الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th March,2005 العدد : 99

الأثنين 18 ,صفر 1426

سيدة الحزن
عبد العزيز حمد الجطيلي*

قالت: سيدي قلبك الجريح أسعدني كثيراً...!!
يئن ألماً طيلة ساعات الليل وعندما يذوب وتر الظل يعزف على ربابة الليل الأبيض ألماً صامتاً!! قلت لها: (سيدتي.. أما يشجيك أنيني.. أما مللت إصغائك لثرثرة صمتي!! سيدتي.. أما تعلم قلبك كيف يشفق على خاطر تائه وشريد؟
قالت: قد أكون قاسية عليك حين أطرب لأنينك وأشد قسوة حين أكون أنا ليلي وهديل حمامة حنينك قيسي.. يا سيدي كوميديا جرحك.. حين تضحكني تبكيني!!
قلت لها: سيدتي أنت تعيشين قصة حب كبير مع ألمي تسعدك لكنه الضحك الباكي. ليتك تتأملين عالمك الخاص.. كتاب آخر هو غير كتابي ففي حديقة منزلك يتفتح الورد ويرقص أمام ناظريك كل صباح. وإشراق الشمس على ستائر غرفتك وإغفاءة عينيك تسعدك.. وفي ذاكرة (هاتفك المحمول) طرائف من صديقتك المرحة تسعدك.. أشياؤك الصغيرة في حقيبة يدك (قارورة العطر الفرنسي.. قلم الكحل الأسود.. المرآة الصغيرة.. ودفتر أرقام وعناوين أبواب أحبابك الإلكترونية..) كلها رغم بساطتها تشغل حيزاً من اهتماماتك التي تريحك ودولاب ملابسك الملونة بكل ألوان الدفء والربيع هي أجمل من قلب عار يتسكع في طرق الشتاء وقد تلون بالصقيع.
آه سيدتي.. كم هو رائع عالمك.. حتى حين تستمعين في ضجيج (مطبخك) للرائعة نجاة الصغيرة وهي تغني (ارجع إليَّ) ترددين معها وتنسين كل مفردة للذهاب.
لم سيدتي.. تعشقين من خلالي الرثاء!!؟
لم سيدتي.. في نزيف قلبي تجدي التئام جرحك؟
لم سيدتي.. لم سيدتي.. لم..؟
صمتت.. فتبسمت.. ثم بكت سيدتي، وقالت:
أنا من خلال محبرة أيامك أتأمل المعاني الرائعة لإنسان أحب كثيراً.. وحلم دون أن تغفو عنياه.. سيدي حروف الهجاء.. أ.. ب.. ت.. ث.. ثمان وعشرون حرفاً ننسج منها للإنسان ألف رواية وقصيدة وحكاية.. لا تظن أن أشيائي الصغيرة هي عشقي.. أنا أعشق إبداعك.. أناقة جرحك.. إنه الألم الجميل ومعك رغيف الحرمان أشهى ما أحب!!
قلت لها: سيدتي عجباً كيف يألف الإنسان وحشة إنسان ووحدته واغترابه وصمته؟ قالت: أجل سيدي أنا سوف أجيبك من خلال سر ألفتي.. الذي يشبه المنامات الجميلة!!
أنا عندما أقف حائرة أمام لوحة فنان رسم أعماقه داخل إطارها.. أجد أنني جزء من هذه اللوحة لأنها تشبهني.. وأنا أتخيل نفسي أنني جزء من كل لوحة رسمتها أنت.. من كل حرف كتبته أنت.. فرغم الألم والشجن الكبير الذي أشعر به حين أقرأ لك إلا أني أشعر بفرح خاص وممتع لأن السعادة عندي هي أن استنطق أنا جرحي وأحرر نهر دمع عيني من قيد كبريائي.. وكلما أبكيتني باح مكنون نفسي بكل شجن.. حتى جرحك أنت بات جرحي أحبه حين يغني وأشفق عليك منه.. ليتني أخفف عنك لأن بالنسبة لي لست كأي إنسان.. ولكن عازف الصمت ترى هل نسيت.
قلت لها.. يا سيدة الشجن الوفي نسيت ماذا؟
قولي.. فذاكرتي قارة من المعاني والشجون!!
قالت: ألم تكتب ذات يوم (أروع ما في شوارد نفسي إنها حين تضيع مني تنقلني إليك) أم أن البحر لم يعد هو البحر وصار السفر من الضياع للضياع.
قلت لها: يا سيدة الحزن.. ما أقوى ذاكرة ألفتك.. ليتني أهديتك العطر لا الحبر والدموع.. لكن ما حيلتي إنها قصتي مع الأيام.
قطرة الوداع:
(أنت شمس أمسي التي لم تغب فما بعدك غد).


* عنيزة

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved