الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 28th June,2004 العدد : 65

الأثنين 10 ,جمادى الاولى 1425

المرأة والسياسة (5)
سهام القحطاني

بلا شك أننا لا نستطيع تجاوز الحركات النسوية، ونحن نتحدث عن حقوق المرأة عامة، والسياسية خاصة، والحديث عن تلك الحركات لا يشترط الإيمان بمواثيقها، بقدر ما يلزم الدوران معها لتحليلها، خاصة في بلد مثل السعودية يفتقد الحركات النسوية واتحاداتها والمجالس القومية النسائية.
رتب النص المقدس العلاقة بين المرأة والرجل وفق ثنائية (تاويّة) تقوم على انسجام وتكامل بين الطرفين في تحقيق الاستخلاف وفق تناسبية المتوازن الدنيوي والأخروي، وغياب ذلك التوازن عن التجربة الماضوية والحاضرة، لا ينفي فقدان النص، إنما يعني جهالة التأويل للنص، وهذه مسلمة أولية علينا أن نقتنع بحتميتها، لاشك أنني أؤمن بأن مواقفنا مقرونة بالغايات، لكن هذا الاعتراف لا ينكر قيمة الانزياح التي تمارسه التقنيات الاجتماعية، وممارسة فعل الانزياح الواعي لا يعني تغيير غايات مواقفنا، إنما تغير أشكالها الإجرائية، وهذه مسلّمة ثانية علينا أيضا أن نقتنع بحتميتها.
إذا قرأنا بصورة واعية حركات نسوية مثل (women's Liberation Movement و Femminsm و Gender" سنجد أنها تركز على الدلالات القوامة والأهلية والولاية، وتعتبر الجنوسة أو الجندر من أشد الحركات النسوية ضراوة في هذا المجال، فحركة الجندر ظهرت نهاية السبعينيات الميلادية، لكنها لم تنتشر في العالم العربي إلا منتصف الثمانينيات، وواكب ظهور هذا المصطلح وثيقة بكين (1995)، ويقصد به (النوع)، وقد جاء بديلا عن مصطلح Sex الذي يعني الذكر والأنثى، وتبنتها حركات نسوية عربية في مصر عام 1994م ثم عام 2002، واليمن عام 2001م وسوريا مؤخرا عام 2003م، وهي تتبنى في مشروعها قضايا ثلاثا، العنف ضد المرأة، مشاركة المرأة في صناعة القرار السياسي، عمل المرأة، وتعرف الموسوعة البريطانية الهوية الجندرية Gender Identity" بأنها: شعور الإنسان بنفسه كنوع خاص، وليس بالضرورة أن تتوافق هوية النوع مع خصائصه البيولوجية، وهكذا تصبح الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة، بل تتحكم في تحولاتها العوامل النفسية والاجتماعية، وهكذا من الممكن أن تتغير الهوية الجندرية الأصلية (الذكورة أو الأنوثة) لاحقا، وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية عن طريق اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، لتتغير نسبة الأهلية والقوامة للمرأة في ممارسة العمل الاجتماعي، ومن هنا نادت الهوية الجندرية المتحولة بشرعية العلاقات المثلية، في حين ترى الجمعيات النسائية المتبنية لتلك بأنها: (الفروق بين الجنسين على أسس ثقافية واجتماعية، وليس على أساس بولوجي فسيولوجي)، إن حركات التمركز حول الأنثى ظهرت منذ البداية كردة فعل معاكسة للسلطة الذكورية أو كما يسميها البعض السلطة البطركية (الأبوية) الذي يعود أصله إلى عهد الحضارة الرومانية التي كانت تشرع للأب بيع وشراء الأبناء وتوريثهم وخاصة المرأة، وقد شاع هذا المصطلح في الفكر الماركسي عند إنجلز وماركس، فالفكر الماركسي ربط السلطة الأبوية بالدولة، أما الفكر العلماني فربط السلطة الأبوية بالدين فالرب عند العلمانيين هو الأب God The Father، ومن أجل التمرد على هذه السلطة يجب التمرد على الدولة والدين ذاته، وعلى ضوء هذه الحركات ظهرت المنظمات النسوية العالمية والعربية كمنظمتي WEDD (دبليو اي دي) منظمة النساء للبيئة والتنمية، وترأس هذه المنظمة سيدة الكونجرس السابقة بيللا آبزوج، ومنظمة CEDAW (سي اي دي اي دبليو) مكافحة التمييز ضد المرأة، ورغم تشكل تلك الحركات ومسمياتها وألوانها ظلت تحتفظ بذات مضامينها، التي تطلق من ثنائية العلاقة بين الرجل والمرأة، السلطة والذكورة والأبوية.. وسؤال.. لماذا المرأة تظل امرأة.. ولماذا الرجل يظل رجلا؟؟
وكانت إشكالية (اليان) و (الين) هي محور المواثيق المنتجة، التي سعت إلى التلاعب في نسب هذا التوازن المرقوم بكيمياء توظيفية من أجل البحث عن الحقوق الضائعة، ويذهب الفيلسوف والسوسيولوجي بورديو أن اضطرابات العلاقة بين الرجل والمرأة هي مرجع مدفون في اللاوعي الاجتماعي، وأنها تحولت إلى اعتقاد غير مرئي وغير محسوس في العلاقات ما بين الرجل والمرأة في النظام البطركي (الأبوي)، لذا ينبغي إفراز هذا اللاوعي، وتحويله إلى وعي يعيد كتابة التاريخ، وهكذا انطلقت الحركات النسوية تعيد كتابة التاريخ وفق قلب موازين المجتمعات البطركية.
ويقصد بمصطلح النسوية (منظومة فكرية، أو مسلكية مدافعة عن مصالح النساء، وداعية إلى توسيع حقوقهن) أو هي (هي انتزاع وعي) فردي بداية ثم جمعي)، متبوع بثورة ضد موازين القوى الجنسية والتهميش الكامل للنساء في لحظات تاريخية محددة، والنسويات مدارس كل منها ينطلق وفق تأطير تنظيمي مختلف، يحاول توثيق مسوغات تهميش المرأة واضطهادها ووسائل واستراتيجيات حمايتها وانتزاع حقوقها، وكانت الحركة النسوية الانغلو ساكسونيية، أول من أخرج مواثيق الحركات النسوية إلى ضوء النضال السياسي، وتتجذر الحركات النسوية وفق ثلاثة تيارات، النسوية الإصلاحية الليبرالية، والنسوية الماركسية، والنسوية الراديكالية.
وعلى المستوى الوطني العربي أنشئت منظمة المرأة العربية لأهداف منها مواجهة التحديات المستقبلية، والسعي إلى النهوض بقدراتها في ضوء تطوير واقع المرأة العربية، وتنمية قدراتها خلال التشريعات القائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وإدماج قضايا المرأة في أولويات خطط وبرامج التنمية الشاملة إضافة إلى عمل المنظمة على توعية المجتمع بقضايا المرأة وقدرتها على المشاركة في صنع القرار على مختلف المستويات، كما تهدف المنظمة إلى دعم المشاركة السياسية للمرأة من خلال استخدام (الكوتا) كإجراء إيجابي لزيادة نسبة تمثيلها في المجالس التشريعية، ومواقع اتخاذ القرار وزيادة نسبة عضوية المرأة في الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، أما المركز المصري لحقوق المرأة العربية فيقسم استراتيجيته وفق تقسيمات العالم العربي (منطقة المشرق العربي،ومنطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، ومنطقة المغرب العربي) وأهم بنود المركز فيما يتعلق بمنطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية هي:المحور الأول التحديات السياسية وتضم ضعف الحركة النسوية العربية، وغياب التنسيق والتشبيك، ضآلة نسب تواجد المرأة في مراكز صنع القرار، تهميش المرأة داخل مؤسسات المجتمع المدني، ضعف اقتصاد المرأة في المجالس التشريعية، الموروث الاجتماعي والثقافي الذ يحد من تمكين المرأة سياسياً، وتجسيد الدور النمطي للمرأة، غياب الممارسة الديمقراطية السلمية في بعض دول الخليج... والمحور الثاني الأولويات وتضم تقوية الحركة النسوية من خلال خطط مدروسة، زيادة نسبة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار إلى 30% كحد أدنى، تمكين المرأة في التنظيمات والمؤسسات في المجتمع المدني، تعزيز المنهج الديمقراطي (الكويت)، تغيير الموروث الثقافي والاجتماعي ليكون تجاه المرأة (اليمن).
وتقول (إلين سوربري) سفيرة الولايات المتحدة ومندوبتها إلى لجنة الأمم المتحدة الخاصة بأوضاع المرأة لابد من (توسعة مشاركة النساء السياسية في جميع أنحاء العالم هدف مهم آخر، ذلك أن تعزيز حقوق النساء من خلال المشاركة السياسية يحسن ليس فقط حياة النساء، وإنما حياة عائلاتهن أيضاً، ويحسن المجتمعات المحلية والمجتمع الكبير في جميع أنحاء العالم، ولا يمكن لأي دولة أن تصبح ديمقراطية حقا إن كان يتم تعمد إخماد صوت أكثر من نصف سكانها.
فبناء مجتمعات جيدة التنظيم يستدعي الإصغاء إلى آراء القطاع النسائي كمجموعة وأخذها بعين الاعتبار في العملية السياسية).
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved