الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th March,2005 العدد : 99

الأثنين 18 ,صفر 1426

(أبو عصام).. متى يكتب سيرته الثقافية؟
عبد الرحمن المعمر *
فاجأتني الدعوة ولم أفاجأ بالفكرة. أقول فاجأتني من حيث الوقت وانشغال البال فالرجل يستحق أكثر من مقال ولكني لا أحسن السرعة والارتجال خاصة إذا كانت الكتابة تحتاج إلى تأمل واستدعاء ذكريات سلفت وتذكر أيام خلت. أكتب هذه المقدمة لأخرج بعذر من التقصير بحق الرجل الكبير الذي نحتفل اليوم بذكر شيء من مزاياه وبعض من سجاياه. كم كنت أتمنى لو استطيع أن أسهم بأكثر من هذا. لكن أن تقول بعض الشيء خير من ألا تأتي بشيء.
عرفت الشيخ عبد العزيز أو (أبو عصام) كما يحب أن ينادى هكذا بلا ألقاب فالرجل واثق من نفسه، أقول عرفته عبر معرفتي وصلة عائلتي وأسرتي بالعم عبد الرحمن بن محمد الطويل (رحمه الله) وأبنائه عبد المحسن وعبد الله. أيام كان يعمل بمكتب وزير المعارف الأمير فهد بن عبد العزيز في أواخر السبعينيات الهجرية كان (أبو عصام) كما هو الآن متوازن الشخصية محباً للأدب مقبلا على مطالعة الكتب يألف الناس ويألفونه يحب صلة الرحم والتواصل مع قدامى الأصدقاء ولا يزال لم تغيره الأيام رغم ترقيه في سلم الأعمال وعالم المناصب، وهكذا الكبار والأخيار.
* فيه من الرفق وعدم التعجل ومن الترفق والتأمل ما يجعله يصيب في الرؤية ولا تطيش عنده الكفة، وفيه من الخصال الحميدة الكثير مثل المحافظة على السجايا الاجتماعية والتقاليد الحسنة والواجبات الأخوية والعائلية؛ مما يجعل مجال القول ذا سعة لمن أراد.
* كان يجل الأديب الكبير الفقيد عبد العزيز الرفاعي يعرف له مكانته ويحفظ مودته يأنس ويحرص على حضور مجلسه الاسبوعي، يشارك وهو مسرور ويتحدث وجبينه منطلق وأساريره منشرحة. فليته يكتب عن ذكرياته مع أساطين البيان وأعلام الفكر الذين عرفهم، وما أكثرهم وأعظمهم. كيف وقد رثى بعضهم مما يدل على عمق صلته بهم.
* يقرأ الكتب بدقة وانتظام، ويكتب في الصحف والمجلات بترتيب والتزام رغم مشاغله الكبيرة وارتباطاته الكثيرة، وهذا توفيق من الله واعانة وإلا فهناك الكثير ممن ليس لديهم بعض مشاغله وارتباطاته وإذا دعي للمشاركات الثقافية أو الاسهامات الاجتماعية تعذر وتعثر وماطل وسوّف {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيمٍ} الاستدلال بالشواهد والشوارد من حكم وشعر وأمثال يجمل بها الحديث ويزين المقال وهذا عنوان على حسن الاختيار لما يقرأ وسعة الاطلاع والاحاطة وعدم التخبط والعشوائية كما نشاهد في كلام البعض إذا تحدث أو كتابته إذا خربش.
كلام أكثر من تلقى ومنظره
مما يشق على الآذان والحدق
* (أبو عصام) هكذا يحب أن يخاطب يعجبه المثل القائل (نعم المعين للرجل الجواب الحاضر) فتراه يرويه ويستحسنه، سمعت منه الكثير ونسيت الآن الأكثر من ذلك أن صوت الامام في الحرم المكي الشريف كان لا يسمع إلا بصعوبة، وقد نوقشت في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله مسألة الاستعانة بمكبرات الصوت. وكما في كل زمان يظهر بعض الشواذ ممن يدعي الفهم والعلم والاعتراض على كل شيء فلم يعجبه الاستعانة بالمكبر وصار يحرم ويجّرم ويشوش ويهوش، وانتهز الملك عبد العزيز فرصة كان فيها هذا الرجل حاضرا ويضع نظارة طبية فسأله (وراك اليوم حاط مناظر على وجهك) فقال: تكبر الحروف طال عمرك، فرد عليه الملك عبد العزيز فوراً: والميكرفون يكبر الصوت، فبهت الذي اعترض.. ما أحوجنا اليوم إلى القوي الأمين.
* كان يحب نوادر الملك عبد العزيز وقصصه التي تدل على حسن تصرف واقتدار على اختيار العاملين ودقة في ادارة الأمور، روى لنا وكنا في مجمع فيه بعض المخضرمين أنه في أول تبادل دبلوماسي مع ايران طلب من المملكة تسمية ممثل لها في طهران فاستشار كعادته وطلب ترشيحات، فعرضت عليه أسماء عدة شخصيات فأخذها وصار يتأملها بدقة ويقرأها ويستعيد القراءة بعناية، ثم أشار إلى واحد منها ونص عليه، فأعجب اختياره من حوله لدقته واصابته، فقال لهم: لقد اخترت رجلا اسمه حمزة غوث من بيت معروف من أهل المدينة ومن المشتغلين بقضايا المسلمين. رحم الله أبو تركي.
* يتميز بالاعتدال والتوازن في أكثر أموره اليومية وجل تعاملاته الحياتية فلا يسرف في ميل وحب ولا يجحف في حيف وبغض وهذا دليل فضل ورجحان عقل.
* كان والدي رحمه الله يجل (أبو عصام) ويحتفي به كثيرا، وكنت وإخواني نُسر إذا حضر، ننصت إذا تحدث، نعجب من مخزونه الثقافي ووعيه الاجتماعي ومعرفته بحقائق الحياة وتعمقه وإحاطته بأحوال المجتمع والناس وما يأملون وكيف يفكرون ويعيشون.
* كثيراً ما رأيته وشاهدته يوم كان بوزارة الداخلية يستقبل كبار المسؤولين والمواطنين والمراجعين بمكتبه فيزن القادم قبل أن يصل ويوازن مكانته بعد أن يسلم ليحقق المعنى المقصود (أنزلوا الناس منازلهم) كل حسب قدره ومستواه لا يترك ذلك للفوضى والتسيب ولا للمصادقة بعد المصافحة كما هو مشاهد الآن في أكثر المجالس والدواوين. مع الأسف.
* وهكذا يا أعزاء لم استطع إلا المشاركة ولو بمقتضبات عنه واشارات بقيت في الذاكرة فيها وصف لبعض طباعه وتوصيف لبعض فضائله أريد من سياقها أن يعرف شبابنا شيئا عن شيوخنا.
* لم أعمل مع الشيخ عبد العزيز في دائرة حكومية ولم أصحبه في سفر ولم أجاوره في حي لكني سعدتُ بمعرفته من قديم وسمعت منه الكم الكثير من النوادر الحكيمة والحكايات المفيدة التي تدل على ذاكرة حافظة وعقلية واعية فليته يتصدى لتدوين بعض منها وإن كانت ترد أحيانا في ثنايا كتاباته وبعض مقالاته.. هذه أمنية الكثير من عارفي فضله.
وبعد، هذا مقال كتبته على استعجال رغبة في المشاركة عن رجل الدولة الأديب المتأدب والعاقل المتعقل الشيخ عبد العزيز السالم (أبو عصام)، والسلام.


* الطائف من عصبة الأدباء

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved