الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 28th June,2004 العدد : 65

الأثنين 10 ,جمادى الاولى 1425

أعراف
ما الخوفُ
إلا ما تَخَوّفَه الفتى!!
مضى الوقتُ لا عندي من الشعر حمرة
ولا جمرة عندي يفزّ لها الشعرُ
هكذا مرت علي الأسابيع الماضية بعيداً عن الشعر والكتابة، قريبا من الحزن والصداع..
كلما اقتربت من البياض امتلأ بالدم، وأحرقه الرصاص. عينٌ على الوطن، وأعينٌ على الأمّة.
وكلما وضعتُ رأسي للنوم زارني والدي رحمة الله عليه، بعينيه الحانيتين، وصوته المتهدّج، وطوله الفارع ليحدثني عن النخيل والرمال، ومواقف الرجال، حتى أصبح الليلُ موعداً يومياً بيننا لا يخطؤه القلبُ، ولا ترجؤه العين.
حتى إذا ما كاشفت نهاري ظل عذب حديثه، ونصحه الحنون يصاحب تأملاتي:
أعيذها نظراتٍ منك صادقة
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورمُ
هكذا مرّت الأسابيع: نهارٌ مع الأحداث الجسام، وليلٌ ما به ليلٌ مع الذكريات والآلام.
وقد افتقدت الناس والأصدقاء، وكان من الذين لم أزرهم منذ زمن بعيد، سيد الشعر أبو الطيب المتنبي الذي بادرني حين وقعت عيني عليه:
إذا ترحّلت عن قوم وقد قدروا
ألا تفارقهم فالراحلون همُ
شرحت له الحال: حالي، وحال أمتي، بل حال أمتي وحالي، فابتسم وما استطعت تمييز ابتسامته، ولعلها كانت الأقرب إلى:
إذا رأيت نيوبَ الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسمُ
لكنَّ مااستطعت تمييزه بوضوح، هو هذه القصيدة التي ألقاها عليّ وظلّ صداها يرنّ في أذني وهي:
نزورُ دياراً ما نُحبّ لها مغنى
ونسألُ فيها غيرَ ساكنها الإذنا
نقودُ إليها الآخذاتِ لنا المدى
عليها الكماةُ المحسنونَ بها ظنا
ونصفي الذي يُكنى أبا الحسنِ الهوى
ونُرضي الذي يُسمى الإلهَ ولا يُكنى
وقدْ علمَ الرومُ الشقيونَ أننا
إذا ما تَركنا أرضهمْ خلفنا عُدنا
وأنا إذا ما الموتُ صرحَ في الوغى
لبسنا إلى حاجاتنا الضربَ والطعنا
قصدنا لهُ قصدَ الحبيبِ لقاؤهُ
إلينا وقلنا للسيوفِ هلمنا
وخيل حشوناها الأسنةَ بعدما
تكدسنَ من هنا علينا ومن هنا
ضُربنَ إلينا بالسياطِ جهالةً
فلما تعارفنا ضُربنَ بها عنا
تعدّ القرى والمسْ بنا الجيش لمسةً
نبارِ إلى ما تشتهي يدكَ اليمنى
فقدْ بردتْ فوقَ اللقانِ دماؤهمْ
ونحنُ أناسٌ نتبعُ الباردَ السخنا
وإنْ كنتَ سيفَ الدولةِ العضبَ فيهمُ
فدعنا نكنْ قبل الضرابِ القنا اللدنا
فنحنُ الألى لا نأتلي لكَ نصرة
وأنتَ الذي لوْ أنهُ وحدهُ أغنى
يقيكَ الردى من يبتغي عندك العلى
ومن قال لا أرضى من العيش بالأدنى
فلولاكَ لم تجرِ الدماءُ ولا اللهى
ولم يكُ للدنيا ولا أهلها معنى
وما الخوفُ إلا ما تخوفهُ الفتى
وما الأمنُ إلا ما رآهُ الفتى أمنا
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved