|
ورحل الناقد العملاق
|
مَن رحل من رجال الفكر والأدب في العالم العربي كثيرون وخلفوا ما خلفوا من التركة الأدبية والميراث العلمي الشيء الذي يشكرون عليه، ولكن ليس الكل كالدكتور شوقي ضيف، أو أن رحيله كرحيل هذا الأديب الناقد العملاق الفذ. فهذا الرجل الكبير يعد موسوعة أدبية وثقافية وعلمية ضخمة لكثرة ما قدم من العطاء الذي لو حسب بالأرقام لفاقت مؤلفاته السبعين مؤلفاً في شتى ميادين الثقافة والأدب كما يقول تلميذه الناقد والأديب الكبير جابر عصفور.
نعم هذا الرجل كانت حياته التي بدأت في 13 يناير 1910م كلها استثماراً للوقت وخدمة للأدب العربي، ولهذا منذ بدايته العلمية ترقى وتربع على كراسي الثقافة والمعرفة إلى أن وصل إلى رئاسة المجمع اللغوي في القاهرة في عام 1966م وحتى رحيله. وعلى هذا وذاك يعدُّ الراحل من التلاميذ الكبار والبارزين لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي أشرف على كتابيه (الفن ومذاهبه في الشعر العربي) و(الفن ومذاهبه في النثر العربي) اللذين يعدان من أبرز مؤلفاته. كما أن من مؤلفاته البارزة أيضاً سلسلة في الأدب العربي وعصوره (العصر الجاهلي) و(العصر الإسلامي) و(العصر العباسي الأول والثاني) وغيرها. فمن ضمن آرائه الأدبية التي سجَّلها في كتابه العصر الجاهلي أن كلمة (أدب) في العصر الجاهلي لم تطلق على الكلام الإنشائي البليغ الذي يتبادر إلى أذهاننا اليوم، إنما استخدم لفظ (آدب) بمعنى الداعي إلى الطعام، ثم في عصر المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى لسانه صلى الله عليه وسلم استخدمت بمعنى تهذيبي خلقي. ثم يقول: وربما استخدمت في العصر الجاهلي بنفس المعنى الخلقي لكن لم تصلني نصوص تؤيد ذلك. وفي نفس الكتاب يطرح رأياً آخر من آرائه وهو مسألة انتحال الشعر الجاهلي، ويتصادم فيها إلى حد ما مع أستاذه الدكتور طه حسين ويقول: إنه بالغ في مسألة القول بأن أغلب الشعر الجاهلي موضوع ومنتحل.
فمن هنا نعرف تمكن هذا الرجل ومعرفته واطلاعه الواسع وتعمقه في كل أجزاء وموضوعات الأدب العربي أدباً شعراً ونثراً بلاغة ومذاهب أدبية.
ويكفينا شرفاً أننا من تلامذته ولو بطريق غير مباشر، حيث تتلمذنا عند أحد تلامذته الدكتور عبد الرزاق حسين. فرحم الله هذا العملاق الكبير، ونتطلع إلى بقية أدباء العرب أن يكونوا مثالاً يحتذى بجهوده وفكره كهذا الراحل الكبير.
جهاد مبارك الأحساء
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
