أعراف
رسائل إلى أمريكا LETTERS TO AMERICA
إلى أمريكي (3)
محمد جبر الحربي
|
صدّقْ أنني لا أكره بياضك
إنني أكره البيت الأبيض هذا الذي يُسمونه:
وكرَ العقارب والأفاعي
بينما يسميه أهلي هنا، في بلاد الشمس:
البيت الأسود
البيت الأسْوَد الأسود.
كما أنني لا أكره المال
ولكنني أكره رأس المال
وأرجوك لا تتعجل.
فلست شيوعياً، لست أحمراً أيها الأبيض!
فأنا أكره أنّى جاء
من اليمين أو من اليسار
من نيويورك أم من بطرسبرج
أكره أصوله وتفريعاته
من ماركس حتى الليبريّة الجديدة
ومن أول إقطاعي حتى آخر مستعمر نهم في ردهات البنتاجون، ومخابىء السي. آي. اي، وصالونات واشنطن وحاناتها.
وكن متأكداً من أنني لا أكره التاريخ فمنه انحدرنا
من هناك.. من نبع آدم.. أما زلت تذكر؟!
ومشكلتي أنني أكره جشع الأقطاع، ونير الاستعمار،
وذلّ الاستعباد، ووحوش الإبادة
ومشكلتك أيها الأبيض في الشمال
أن تاريخك القصير، والقصير جداً
ممثل رسمي وبكفاءة لكل منها
وثق تماماً أنني لا أكره الجغرافيا
ولكنني أكره واشنطن، وعقول اليمين، واليمين المتطرف.
ولا تحاول إقناعي هنا
بأن العقول تاريخ لا جغرافيا!!
فالعقول جغرافيا حينما تكون فارغة جامدة.
احجام صغيرة تافهة
تجهز الأرض والأجْرَام لمزيد من المقابر الجماعية،
والموت المستطيل.
وهنا. تماماً هنا
لا تحدّثني عن الحرية والحلم
فأنا لا أكره الحرية،
ولكنني أكره عبوديتك الآسرة.
وحلمك الأمريكي حينما يصبح كابوس العالم،
ولربما كنت أمّياً
ولكنني لا أكره العِلْم
أنا أكره كيمياء الظلام والإشعاع
وفيزياء الموت والدمار
وبيولوجيا الرعب الذي تعرف ولا تعرف.
ورياضيات الرؤوس النووية العابرة للقارات
واقتصاديات وول ستريت، والتجارة العالمية، وصندوق النقد.
وسياسات العولمة الظالمة.
وأخيراً أيها الأبيض
أنا لم آتِ هذه الدنيا كارها
فقلبي أبيض من ثلوج «آسبِن»، وأنقى من قمم الروكي.
لقد تعلمته في مدرسة حضارتك
وأولادي سيرضعون من حليب كراهيتك
لأنك لم تغرس شجرة حب واحدة في هذا العالم
ففلاحو بيتك الأبيض لم يزرعوا إلا شجر الدّم والنار والحديد، وحنظل الخطايا.
فما تراهم يحصدون؟!
ما تراك تحصد أيها الأبيض من عَفَنِ السّاسة وسواد الحروب؟!
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
