلماته الألم، وتوحي عباراته بالمعاناة، المعاناة الصادرة من أعماق الفؤاد، تؤججها أحداث حياته الصعبة، فيتقد شعره في قلبه، ليشتعل لهيباً في قلوب المتلقين، متأثرة له الأسماع، منفعلة معه القلوب، وكما قيل: ما خرج من القلب وقر في القلب، ذلك الشاعر صار في فترة من الفترات قضية النقاد وشغلهم الشاغل، وكان مادة دسمة لكل من أراد الحديث عن الشعر الصادق، والعاطفة المتوقدة.
وطبعي من شاعر هذه صفاته أن يثير التساؤلات، وأن يطرح العديد من الاستفهامات، وان يختلف حول تفسير شعره النقاد، وتقييم مادته الكتاب، كل بحسب ما يراه، ومن خلال نظرته للشعر وتقييمه للشاعرية، فالأحكام النقدية ليست توقيفية، بل إنها خاضعة للذوق وقابلة للاجتهاد، ولكن عندما يحيف القلم، وتتبع الزلات ينبغي الوقوف والرد دفاعاً عن الحق، وتوضيحاً للصواب.
وقد قرأت المقال الذي كتبه الحميدي بن عبد الله المطيري في جريدة (الجزيرة) يوم الثلاثاء العدد 11814 وتاريخ 22121425هـ، وفيه يرى مبالغة الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين في تقييم حمد الحجي مطالبا بالموضوعية والبعد عن الذاتية، وانه ليتملكني العجب من ترديد هذه الكلمة في مقاله مع انعدامها فيما يكتبه، فهو يقتص الإجمال الذي ورد في كتاب الدكتور ابن حسين (الشاعر حمد الحجي)، وينسى أو يتناسى التفصيل الذي شرح به المؤلف أسباب تفضيله حمد الحجي على الشابي، فيقوم الكاتب بالاستشهاد بقول المؤلف: (لم أر له نظيراً في شعراء العربية سوى طرفة بن العبد على رغم الفوارق البيئية منها والاجتماعية بين الشاعرين، أما الشابي فلم يبلغ شعره من الفحولة والتجويد هذا المبلغ الذي بلغه شاعرنا هذا (1)، ويلي هذا الاستشهاد يعرض سؤاله الذي طرحه على المؤلف في إحدى محاضراته، وإجابة المحاضر، ويتجاهل الموازنة الموضوعية الطويلة التي بيَّن فيها المؤلف أوجه الاتفاق بين الشاعرين، وأوجه المفارقة، وأسباب التفضيل.
وهنا أقول: إن كان الكاتب قد قرأ هذه الموازنة فتلك مصيبة، أما إذا لم يقرأها فالمصيبة أعظم وأجل، فقد كانت الموازنة في حدود خمس عشرة صفحة، ذكر فيها خمسة أوجه يتفق الشاعران فيها، وستة أوجه يختلفان فيها (2).
إن هذه الموازنة الدقيقة في الكتاب تقول لكاتب المقال: أين الموضوعية؟!! هل الموضوعية في تجاهل الموازنة الدقيقة؟ وتقديم الجمل المجملة للقراء، وتفسيرها والاستنتاج من خلالها.
وينتقل الكاتب إلى عرض السؤال الذي طرحه على الدكتور ابن حسين في إحدى محاضراته، وعرض إجابته ثم يتساءل: (ألم يقرأ ابن حسين ديوان حمد الحجي..)؟ ثم يقول: (الدكتور يعلم بهذا..)، فالكاتب يعلم أن ابن حسين عالم بأن لحمد الحجي قصيدتين في الشعر الحر، لكنه يجهل أن قصيدة أو قصيدتين في ديوان الشاعر لا تحدد نهجه، ولا تدل على منهجه وبغض النظر عن رأيي في كون المحافظة على الوزن أساساً للتفضيل فالشاعر حمد الحجي يصنف محافظا على الوزن حتى مع وجود قصيدتين من الشعر الحر.
ثم يلحظ أن الكاتب يبحث عن أي شيء للدكتور ابن حسين ظاهره الخطأ دون أن يعمل عقله ولو قليلا، ويحاول أن يعرف مراد الدكتور فيما يقول: فمرة ينقل ترجمة حمد الحجي من كتاب ابن حسين وكيف تم نقله من كلية الشريعة إلى كلية اللغة العربية وأسباب ذلك النقل وكيفيته ثم يعلق: (وهذه مخالفة صارخة للنظام، فكيف يحول الحجي من كلية الشريعة إلى كلية اللغة العربية على نفس السنة الدراسية دون دراسة المقررات الدراسية السابقة في الكلية المنتقل إليها) وهنا أتساءل: هل هذا المقال كتب لنقد غلو ابن حسين في حمد الحجي، أم هو نقد للرياسة العامة للكليات والمعاهد، وكيف يؤخذ على المؤلف نقله للمعلومة التاريخية؟!! أم أن الأمر محاولة للبحث عن مواطن يمكن أن تؤخذ على المؤلف، والتباهي بذكرها دون نشدان الحقيقة، ومعرفة من المنقود فيها؟!!!
ومرة أخرى ينقل نقل الدكتور ابن حسين في كثرة قراءة حمد الحجي بقوله: (حتى اعتبر البعض ذلك أحد الأسباب التي شحنت صوره بالوساوس والأوهام) ويُلزم ابن حسين رأي البعض وأرجو التدقيق في كلمة البعض فيقول: (وهذه تهمة للقراءة القراء تفتقر إلى الموضوعية العلمية..) وهل الموضوعية أن لا تذكر رأي المؤلف، وتثبت ما نقله وتأخذ على المؤلف رأي غيره، إن المؤلف قال في الصفحة نفسها: (وكان الحجي شفاه الله من أولئك الشباب الطامح إلى بلوغ ذرا المعرفة، واستجلاء معالم الفكر الإنساني التالد والطريف، غير انه امتاز من بينهم بالفهم العظيم..) (3).. وأما الكاتب فقد ترك رأي المؤلف الصريح، ونقل ما نقله المؤلف من رأي البعض في أسباب إصابة حمد الحجي، فينقله ويجعله مأخذا على المؤلف ويطالب المؤلف بالموضوعية!!!
ومادام الأمر في موضوع حمد الحجي أحب أن انبه القارئ الكريم إلى جهود ابن حسين في جمع ودراسة إبداع حمد الحجي في حياته أيام إصابته بالمرض وبعد وفاته رحمه الله حتى أن حمد الحجي كان يحفظ هذا الوفاء للدكتور ابن حسين عندما سئل السؤال التالي: الدكتور ابن حسين أثنى عليك وقال عنك الشيء الكثير في الإذاعة والصحف بل ألقى أكثر من محاضرة. فأجاب الحجي: إنه الوفاء (4).
***
(1) الشاعر حمد الحجي ص7.
(2) الشاعر حمد الحجي ص32 إلى 49
(3) الشاعر حمد الحجي ص14
(4) جريدة الجزيرة. الجمعة 92 1408هـ العدد 5482 زاوية ضيف الجزيرة.


عمر بن عبد العزيز الفهيد
Omar9999_@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved