وميض العروض الفردية للمبتدئين عبد الرحمن السليمان
|
في ظل الأنشطة المتواصلة التي تشهدها الساحة التشكيلية في المملكة ظهرت خلال الفترة الأخيرة معارض شخصية لبعض المبتدئين والمبتدئات أكثر ما يلفت فيها المستوى المتواضع للأعمال المقدمة بحيث إنها لا تتعدى مستويات ابتدائية لا تحمل أية قيمة فنية أو فكرية، فهي ليست أكثر من ملاحقة وتقليد لأفكار وأعمال مطروحة أو لرسم مناظر بعضها مأخوذ من بيئات بعيدة، نرى مثل تلك المناظر في صور التقاويم السنوية أو لدى بعض رسامي الأسواق، أو غير ذلك من المصادر التي يسعى البعض للاختيار منها خاصة الكتب المصورة لبعض المناطق والأرياف المحلية والتي يبرز فيها المشهد التراثي والشعبي من ناحية المعمار أو المظاهر التقليدية أو المزارع، والواقع أن مثل هذه المحاولات الأولية شكل طبيعي في ظل اجتهادات شخصية غير موجهة في معظم الأحيان وليس لديها ما يؤهلها لدخول الساحة التشكيلية سوى تشجيع الأهل والزملاء أو الزميلات في المدرسة إضافة إلى المعلمين أو المعلمات في بعض الأحيان. واجهتني مثل هذه الإشكالية أثناء تنظيم بعض المعارض الجماعية التي ترى فيها بعض الأخوات ان مستواهن رائع وكبير بشهادة المعلمات أو الصديقات أو غيرهن، وهو ما ينطبق على معظم الاخوة الناشئين، فالآراء الجادة تؤخذ بحساسية شديدة خاصة مع من يجدون تفاؤلاً كبيراً بأعمالهم من حيث انهم يرون الساحة تستوعب كل النتاج الذي يطلق عليه (الفني) إضافة إلى إطلاق اسم (فنان) على كل من يقدم أعماله لأي معرض سواء المعرض للمبتدئين أو الناشئين أو لغيرهم، والإشكال يتعدى عندما تختلط المستويات والتجارب والأعمال في معرض واحد أما الأعذار فغير مقبولة وهي غالباً مبررة أو تتجه للتشجيع والاحتكاك، وهو ما نراه في كثير من المعارض الجماعية الرسمية أحياناً والتجارية أحياناً أخرى. فقد دأبت بعض الصالات على تنظيم معارض مختلطة ومتباينة المستوى.
أمامي العديد من أدلة المعارض التي تحاكي هذا الواقع ولا تقدم سوى نوع من الجهل، جهل بعض المنظمين الذين تعميهم المادة أحياناً عن أي شيء وأحياناً الكسب الإعلامي. الشكل الطبيعي لهذه المواهب المشاركة في العروض الجماعية أو ضمن عدد محدد، لكن البعض يشعر أن بمقدوره إقامة ما هو أكبر من مشاركة جماعية إلى إقامة عرض شخصي وبالطبع يتكفل أو تتكفل بكل نفقاته ولوازمه، هذا عدا المتابعة الإعلامية التي تمنح المعرض جواز العبور إلى الساحة وإلى الناس الأقرباء في البداية ثم الأبعد، بالتالي فإن مثل أولئك يستغلون الجمهور من حيث يعلمون أو لا يعلمون لأن الركض خلف الانتشار هو الهدف الأهم وهو أحياناً القياس الذي يمكن به تحقيق الرضا الشخصي وبالتالي التوهم بنجاح المعرض. ربما البعض يكتفي بمعرض أو بأكثر من مشاركة جماعية، بعدها يحصل نوع من التوقف الذي قد يطول ومعه تنفصل العلاقة بالساحة، وأحياناً وهذا نادر تكون المشاركة ونتائجها بمثابة الحافز الذي يتواصل معه الهاوي أو الهاوية مع الفن بالتعلم والاستزادة والمعرفة المتنوعة في جوانب الفن وثقافته. لم أرد من هذا بث نوع من الإحباط للمجتهدين من الجنسين لكني أرى أن المعارض الفردية خلال الأعوام الأولى من الممارسة الفنية يكون من الصعب معها تحقيق نتيجة مأمولة وسعيدة لأن الأهم هو أن يتحقق لنا ما هو أكبر من إقامة المعرض بأن نسعى لامتلاك الجوانب الفنية في عملنا بدل أن نحيل المعرض إلى تعبير بسيط وساذج يفتقر لبديهيات العمل الفني وأساسياته.
تبقى العروض الشخصية هامة عندما نحرص على أن تمثل فهمنا الفني وقدراتنا على تقديم جديد يضيف للساحة التشكيلية المحلية إنجازاً إبداعياً مواكباً، ومعه أيضا لا يمكن الاكتمال، والتجربة في سنيها الأولى، فلابد من بعض الهنات لكنها من المفترض ألا تتجاوز إلى البديهيات التي يمكن أن يقوم عليها المعرض.
aalsoliman@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|